صرّحت د. سندس الأسعد، الصحافية اللبنانية، لموقع أخبار الغد بأن الألوف من مختلف أنحاء العالم حضروا لتشييع السيد حسن عبد الكريم نصرالله، القائد الأممي، تمامًا كما كان الحال مع رفيق دربه الشهيد قاسم سليماني.
وأكدت أن السيد نصرالله لم يكن مجرد قائد عابر، بل كان رمزًا لعصر الاستنهاض في عالم لا يفهم إلا لغة القوة، قائدًا خرج من أحزمة البؤس في بيروت.
وأضافت:
“بعد الآن، صدى صوته لن يخفت، سيتردد في ضمير ووجدان كل مناضل ضد الظلم والاحتلال. لقد تجاوز الشهيد السيد نصرالله حدود الزمان والمكان، ليذكّرنا دائمًا بأن المقاومة ليست مجرد فعل سياسي وعسكري، بل هي جزء من صراع ثنائية الخير والشر في الطبيعة.”
التشييع: استفتاء أممي على خيار المقاومة
بحسب د. سندس الأسعد، كان التشييع بمثابة استفتاء أممي على خيار المقاومة في مواجهة المخططات الاستعمارية التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها، لا سيما إسرائيل.
وأضافت أن انتصار حزب الله في حرب 2006 جعل من السيد نصرالله قائدًا محبوبًا للملايين وشوكة في خاصرة أولئك الذين سعوا لفرض هيمنتهم، مشيرةً إلى أن 23 فبراير 2025 سيصبح تاريخًا خالدًا يذكّر العالم بخطر الهيمنة الإمبريالية.
كما شددت على أن الجماهير التي شاركت في التشييع، خصوصًا اللبنانيين، أسقطوا كل محاولات تشويش الوعي الجمعي، وهو الهدف غير المعلن للعدوان.
العدوان الإسرائيلي وسوء التقدير الاستراتيجي
تتابع د. الأسعد:
“منذ 17 أيلول 2024، بعد مجزرة البيجر، ثم اغتيال قادة الجسم الجهادي الأساسي للمقاومة، ووصولًا إلى اغتيال السيد حسن نصرالله، يمكن الاستنتاج أن العدو حاول دفع بيئة المقاومة نحو الانهيار والخضوع لشروطه.”
وأشارت إلى أن سوء تقدير العدو الأكبر كان في اعتقاده أنه قادر على إقناع مجتمع حزب الله بخرافة أنه “الجيش الذي لا يُقهر”.
مؤسسة “راند” ودراسات استهداف المقاومة
تطرقت د. الأسعد إلى دور مؤسسة “راند” التابعة لوزارة الحرب الأميركية، والتي تعمل منذ عقود على تطوير برامج بحثية لدراسة حركات التحرر والمقاومة (التي تسميها “حركات التمرد”)، بهدف تقديم توصيات لقادة الحروب الأميركية ضد هذه الحركات.
وأشارت إلى دراسة بحثية صدرت عام 2012 بعنوان:
“فهم الدعم الشعبي للتمرد والإرهاب والتأثير عليه”
تدّعي الدراسة أن الدعم الشعبي لحركات المقاومة يعتمد على أربعة عوامل رئيسية:
- فعالية التنظيم
- وتشمل القيادة الكاريزمية، تعبئة الموارد، استغلال الظروف، والتكيّف معها.
- تعتمد بشكل أساسي على الذخيرة الأيديولوجية الإسلامية الحسينية الثورية، وهو ما يصعّب استئصالها.
- الدافع
- عوامل هوياتية: الأيديولوجيا، الدين، الحمية، الكرامة، ورفض الاحتلال.
- عوامل مصلحية: التقديمات الاجتماعية التي يوفرها الحزب.
- حاول العدو استهداف هذه العوامل من خلال وكلائه المحليين الذين سعوا لإقناع الناس بعدم المشاركة في التشييع.
- الشرعية المتصوّرة
- منذ 8 تشرين الأول 2023، استطاع الشهيد السيد نصرالله إسقاط الخطاب المشكك بشرعية دعم غزة والترويج لسردية “ما لنا وغزة؟”، مؤكدًا على جوهر المقاومة وحقيقتها.
- قبول التكاليف والمخاطر
- يشمل تقييم الانتصار، المخاطر الشخصية، التكاليف، وتعويض الخسائر.
- حاول العدو تركيز خطابه على الخسائر البشرية والمادية لإضعاف الحاضنة الشعبية للمقاومة.
فشل الغرب في فهم “حزب الله” وبيئته
رغم كل الجهود الغربية، تؤكد د. الأسعد أن مشكلة الدراسات الغربية، مثل أبحاث “راند”، تكمن في فشلها في فك شيفرة حزب الله وبيئته.
فالعقل الغربي يغفل أو يتجاهل البعد الغيبي الحاكم لهذا التأييد الشعبي للمقاومة. وختمت بقولها:
“كيف يمكن لهم بعد اليوم أن يقنعوا هذه الألوف بعكس ما يؤمنون به يقينًا؟”
ثم استشهدت بالآية الكريمة:
{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169].