منذ أيام، أعلن الناشر والسياسي هشام قاسم، بدء إجراءات تأسيس حزب سياسي معارض جديد باسم “النداء الحر” من خارج مصر، وذلك بعد تعرضه للحبس لمدة ستة أشهر بسبب مشاركته في إعلان عن “التيار الليبرالي الحر” الذي يضم عدة أحزاب سياسية.
ويأتي هذا التحرك في ظل القيود المفروضة على النشاط السياسي داخل الوطن، حيث يرى قاسم أن ممارسة العمل السياسي من خارج البلاد قد تكون الوسيلة الوحيدة لمواجهة النظام الحاكم. ومن المتوقع أن يُصدر قريبًا التصور الكامل والإعلان السياسي الخاص بالحزب، في انتظار التغييرات القانونية التي ستسمح بتأسيسه رسميًا.

المعارضة من الخارج
وفي هذا الصدد، قال “علاء الخيام”، نائب رئيس حزب تيار الأمل، إنَّ المعارضة التي تُمارَس من الخارج لا تلقى قبولًا لدى الشعب المصري مهما كان موقعها. وأوضح أن التيارات المختلفة في مصر – سواء الدينية مثل جماعة الإخوان المسلمين أو الليبرالية مثل الدكتور أيمن نور – تتبنى معارضة من الخارج، إلا أن الشعب يفضل تلك التي تنبثق من داخل البلاد. وأضاف الخيام أن هذه الخاصية هي الميزة التي أحبها المصريون في أحمد الطنطاوي وحزب تيار الأمل، إذ رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه أحمد وأعضاء الحزب نتيجةً للمعارضة الداخلية، إلا أن رفض العروض التي كانت تُقَدَّم له للسفر خارج البلاد يُعبِّر عن التزامهم الثابت بالمواجهة من الداخل.
وتابع في تصريحات لمنصة “MENA”، قائلاً: إنه بينما يُقيم آخرون أحزابهم بالقرب من بلدك وتتحصن جماهيرهم رغم الظروف والتدقيقات الأمنية، يظل النضال من داخل الوطن ذا قيمة أكبر من النضال من الخارج.
فرغم احترامنا للمعارضة التي تُمارَس من خارج البلاد، فإن فكرة تأسيس حزب في الخارج لم تكن مقبولة لدى الشعب المصري؛ إذ يرى الكثيرون أن المواطن المصري، أينما كان، له الحق في ممارسة نشاطه السياسي الذي يُحرم منه داخل الوطن. وقد شهد الجميع حملة الأستاذ أحمد الطنطاوي الرئاسية المُحظورة، التي اعتمدت قوتها على دعم المصريين في الخارج وجمع التوكيلات منهم، مما يُبرز بوضوح غياب الحياة السياسية الفاعلة داخل مصر.
ويضيف الخيام: “كما أن الواقع يوضح تضارب النظام؛ ففي منشور خاص بتحديد مقرات لتسجيل التوكيلات، تم تخصيص مقرَّين فقط لحزب تيار الأمل، بينما بعد فترة قصيرة وُفِّر لحزب آخر “الجبهة” كافة مقرات الشهر العقاري، إضافة إلى تخصيصها لشركات الاتصالات والنوادي والاحتفالات المخصصة للتوكيلات. فهل يُمثل ذلك تغييرًا في الواقع الذي يوافق عليه النظام، والذي يُمارَس ضغوطًا على المعارضة؟ يبدو أن النظام الحالي لم يعد يُعير الشأن الداخلي اهتمامًا كافيًا، بل يركز جهوده على الشأن الخارجي في محاولة لإظهار صورة وطنية زائفة”.

فيما رأى أيمن نور، المرشح الرئاسي السابق، في تصريحات لمنصة “MENA”، أن الحزب الذي أعلن عنه هشام قاسم، والذي كان زميلًا سابقًا في حزب الغد وشغل منصب نائب رئيس الحزب، بالإضافة إلى دوره البارز في الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2005، سيكون حزبًا ليبراليًا يهدف إلى تعزيز الحرية السياسية والاقتصادية. وأضاف نور أن الحزب سيسعى إلى تحقيق الإصلاح الاجتماعي برؤية مختلفة عن النهج الذي تُدار به الأمور حاليًا.
غياب تأثير الأحزاب السياسية داخل مصر
وواصل: كيف يمكن لحزبٍ أن يؤثر على المشهد السياسي إذا كان داخل مصر؟ هل للأحزاب القائمة داخل البلاد تأثير حقيقي؟ الجواب ببساطة: لا. في ظل الإغلاق التام للمجال العام وعدم إتاحة الفرص للأحزاب في نشاطها السياسي والإعلامي والشعبي والجماهيري، يظل تأثيرها محدودًا. وعلى النقيض، قد يكون للحزب الذي يُنشأ خارج البلاد تأثير ملموس داخل مصر، حيث تسمح له الظروف الدولية والمناخ الإعلامي بأن يلعب دورًا في التوعية ورفع الوعي السياسي. تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب في العادة تُمارس دورها من داخل البلاد، إلا في حالات استثنائية.
وأضاف: “ومن المهم التأكيد على أن حزب “النداء” لم يكن أول حزب يُؤسس خارج مصر؛ إذ يوجد حزب “غد الثورة” الذي تأسس داخل البلاد وما زال قائمًا. وفي عام 2021، قرر أعضاء حزب “غد الثورة” نقل جزء كبير من العمل الحزبي إلى الخارج، دون أن يُنهى وجوده داخل البلاد، حيث استمرت بعض الأنشطة واحتفظ الحزب بمقراته المحلية. أما دورنا في الخارج فيتركز على الجانب الإعلامي والتوعوي، والمساهمة في رفع مستوى الوعي السياسي لدى الجمهور”.
واختتم نور: “ويرتبط نمط المشاركة بتوجه الحزب الليبرالي، مما يجعله يشارك في فعاليات إقليمية ودولية تتبنى هذا النهج. ففي عالم تحول إلى قرية صغيرة بفضل المساحات المفتوحة والتواصل الرقمي، كانت أولوية الحزب في البداية أن يتواجد بين الجماهير من خلال مقرات منتشرة في المحافظات والمراكز والقرى، وهو أمر نادر الحدوث في تاريخ الأحزاب المصرية، خصوصًا منذ مرحلة عودة الحياة الحزبية في أواخر السبعينيات. ومع ذلك، أصبح اليوم المقر الأساسي الذي يلتقي فيه الناس هو مجموعات الواتس آب وصفحات فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يدل على أن تواجد المقرات لم يعد بنفس الصعوبة وأن النهج بات مختلفًا عن النموذج التقليدي القديم للعمل السياسي”.

خطوة منطقية
وفي السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي “مصطفى الأعصر”: إن حزب هشام قاسم خطوة منطقية في ظل القيود المفروضة على العمل السياسي، وإن إعلان الأستاذ هشام قاسم عن تأسيس حزب جديد يأتي كخطوة منطقية في ظل القيود التي تفرضها الدولة على الأحزاب السياسية والحركات المدنية منذ 12 عامًا، مشيرًا إلى أن السنوات الماضية شهدت خروج عدد متزايد من السياسيين والحقوقيين والصحفيين المصريين إلى الخارج لممارسة المعارضة.
وأضاف الأعصر لمنصة “MENA“: “ننتظر لنرى تأثير الحزب الجديد، لكنه على الأرجح سيلعب نفس الدور الذي اضطلعت به المعارضة الخارجية طوال السنوات الماضية، حيث تعمل على توحيد كافة الاتجاهات السياسية المعارضة للنظام الحاكم”.
وأشار إلى أن السلطات المصرية لا تعير اهتمامًا كبيرًا للمعارضة، سواء في الداخل أو الخارج، معتبرًا أن لجوء البعض إلى تأسيس كيان سياسي في الخارج يعود إلى المخاطر التي يواجهها المعارضون داخل مصر، وعلى رأسهم هشام قاسم، الذي تعرض للتنكيل والسجن. كما استشهد بتجربة أحمد الطنطاوي وما تعرض له من مضايقات واعتقالات عقب إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية، والتي انتهت بالحكم عليه بالسجن.
رد فعل الحكومة المنتظر
وأعرب الأعصر عن اعتقاده بأن الحكومة قد تتعامل مع الحزب الجديد وأعضائه بأسلوب مشابه لما حدث مع شخصيات معارضة بعد 30 يونيو، عبر إدراجهم على قوائم الإرهاب أو ملاحقتهم قضائيًا، لكنه استبعد حدوث ذلك في الوقت الحالي.
وعن تأثير المعارضة الخارجية، قال الأعصر: إنها لم تنجح حتى الآن في إحداث تغيير حقيقي داخل الشارع المصري، إذ يقتصر دورها على رصد وتوثيق الانتهاكات، وإيصال صوت معارض حر عبر الإعلام والتوعية ونقل الأخبار، لكن تأثيرها على الأرض يظل محدودًا.
واختتم متسائلًا عن الأدوات الجديدة التي يمتلكها هشام قاسم في مشروع الحزب الجديد، والتي قد تميزه عن التجارب السابقة في المعارضة الخارجية.
المصدر: منصة “MENA“
نسخ الرابط تم نسخ الرابط