أخبار عاجلة

تجاهل المطالب وتفجير أزمة جديدة في صفوف القضاة وتهديداتهم بالتحقيق والعزل

شرعت وزارة العدل في تصرفات غريبة تمثلت في الاكتفاء بالتحقيق الشفوي مع 48 قاضياً، بعد إحالتهم للتحقيق إثر نشرهم تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي.

عبّر هؤلاء القضاة عن استيائهم من تردي أوضاعهم المالية، وشكوا من غياب المساواة في الامتيازات المالية بين الهيئات القضائية الثلاث: “العادي” و”الإداري” و”الدستوري”.

ورغم صدور قرار من المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسة الرئيس السيسي بتوحيد الرواتب والحقوق المالية بين هذه الهيئات، إلا أن تطبيق هذا القرار ظل حبراً على ورق، ما دفع هؤلاء القضاة إلى التحرك للتعبير عن سخطهم. ويعتبر إحالتهم للتحقيق بسبب تلك الشكاوى مذبحة جديدة للقضاة.

أظهرت وزارة العدل عجزة واضحاً في التعامل مع القضية، واكتفت بتحقيق شكلي غير رسمي مع القضاة المحالين. بل تجاوزت ذلك إلى التهديد الصريح لهم بعواقب وخيمة في حال تكرار هذه المواقف.

تضمنت هذه التهديدات إمكانية إحالتهم إلى مجلس الصلاحية ومواجهة العزل النهائي من القضاء، خاصة إذا استمروا في نشر تلك الشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

جرى إعادة القضاة إلى عملهم فوراً بعد تعليق قرارات وقفهم، في خطوة غريبة لم تُفسَّر سوى بأنها محاولة سريعة لاحتواء الأزمة ومنع أي تصعيد إعلامي.

جاء هذا القرار في سياق تحذير القضاة من مناقشة الأمور القضائية عبر مواقع التواصل، والالتزام بالقنوات الرسمية لتقديم الشكاوى المتعلقة بالأوضاع المالية والامتيازات.

أثار هذا التصرف الرسمي موجة غضب وانتقادات حادة من داخل الأوساط القضائية، التي رأت أن الحكومة تحاول قمع المطالب الشرعية للقضاة، وتفضح تناقضات النظام في التعامل مع مشكلاتهم.

اكتفى وزير العدل والجهات الأمنية المعنية بالتعامل مع الأزمة بسطحية، سعياً لمنع تفاقمها وتحولها إلى قضية رأي عام أو استغلالها من قبل المعارضة الخارجية.

أعادوا القضاة إلى مواقعهم فوراً، خشية أن تُفسر الخطوة بأنها اعتراف بوجود تمرد أو حالة انقسام داخل المؤسسة القضائية.

أظهرت مصادر مطلعة أن تعليمات رئاسية صدرت على أعلى مستوى لتسريع تنفيذ قرارات المساواة بين الهيئات القضائية المختلفة، ومحاولة إصلاح الوضع الحالي الذي يفضح وجود تباين غير مبرر في الامتيازات المالية بين القضاة.

يأتي هذا في ظل قلق متزايد من تفاقم الأزمة، خاصة مع تزايد الأصوات المنتقدة من داخل الجهاز القضائي. تشير تلك المصادر إلى أن النظام يحاول جاهداً منع أي صورة قد تشير إلى وجود ممارسات تمييزية داخل المؤسسة القضائية، الأمر الذي قد يُحدث زلزالاً في الرأي العام، ويفتح الباب أمام اتهامات بالاعتداء على استقلال القضاء.

أكدت المصادر نفسها أن تدهور الأوضاع المالية للقضاة يشكل تهديداً صريحاً لاستقلالهم، وهو أمر يفتح الباب على مصراعيه لفساد محتمل في صفوف القضاء.

حيث قد يجد بعض القضاة أنفسهم مضطرين للانحراف عن مهامهم وتلقي رشاوى أو تقديم خدمات غير قانونية مقابل الحفاظ على مستوى معيشتهم، خاصة في ظل التفاوت الكبير في الرواتب والامتيازات بين الهيئات القضائية.

يشير هذا إلى أن النظام يعجز حتى الآن عن حل مشكلة الأوضاع المالية للقضاة، رغم أنها من أكثر القضايا حساسية وخطورة على استقرار البلاد.

تكرر الحكومة الحديث عن استقلال القضاء وضرورة الحفاظ على مكانته، بينما في الواقع تقف مكتوفة الأيدي أمام مشاكل جوهرية تعصف بسمعة المؤسسة القضائية.

تُظهر الوقائع أن التعامل السطحي مع مطالب القضاة وعدم الالتزام بتنفيذ القرارات الرسمية الصادرة عن المجلس الأعلى للهيئات القضائية يعمق الانقسام ويفتح المجال لانتقادات لاذعة قد تؤدي إلى اهتزاز ثقة الناس في عدالة النظام القضائي برمته.

يتجنب المسؤولون في الحكومة فتح الملفات الشائكة بشكل حقيقي، ويفضلون تسويتها بسرعة وبطرق لا تقدم حلولاً جذرية.

ويبدو أن سياسة القمع الخفية والموجهة للقضاة تنطوي على رسائل تهديد واضحة: أي محاولة لكشف المستور أو المطالبة بحقوق مشروعة عبر وسائل غير رسمية ستُقابل بردود فعل عنيفة تشمل العزل والتهميش، ما يجعل القضاة يعيشون تحت تهديد دائم بفقدان وظائفهم.

يتجلى من كل تلك التحركات أن هناك إرادة خفية لطمس كل المطالب التي قد تُثير الجدل أو تفتح نقاشاً عاماً حول حقوق القضاة ومساواتهم، وهو ما يكشف ضعف النظام الحالي في التعامل مع الأزمات الجوهرية التي تمس ركائز العدالة في البلاد.

يستمر النظام في اتباع سياسة “الصمت القسري” مع القضاة، ويهددهم بأقسى العقوبات في حال عدم الالتزام بخطوط النظام الحمراء، وهو ما يمثل كارثة قادمة قد تعصف بمؤسسة القضاء ككل، إن لم يتم التعامل مع هذه القضية بجدية واستعجال.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، تتصاعد الأصوات من داخل المؤسسة القضائية ذاتها مطالبةً بضرورة التدخل الفوري لحل المشكلات المتفاقمة، ومعالجة التمييز المالي، وتنفيذ القرارات التي تكفل المساواة بين القضاة، وإلا فإن النظام قد يواجه عصياناً غير مسبوق في صفوف قضاة طالما كانوا يُنظر إليهم على أنهم حماة العدالة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كارثة الرسوم الجمركية على الهواتف المحمولة: الحكومة تستنزف المصريين بـ 60 مليار جنية
التالى 61% من المصريين يأملون في 2025 والبقية يتوقعون تدهوراً كارثياً أسوأ من الآن