تشهد مدينة جرمانا السورية توترات أمنية متصاعدة إثر إخفاق إحدى الميلشيات في التخلي عن سلاحها، وسط إصرار الحكومة الإسرائيلية على تعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
في ساعات متأخرة من يوم السبت، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أوامر للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لحماية مدينة جرمانا، والتي تُعتبر منطقة ذات أغلبية درزية. يأتي هذا القرار في وقتٍ تقوم فيه الحكومة الإسرائيلية بتصعيد موقفها ضد الإدارة السورية الجديدة، التي تطالب بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لسيادة البلاد.
تظهر التقارير أن مدينة جرمانا، القريبة من العاصمة دمشق، قد تحولت إلى بؤرة توتر مع تفاقم الوضع الأمني، خاصةً مع تصاعد الأنشطة من الميلشيات المحلية. وحتى الآن، لم يُصدر أي تعقيب رسمي من الحكومة السورية حول الموقف المتدهور في المنطقة.
وتُعتبر جرمانا منطقة ذات خصائص ديموغرافية غنية، إذ تضم سكانًا من مختلف الطوائف، بما في ذلك الدروز، والمسيحيين، والمسلمين (سنة وشيعة)، مما يزيد من التحديات في إدارة الوضع الأمني المعقد.
وقال أحد المراقبين: “الاستقرار في جرمانا أمر حيوي لحماية النسيج الاجتماعي في المدينة. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل نحو تخفيف حدة التوتر والتوصل إلى حلول سلمية”.
توترات أمنية في جرمانا: مقتل عنصر أمن سوري على يد مليشيا مسلحة
شهدت مدينة جرمانا توترات أمنية خطيرة مساء الجمعة، أدت إلى مقتل أحد عناصر الأمن السوري برصاص مليشيا مسلحة مرتبطة بالنظام السابق، تدعى “درع جرمانا”.
وفي التفاصيل، أفاد مدير مديرية أمن ريف دمشق المقدم حسام الطحان، أن عناصر تابعة لوزارة الدفاع كانت في زيارة لأقاربهم في جرمانا، حيث تم إيقافهم عند حاجز يتبع لمليشيا “درع جرمانا” ومنعهم من الدخول أسلحتهم. وأوضح الطحان أن عناصر وزارة الدفاع تعرضوا للضرب والشتائم بعد تسليمهم أسلحتهم، مما أدى إلى تبادل إطلاق النار بعد ذلك.
وأضاف الطحان: “عقب حادثة إطلاق النار، قتل أحد العناصر على الفور، فيما أصيب عنصر آخر وأسره عناصر الحاجز. كما شهد قسم الشرطة في المدينة هجومًا أدى إلى طرد عناصره وسلب أسلحتهم، ورغم نفي مليشيا “درع جرمانا” في البداية احتجاز العنصر الأسير، إلا أنه تم تسليمه لاحقًا بعد التواصل مع الوجهاء”.
وأكد المقدم الطحان أن قوات الأمن ستواصل جهودها، بالتعاون مع الوجهاء في المدينة، لملاحقة جميع المتورطين في حادثة إطلاق النار. وأشار إلى أنه “لن نسمح لأي جهة كانت بالتعدي على وحدة سوريا، ومشكلتنا الوحيدة تقتصر على من ارتكبوا الهجوم والاعتداء”.
إسرائيل تعزز استجابتها الأمنية لحماية الدروز في سوريا
أعلنت إسرائيل عن اتخاذ تدابير عسكرية لحماية منطقة جرمانا الدرزية، في خطوة تأتي في ظل تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة.
قالت هيئة البث العبرية الرسمية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف كاتس قد حثا الجيش على التحضير لحماية منطقة جرمانا، التي تبعد حوالي 60 كيلومترًا عن الحدود الإسرائيلية. يأتي هذا التوجيه في وقت حساس حيث تتزايد المخاوف من تأثيرات الإدارة الجديدة في سوريا على الطائفة الدرزية.
وذكرت الهيئة أن مكتب نتنياهو قد أصدر بيانًا قويًا يحذر فيه من مغبة المساس بالدروز في سوريا، مؤكدًا: “إذا تعرض الدروز للأذى، فسنرد على ذلك”. هذا التحذير يعكس التزام إسرائيل بحماية الأقليات الدينية والثقافية على حدودها، خاصةً في ظل التغييرات السياسية المستمرة في المنطقة.
رفض التدخل الإسرائيلي: أهالي جرمانا يؤكدون على وحدة النسيج الاجتماعي السوري
في موقف قوي ضد التدخل الخارجي، أعرب ربيع منذر، عضو مجموعة العمل الأهلي في جرمانا، عن رفضه الحاسم لتدخلات إسرائيل في الأحداث الجارية بمدينته، مؤكداً أن المجتمع السوري هو الذي يحميهم.
وفي تصريحات متلفزة، قال منذر: “نحن نعيش في جرمانا منذ مئات السنين، ولم نطلب الحماية من أحد، فما يحمينا هو النسيج الاجتماعي السوري، الذي نعتبر أنفسنا جزءا أصيلا منه”. تعكس هذه الكلمات عزم أهالي جرمانا على الحفاظ على هويتهم واستقلالهم في وجه التحديات الخارجية.
تأتي هذه التصريحات في إطار تزايد القلق بشأن تدخل إسرائيل في الشأن السوري، خاصة بعد إسقاط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024. فقد كان لإسرائيل دورٌ بارزٌ في تلك الأحداث، إذ عبرت عن قلقها من تغييرات الإدارة الجديدة، حيث تشير التقارير إلى أن إسرائيل كانت تعتبر نظام الأسد “لاعبا مفيدا”.
وقد قام الجيش الإسرائيلي بعد سقوط النظام بقصف مئات الأهداف العسكرية، مما يعكس مخاوفه من إمكانية وصول الأسلحة إلى القوات الجديدة في سوريا. من جهة أخرى، استغلت إسرائيل الوضع الجديد لترسخ وجودها في المنطقة، حيث احتلت المنطقة السورية العازلة وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974.
تؤكد السلطات الجديدة في سوريا على حقوق جميع الطوائف، داعيةً إلى تعزيز الوحدة الوطنية وعدم المساس بهذه الحقوق. وأوضحت أن المشكلة في جرمانا ليست مع طائفة معينة بل مع الميلشيات التي ترفض التخلي عن السلاح وتواصل زيادة التوترات الأمنية.
وعن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي في 24 فبراير الماضي: “لن نقبل بأي تهديد لأبناء الطائفة الدرزية في جنوب سوريا”، مضيفاً أن “تل أبيب لن تسمح للجيش السوري الجديد بالانتشار إلى الجنوب من دمشق”.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط