أكد قياديون في حزب الوفد ومسؤولون سابقون، أن الوضع داخل الحزب يشهد أزمة غير مسبوقة، مشيرين إلى تصاعد الانقسامات داخل الهيئة العليا للحزب.
وأوضحوا أن هذه الانقسامات، التي تفجرت على إثر تقاعس رئيس الحزب، الدكتور عبدالسند يمامة، عن اتخاذ مواقف حاسمة في قضايا مصيرية تخص الحزب والبلاد، قد تصبح عاملًا مهددًا لوجود الحزب نفسه في الساحة السياسية.
أشار الدكتور محمد علي، أستاذ علم الاجتماعي السياسي والمهتم بشأن حزب الوفد، إلى أن الدكتور عبدالسند يمامة قد فقد قدرته على قيادة الحزب منذ فترة طويلة، وأضاف قائلًا: “لن يكون هناك أي مستقبل لحزب الوفد طالما ظل الدكتور يمامة على رأسه.
لقد أصبح وجوده عبئًا على الحزب، حيث يغيب عن المواقف الوطنية الحاسمة التي تتطلب منه المبادرة والعمل الجاد، بل وحتى في مسألة غزة، التي كان يجب أن يكون الحزب في مقدمة المتضامنين معها، إلا أنه آثر الهروب.”
وأضاف الدكتور علي، “لا يمكن لأي حزب سياسي أن يتطور أو يحقق أهدافه الوطنية بينما يتحكم فيه أشخاص يتجنبون المواجهات الحقيقية.
إن مسألة دعم غزة وغيرها من القضايا المهمة كان يجب أن تكون على رأس الأولويات، لكننا في الوفد لم نشهد أي حراك حقيقي على الأرض.”
في السياق نفسه، تحدثت الناشطة السياسية، وفاء شحاتة، عن انزعاجها من تجاهل قيادة الحزب للمواقف القوية التي يجب أن يتخذها الحزب.
وقالت: “لقد فقدنا الثقة في القيادات الحالية لحزب الوفد. هناك تراجع ملحوظ في دور الحزب على الساحة السياسية، وتحولت الشعارات إلى مجرد كلمات فارغة. كان ينبغي على الدكتور يمامة أن يكون أكثر تفاعلًا مع قضايا الشعب الفلسطيني، ولكن لم نرَ منه أو من حزبه أي خطوة جدية.”
من جانبه، أكد الناشط السياسي أحمد يوسف، المتخصص في الشأن الحزبي، أن تصاعد الانتقادات ضد الدكتور يمامة يعكس حالة من الغضب داخل حزب الوفد.
وقال: “التقاعس السياسي الذي أظهره الدكتور يمامة تجاه قضايا الأمة الكبرى، مثل القضية الفلسطينية، قد أثار استياء الكثيرين من أعضاء الحزب. هناك حالة من التفكك الداخلي، وقد يتسبب هذا في انهيار الحزب في حال لم يتم اتخاذ خطوات جريئة لمعالجة هذه الأزمات.”
ولم يتوقف الغضب عند أعضاء الحزب فقط، بل امتد ليشمل الخبراء والمختصين في الشأن السياسي. فقد أوضح الدكتور ياسر عبدالرؤوف، أستاذ العلوم السياسية، أن استمرار هذا الوضع قد يفاقم من عزلة الحزب ويجعله في موقع دفاعي طوال الوقت.
وقال: “يجب أن يتخذ الوفد موقفًا حاسمًا تجاه القيادة الحالية. إذا استمر هذا التقاعس في التعامل مع القضايا الكبرى، فإن الحزب سيخسر قاعدة كبيرة من مؤيديه.”
وأكد المهندس سعيد إبراهيم، أن التقاعس عن التفاعل مع الأحداث الكبرى قد يضر بالحزب أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف قائلًا: “لقد أصبح الوضع في حزب الوفد شائكًا للغاية، وقد وصل إلى مرحلة يتطلب فيها اتخاذ قرارات جريئة للتصحيح.”
