يكشف تقرير الأمم المتحدة عن كارثة غذائية تتفشى في مصر، حيث يكشف الواقع المرير عن ملامح واقع أسود يعاني منه ملايين المصريين، مع تفشي جائحة الفقر وسوء التغذية الذي يدمر مستقبل الأجيال القادمة.
تتفاقم معاناة 9.4 مليون مصري يعانون من سوء التغذية، بينما يتعرض 33.1 مليون آخرين لانعدام الأمن الغذائي، ما يعكس حجم الكارثة التي يمر بها الشعب في ظل غياب أي حلول جدية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ترافق مع زيادة ملحوظة في السمنة بين الأطفال، في مؤشر خطر يضاف إلى تراكم المشاكل الصحية في البلاد. يواجه الشعب المصري أزمة غذائية حادة وسط ظروف اقتصادية ومناخية قاسية تساهم في تعميق الأزمة بشكل كارثي.
بينما تزداد تكلفة الغذاء بشكل جنوني، إذ تصل تكلفة الغذاء الصحي للفرد في مصر إلى 4.55 دولارات يوميًا، الأمر الذي يفاقم المعاناة، خاصة مع أكثر من 9 ملايين شخص يعيشون على حافة الفقر، ولا يجدون قوت يومهم.
تلك الأرقام المروعة تعكس مدي الانهيار الحاد الذي تعاني منه البلاد على مختلف الأصعدة، إذ يتمكن حوالي 44.4% فقط من الشعب المصري من تحمل تكاليف الغذاء الصحي، وهو ما يساوي 49.3 مليون مصري، مما يجعل التغذية السليمة حلمًا بعيد المنال للجماهير الواسعة.
علاوة على ذلك، أظهرت التقارير الدولية أن الفقر لم يعد مقصورًا على الغذاء فحسب بل يمتد إلى شح المياه أيضًا.
فقد أظهرت الحكومة المصرية في تقاريرها الرسمية أن العجز المائي في البلاد وصل إلى 55%، حيث يعتمد المصريون على مصدر مائي واحد، وهو نهر النيل، بنسبة 98% من احتياجاتهم المائية. تلك الأرقام المرعبة تعني أن مصر تقع تحت خط الفقر المائي العالمي، الأمر الذي يهدد الحياة اليومية ويضاعف الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
بالرغم من تلك الأزمات العميقة التي تعصف بالبلاد، فإن الواقع يكشف عن تضخم الفساد الذي يعزز من معاناة المواطنين.
فالمال العام في مصر يضيع في مستنقع الفساد بأرقام خيالية، حيث يتم التحكم في ما يقرب من 60% من الإنتاج المحلي من قبل فئة محدودة من الأفراد، بينما يحصل 60 مليون شخص على 18% فقط من الموارد، ويعيش 40 مليون على 22% من إجمالي الإنتاج المحلي.
تتوزع الثروات بشكل غير عادل، ما يساهم في تعزيز هوة الفقر بشكل مرعب. يلتهم الفساد ما يعادل 141 مليار جنيه من خزينة الدولة، فيما يعيش 60 مليون مواطن على 41.5 مليار، ويكتفي 40 مليون آخرين بـ 52.5 مليار، في مشهد عبثي يعكس واقعًا مأساويًا يهدد استقرار البلاد.
وبالرغم من ضخامة المبالغ التي يتم تدفقها إلى البلاد، حيث تصل إلى أكثر من 80 مليار دولار في العام الجاري، إلا أن الأزمة الاقتصادية لا تزال على أشدها.
هذا التضارب الكبير بين الأموال التي تتدفق إلى الاقتصاد المصري والمشاكل التي يواجهها المواطنون يكشف عن عجز الحكومات المتعاقبة في معالجة الأزمات المتراكمة، الأمر الذي يعزز من شكوك المراقبين في أن هناك تلاعبًا بالموارد وتوظيفًا غير صحيح للأموال العامة.
من جانب آخر، أظهرت التقارير الأممية أن الوضع الاجتماعي يتدهور بشكل متسارع، إذ ارتفعت معدلات السمنة بين الأطفال في مصر بشكل ينذر بكارثة صحية كبيرة، حيث يعاني الأطفال من نقص التغذية وسوء النوعية الغذائية في آن واحد. تتحول الظاهرة إلى تحدٍّ صحي من شأنه أن يقضي على جيل كامل من الأطفال إذا استمر الوضع على هذا المنوال.
والأدهى من ذلك أن مصر، التي تواجه هذا الواقع المرير، تستمر في السقوط في هوة الفساد، حيث تنفق الدولة الأموال على مشاريع وهمية، بينما يغرق المواطنون في بحر من المعاناة.
في الوقت نفسه، تزداد معدلات البطالة والفقر، ويتزايد معدل التضخم ليحطم آخر الآمال في تحسين الظروف المعيشية للشعب.
إن هذه الأزمات التي يمر بها الشعب المصري هي نتاج طويل الأمد للسياسات الاقتصادية الفاشلة، التي لم تضع في اعتبارها مصالح الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
في ظل غياب أي استراتيجية حقيقية للإنقاذ، يبقى المواطن المصري يدفع الثمن باهظًا، من غذاء غير صحي إلى مياه ملوثة، وطرق مسدودة لا تقدم أية حلول للأزمات المتفاقمة.
فإن الوضع في مصر لم يعد يحتمل السكوت عنه. المستقبل يبدو قاتمًا، والأفق غائم، والشعب يواجه أزمة غذائية ومائية قد تكون الأسوأ في تاريخ البلاد.
من هنا تبرز الحاجة الملحة إلى تبني حلول جذرية لمكافحة الفساد، وتحسين مستوى حياة المواطنين، وتنفيذ إصلاحات عاجلة تضع حدًا لمعاناة المصريين اليومية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط