مع اقتراب موعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المحدد صباح الأحد، بدأت لجان الطوارئ والدوائر الحكومية المختلفة في تجهيزات مكثفة لتنظيم أوضاع القطاع في اليوم الأول للسلام، بعد أكثر من 470 يوماً من النزاع.
تأتي هذه التحضيرات مع عودة المواطنين تدريجياً إلى المناطق التي سينسحب منها الجيش، حيث أعلنت وزارة الداخلية في غزة اليوم عن إتمام كافة الاستعدادات لنشر قواتها في مناطق مختلفة لضمان أمن وسلامة المواطنين، وتنظيم عودتهم، وتأمين الممتلكات العامة والخاصة، وإعادة فتح الطرق أمام النازحين.
تتضمن الخطط المقبلة تنسيق جهود الحكومة مع المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم اللازم للسكان المتأثرين، حيث ستعمل الفرق على توفير المساعدات الأولية وتنظيم اللقاءات لضمان سير العمليات بسلاسة وسرعة.
وفي سياق متصل، بدأت مجموعة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) وشركتا الهاتف المحمول “جوال” و”أوريدو” أعمال الصيانة وتركيب الهوائيات الجديدة في المناطق التي كانت محظورة بما يسهل عودة التواصل والخدمات للمواطنين.
قال المتحدث باسم وزارة الداخلية: “نؤكد أننا ملتزمون بتأمين حياة المواطنين وننشد تعزيز الأمن في قطاع غزة في هذه المرحلة الحرجة. نحن هنا لتلبية احتياجات المواطنين وضمان عودتهم الآمنة.”
وفي سياق متصل بدأت بلديات وسط وجنوب القطاع عمليات فتح الطرق وإزالة الركام من الشوارع ومسارات الطرق الفرعية، بشكل سمح بمرور المركبات والسيارات تحضيرا لعودة جماعية للنازحين لمنازلهم.
كما بدأت مصلحة بلديات الساحل بمد خطوط لنقل المياه للمناطق التي من المتوقع أن يعود إليها النازحين في الأيام الأولى لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
كما تجري استعدادات مكثفة في مقار الجمعيات الأهلية والخيرية والمنظمات الدولية المختلفة، لاستقبال آلاف الشاحنات الإغاثية، التي ستبدأ بالتدفق مع الساعات الأولى لدخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وفي هذا الصدد أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني انتهاء استعداداتها لإقامة مستشفى ميداني كبير، في منطقة السرايا وسط مدينة غزة لاستقبال المرضى والجرحى من وسط وجنوب القطاع الذين ستبدأ عودتهم بالتدريج في الأسبوع الثاني من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وبالنسبة للقطاعات الاقتصادية والتجارية والمالية المختلفة، فهي الأخرى تستعد لعودة تدريجية للنشاط المنوط بها، حيث أعلن بنك فلسطين أنه سيدخل عشرات من صرافات “ATM” لإنهاء أزمة السيولة النقدية، وعودة بعض فروعه للعمل لإنجاز معاملات المواطنين التي تراكمت منذ اليوم الأول للعدوان.
أما القطاعات التجارية المختلفة، فهي تستعد لاستقبال طلبات الاستيراد كما كان عليه الوضع قبل العدوان، وسط توقعات أن يزيد عدد الشاحنات التي سيسمح بدخولها للقطاع يوميا أكثر من 600 شاحنة تجارية وإغاثية.
أما محطات تعبئة الوقود فهي تستعد لاستقبال آلاف الأطنان من الوقود والغاز الطبيعي تمهيدا لعودة نشاطها كما كان عليه الوضع في السابق.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 469 يوما على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 157 ألفا و200 شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ومساء الأربعاء الماضي، أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، نجاح جهود الوسطاء (الدوحة والقاهرة وواشنطن) في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
ويتكون الاتفاق من ثلاث مراحل مدة كل منها 42 يوما، ويتضمن وقفا للعمليات العسكرية، وانسحاب جيش الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة وفتح معبر رفح وتعزيز دخول المساعدات عبره.
ويشمل الاتفاق في مرحلته الأولى الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات”.