وأكد أيضًا الدكتور خالد عبدالعزيز، على أن المواقف الدبلوماسية التي يتخذها رئيس الحزب لم تعد مجدية. وقال: “إن الحجة التي يسوقها الدكتور يمامة حول دعم الدولة لا تبرر غيابه عن الساحة السياسية في وقت كان من الضروري أن يظهر فيه الحزب بمواقف قوية.”
أما الناشطة السياسية فاطمة حسانين، فقد وصفت الموقف بالكارثي. وقالت: “الوفد في أزمة حقيقية، ولا يمكن حل هذه الأزمة إلا بتغيير جذري في القيادة. لدينا العديد من الكوادر التي تستطيع تحمل المسؤولية، ولكن يجب أن نضع حدًا لهذا التفكك القيادي.”
في وقت لاحق، أوضح طارق هلال، أن الوضع الراهن يتطلب تدخلًا سريعًا وحازمًا. وأضاف: “نحن في حاجة إلى قيادة جديدة قادرة على اتخاذ القرارات المصيرية والتفاعل مع قضايا الوطن دون أي تردد.”
وأكد الناشط الإعلامي وائل مرسي، المتخصص في الشأن الحزبي، أن القيادات الحالية في الوفد لا تتحمل المسؤولية الكاملة لما يحدث داخل الحزب.
وأضاف: “الوفد يعاني من حالة من التفكك وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، وهذا سيؤدي إلى تآكل تأثير الحزب على الساحة السياسية.”
وتعليقًا على الوضع، قال الدكتور سامي الحناوي، المحلل السياسي، إن تحركات الحزب لم تعد مؤثرة كما كانت في الماضي. وأوضح: “الوضع الحالي يستدعي أن نعيد النظر في آليات العمل داخل الحزب. يجب على الوفد أن يتخذ مواقف واضحة ضد الفساد وأن يتفاعل مع قضايا الشعب بعيدًا عن الحسابات الشخصية.”
وفي مقابلة مع أحد أعضاء حزب الوفد الذي فضل عدم ذكر اسمه، قال: “الوفد يحتاج إلى تغيير جوهري في القيادة إذا كان يريد العودة إلى قوته السابقة. لم يعد هناك مكان للتهرب من المسؤولية أو استخدام القضايا الوطنية كستار للحفاظ على الكراسي.”
وفي إطار آخر، شدد الناشط السياسي أحمد محمد على ضرورة تجديد الدماء داخل الحزب. وقال: “الحزب يحتاج إلى أشخاص لديهم القدرة على مواجهة التحديات الحقيقية، ولديهم رؤية واضحة للمرحلة القادمة.”
وفي هذا السياق، أشار الإعلامي هشام عبدالجواد إلى أن التفكك الحاصل داخل الحزب سيؤدي إلى نتائج كارثية إذا لم يتم اتخاذ قرارات سريعة.
وقال: “أعتقد أن الوقت قد حان لتقديم استقالة جماعية للقيادات الحالية، حيث لا يوجد أي مبرر لاستمرار الوضع على ما هو عليه.”
وأخيرًا، أكد المهندس عماد شرف، أن موقف الحزب من القضايا الوطنية يجب أن يكون أكثر قوة ووضوحًا. وقال: “إذا كان الحزب يريد العودة إلى الساحة السياسية بكل قوتها، فلا بد من أن يكون هناك تغيير في استراتيجية العمل، خاصة في التعامل مع القضايا الكبرى مثل دعم الشعب الفلسطيني.”
إن هذه الآراء التي جاءت من مختلف الجهات تمثل صرخة قوية من داخل حزب الوفد وخارجه، تطالب بتغيير جذري في القيادة ووضع حد لما يُعتبر تقاعسًا واضحًا عن أداء الدور المنوط بالحزب في هذه المرحلة الحاسمة.
وإن كان الاجتماع المرتقب يوم الإثنين 3 فبراير سيكون نقطة مفصلية في تاريخ الحزب، فإن المستقبل يحمل في طياته تحديات كبيرة قد تضع الوفد أمام خيارات مصيرية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط