17 فبراير 2025, 4:01 مساءً
قال نائب الأمين العام في جمعية عناية، مشاري محمد بن دليلة إن الله عز وجل لما خلق الأرض وأوجد فيها البشر وضع فيها نواميس كونية تتعلق بالصحة والمرض والقوة والغنى والفقر والابتلاءات، وغيرها من النواميس الكونية التي تؤثر على الحياة البشرية، فهو سبحانه من خلق هذا الكون والعالم بأسره المطلع على خفاياه وكل أسراره، وهو من قدّر الأقدار، ومشيئته سبحان فوق مشيئة البشر، وعندما تتأصل تلك النواميس الربانية في أنفسنا عندها تطمئن النفوس وترضى بما قدره سبحانه علينا.
وأضاف بن دليلة أن الله عز وجل لما خلق البشر فضلهم وكرمهم على كثير من خلقه، قال الله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"، ومن نعم الله عز وجل أن الشريعة الإسلامية ساوت بين البشر ولم تفرق بينهم إلا بالتقوى قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، كما نهت الشريعة الإسلامية عن الفخر بالأنساب والتعصب للجنس، مؤكدةً على أهمية الأخلاق والقيم الإنسانية التي تجمع بين الناس بغض النظر عن أصولهم وأجناسهم. فقد دعا الإسلام إلى التواضع والتعاون والمحبة بين المسلمين وبين كافة الناس، تعزيزًا للمساواة والعدالة والتعايش السلمي.
وتابع: وفي الحديث عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله ﷺ قال: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)، رواه مسلم. وهذا يؤصل لنا أن كرامة بني آدم ليست في النسب بل بالتقوى، وقرب الناس من الله يوم توضع الموازين إنما يكون بالعمل الصالح.
وأشار إلى أنه عندما نفهم القيم والسنن الكونية، ندرك أن الحياة الدنيا قصيرة، ويهون علينا كل أمر قدّره الله سبحانه وتعالى على خلقه. ومنذ أن أوجد الله البشرية وهي تتعرض للابتلاءات، ومنها أن يُحرم الإنسان من دفء الأسرة، أو معرفة أصوله، فينشأ دون أن يدرك في صغره حقيقة هذا التحدي. لكن مع مرور الوقت، قد تتكاثر عليه الأسئلة حول جذوره وانتمائه. غير أن العاقل هو من يسمو فوق هذه التساؤلات، مدركًا أن قيمته عند الله لا تُقاس بمثل هذه الأمور، كما جاء في الحديث الشريف: 'إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
واستطرد: وهنا سؤال لكل من لا يعرف أبويه: هل الحياة تقف لعدم معرفتهم؟ ونكبر ذلك في أنفسنا ونتحسر ونضرب الخدود ونشق الجيوب أم نتكيف مع الحياة ونرسم المستقبل ونعيش بأفق واسع؟ وهناك من النوابغ والأذكياء والمؤثرين من لا يعرف أبويه ولكنه شق طريق الحياة ورسم خارطتها وجعل تلك القضية غير ذات أولوية. ولله الحمد والمنة في بلادنا المباركة وقيادتنا الحكيمة، لا تفرق بين أبنائها في كل شيء. فالعدل هو أساسهم وتلك الفئة الغالية احتضنتها وأخذت بيدها حتى تكبر وتنخرط في الحياة.
وختم: وقد أوجدت المحاضن التي تُعنى بالرعاية والتمكين والاهتمام كمؤسسة إخاء لرعاية الأيتام وجمعية الوداد لرعاية الأيتام التي تقدم الرعاية والتمكين والمحيط الأسري المناسب، كما يسرت له أن يعيش بين عائلة تتبنى تربيته وتعطيه الحب والقيم النبيلة والأخلاق السامقة، وهذه الرعاية كلها في بلادنا ما كانت إلا بتوفيق من الله ثم بنظرة أبويه واحتوائية من قادة بلادنا، نسال الله أن يحفظهم بحفظه وأن يبارك في أبنائنا وبناتنا وأن يحفظ أيتامنا من كل شيطان مريد.