الجمعة 17 يناير 2025 10:12 مساءً
قدمت رواية "ابنة الديكتاتور" للأديب مصطفى عبيد، وجبة سياسية دسمة للقراء من خلال تحليل معمق لحال الدولة المصرية في عهد الملكية وما بعد ثورة 1952 وإعلان الجمهورية.
تعد رواية "ابنة الديكتاتور" الصادر عن دار المصرية اللبنانية، عملًا أدبيًا سياسيًا تاريخيًا، مزج الكاتب فيه ببراعة بين فنون الأدب والتأريخ، وبين الواقع والخيال ليخرج لنا عملًا متكاملًا عن الحياة السياسية في تلك الفترة الهامة من تاريخ مصر.
رسمت رواية "ابنة الديكتاتور" خريطة الحياة السياسة في مصر في تلك الحقبة من خلال ممارسات جهاز الأمن السياسي المصري المعروف بـ"البوليس السياسي"، والانحرافات الأخلاقيات التي كان يرتكبها في سبيل كشف نوايا صفوة المجتمع والشخصيات الدبلوماسية المهمة.
مزج الحقيقة بالخيال في رواية "ابنة الديكتاتور"
مزج الكاتب شخصيات سياسية حقيقية داخل روايته مصحوبة بتحليل شخصياتهم وأفكارهم، مثل إسماعيل صدقي، رئيس الوزراء سابقًا، ومصطفى أمين مؤسس دار أخبار اليوم، والأديب المفكر عباس العقّاد، والشاعر إبراهيم ناجي، والكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وحتى الكاتب نفسه مصطفى عبيد، واستعان بوثائق تاريخية حقيقية.
دارت أحداث رواية "ابنة الديكتاتور" على أنغام أغاني المطربة فيروز، وسط الاستعانة بأبيات المتنبي، التي ولعت به بطلة الرواية حفيدة "سناء بشكاش" في رحلة بحثها عن حقيقة قصة حياتها الحقيقية التي تجهلها تمامًا برغم أنها تربت في أحضان جدها وتعلمت منه حرية التفكير المنطقي، وحب الثقافة والأدب.
تطرقت رواية "ابنة الديكتاتور" إلى فلسفة الأحلام والرؤى ومدى ارتباطها بالواقع وهل هي رسائل ربانية أم رسائل شيطانية، وهل حقًا انتهى زمن المعجزات أم أنه لا يزال مستمرًا، ومنحة بمنحها الله _ عز وجل_ لمن يستحقها، كما امتزجت بالمشاعر العاطفية باستخدام الرسائل والشعر في التعبير عن الحب الحقيقي الصادق.
تقص رواية "ابنة الديكتاتور" حكاية امرأة عملت في الحركة الأمنية السرية في مصر خلال الفترة من الأربيعنيات حتى نهاية عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتروي أسرار تلك الفترة من واقع عملها.
لمحات من حكاية "ابنة الديكتاتور"
"سناء بشكاش" ضحية الفقر، التي ولدت عام 1929، قادها القدر لبيوت أحد رجال الأمن، الذي ينتهك حرمة جسدها في سن مبكر ليخضعها له جسديًا وفكريًا، ويجندها لصالح أحد الأجهزة الأمنية، والذي كان يبيح استغلال النساء في علاقات غير مشروعة بهدف جمع المعلومات.
تربت سناء على الفكر الاستغلالي القمعي فتبنت فلسفة الغاية تبرر الوسيلة واستباحت كل شيء حتى انتهاك القيم والمبادئ تحت شعار "مصلحة الوطن"، حتى أدركت أن الديكتاتورية هي المحرك الفعلي للانحرافات وأنها تتغير بتغير الأزمنة والحكام، فقالت في نهاية حياتها: "تذكرت كيف كان مصطلح ديكتاتور في الماضي محل فخر، ربما لأننا لم نر وقتها ديكتاتورا عنيفا ومستبدا، ثم صار المصطلح مرادفا للسفاحين والمتجبرين ومبعثري كرامات البشر بعد أن عاصرنا حكام ثورة يوليو حاكما خلف آخر".
وظهرت فلسفة منظومة الأمن آنذاك، حين قال أحد رجالها للبطلة: " الأسرار الحقيقية تحتاج لمن يقتربون من الناس أكثر ويتسللون إلى مخادعهم، يطلعون على نقاط ضعفهم، ويطالعون عريهم الإنساني. نحن نخوض حربا شرسة، بأسلحة غير تقليدية، ونحتاج أن نُضحي في سبيل الوطن بكل شيء لنحافظ عليه".