أرسل عبدالحليم سعيد مدير عام الإدارة العامة للمراجعة الداخلية والحوكمة بالهيئة العامة لقصور الثقافة مصطفى محمد صلاح والشهير بمصطفى ياسين إلى فرع ثقافة المنيا منذ حوالي شهر رغم وجود خالد عثمان مدير إدارة المراجعة الداخلية والحوكمة في إقليم وسط الصعيد الثقافي وعدد كبير من أعضاء الإدارة لديهم من الخبرة والدراية ما يفوق مصطفى ياسين.
كانت هذه الخطوة غير مبررة لا من ناحية الخبرة ولا من ناحية الحاجة الفعلية لهذا التفتيش، لأن مصطفى ياسين الذي تم إرساله معروف بسلوكه المثير للمشاكل في أي مكان يتواجد فيه، فبدلاً من أداء عمله بالشكل المطلوب، يتعامل مع زملائه وكأنه ضابط مباحث جاء لاصطياد الأخطاء بأدواته الخاصة من الإرشاد والتقويم وتصويب الأخطاء.
استمر عبدالحليم سعيد في نهجه الغريب عندما أرسل داليا إبراهيم، عضو الإدارة العامة للمراجعة الداخلية والحوكمة، إلى محافظة الوادي الجديد منذ أسبوعين للتفتيش على مقر إدارة فرع الوادي الجديد وقصر ثقافة الخارجة، رغم وجود أعضاء آخرين في فرع الوادي الجديد هم مختار عادل سيد ونشوى زكريا اللذان لا يتجاوز دورهما سوى الوقوف دون القيام بأي عمل يُذكر.
كان واضحاً أن وجودهم في هذا المكان مخالف للهيكل الوظيفي للهيئة، حيث لا يوجد تفتيش ضمن الهيكل الإداري للفروع الثقافية، وأن الإدارة المسؤولة عن التفتيش تابعة للإقليم.
ورغم ذلك، تم تغاضي عبدالحليم سعيد عن هذه المخالفة، خاصةً وأن مختار عادل كان يتمتع بعلاقة قوية مع أعضاء الإدارة العامة للمراجعة الداخلية، حيث اعتاد على تقديم الهدايا المميزة لهم.
يظهر جلياً أن عبدالحليم سعيد قد اختلق كذبة عندما ادعى أن تكليف أعضاء المراجعة الداخلية والحوكمة بالذهاب إلى فرع ثقافة المنيا وفرع ثقافة الوادي الجديد جاء بناءً على طلب جهات رقابية.
هذه الادعاءات هي محض كذب وافتراء تهدف إلى التغطية على الفساد المستشري داخل الهيئة، حيث إن الحقيقة هي أن هذه التحركات تمت بهدف الضغط على نائب رئيس الهيئة الضعيف والمهزوز، الذي لا يملك من أمره شيئاً.
وفي الوقت الذي كانت فيه الهيئة تنفق الأموال على هذا التفتيش غير المبرر، كانت هناك أسئلة مشروعة تطرح نفسها: ما هو السر وراء إصرار عبدالحليم سعيد على إهدار المال العام بهذه الطريقة؟ لماذا يتم إرسال مفتشين من القاهرة إلى الفروع الثقافية والإقليمية رغم وجود أعضاء بلا عمل؟
ولماذا لم يتم الاستفادة من هؤلاء الأعضاء الموجودين بالفعل في الأماكن المحددة؟ تكاليف إرسال مصطفى ياسين وداليا إبراهيم قد تجاوزت ثلاثين ألف جنيه مصري، دون أن تسفر هذه التحركات عن أي نتيجة أو فائدة تُذكر.
يظهر من هذا التصرف أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت قيادة عبدالحليم سعيد تُسهم بشكل كبير في إهدار المال العام، حيث أن هذا التبديد الواضح للموارد المالية هو مجرد جزء من فساد أكبر يعصف بكافة جوانب العمل داخل الهيئة.
إذا كانت الهيئة قد خصصت هذه المبالغ من أجل تأدية عمل حقيقي في التفتيش والرقابة، فإن هذا كان يمكن أن يكون مقبولاً، لكن الأرقام الواردة تشير إلى أن الهدف كان في الواقع غير ذلك.
ليس من المقبول أن تستمر هذه التصرفات المخالفة للقانون، ولا بد من محاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام بهذه الطريقة الفوضوية.
إن تسلسل الأحداث الذي تم عرضه يكشف بوضوح عن فساد إداري ومهني مستشري في الهيئة العامة لقصور الثقافة، ويؤكد أن الهيئة بحاجة إلى عملية إصلاح حقيقية تبدأ بمحاسبة كل من كان له دور في هذه التجاوزات.
ولا يخفى على أحد أن إهدار المال العام على هذا النحو يتطلب تدخل الجهات الرقابية والقضائية لمعاقبة المسؤولين عن هذا الفساد الكبير الذي يعد بمثابة مستنقع فساد لا ينتهي.
فبدلاً من أن تُخصص الأموال لصالح الأنشطة الثقافية والفنية التي تخدم المجتمع، تُهدر في تحركات غير مبررة لا طائل من ورائها سوى إرضاء أطراف معينة داخل الهيئة التي استسهلت استنزاف الموارد المالية دون أي رقيب أو حسيب.
ويبقى السؤال الأهم الآن: من سيحاسب عبدالحليم سعيد وبقية المسؤولين في الهيئة عن هذا الفساد المستشري؟ وكيف يمكن منع تكرار مثل هذه التصرفات التي تهدر المال العام وتعرقل أي جهود حقيقية للإصلاح؟ يحتاج الوضع إلى تحقيق شامل وجاد لكشف خيوط هذا الفساد، ووضع حد للعبث الذي طالما أضر بمصلحة العمل داخل الهيئة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط