يشهد فرع ثقافة المنيا حالة فساد صارخة لا يمكن تجاهلها، خاصة في ظل القيادة الفاشلة لـ رحاب توفيق، مدير عام الفرع. وتعمق الفساد حتى أصبح الفرع بمثابة “عزبة” خاصة بها، حيث تتحكم بكل تفاصيل الإدارة بشكل يتنافى مع متطلبات الوظيفة العامة.
لم تكتفِ رحاب توفيق بإساءة استخدام صلاحياتها الإدارية، بل استعانت بالأجهزة الأمنية لتدعيم سلطتها بدلاً من اللجوء إلى الحلول الداخلية المناسبة.
يضر هذا السلوك الفاضح بمصالح الموظفين والعمال التابعين لفرع ثقافة المنيا، ويؤكد خروجها عن مقتضيات الواجب الوظيفي.
بدأ الفساد يظهر جلياً عندما فشلت رحاب توفيق في حل مشكلة إدارية بين إحدى الموظفات والفرع، فبدلاً من حل المشكلة داخلياً كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، لجأت إلى تقديم بلاغ للأجهزة الأمنية.
وهذا التصرف يعتبر تجاوزاً غير مقبول للحدود الإدارية. فكان من الأجدر بها أن تلجأ إلى الهيئة العامة لقصور الثقافة أو إلى الدكتور جمال عبدالناصر، مدير عام إقليم وسط الصعيد الثقافي، الذي حاول التدخل لحل المشكلة ودياً، إلا أن رحاب توفيق تجاهلت تلك الجهود واستمرت في تعنتها.
قصر ثقافة المنيا الجديدة، الذي تم إنشاؤه منذ أكثر من عشرين عاماً، لم يفتح أبوابه حتى الآن، ويخدم به 25 موظفا لا يذهبوا إليه إلا مرة واحدة في الشهر ولا يقدم أي خدمات ثقافية وكل انشطته ورقيه فقط.
ويعتبر هذا القصر مثالاً واضحاً على الإهمال وسوء الإدارة، حيث أنه بُني بهدف تقديم خدمات ثقافية للمواطنين، إلا أنه ظل مغلقاً لأسباب مجهولة.
ومع وجود أكثر من 28 قصر وبيت ثقافة تابعين لفرع ثقافة المنيا، منها (قصر المنيا – قصر أبو قرقاص – قصر مغاغة – قصر ملوي) وبيوت ثقافة متعددة مثل (بيت ثقافة دلجا – بيت ثقافة صندفا – بيت ثقافة أبو جرج)، يظل الأداء الثقافي في المحافظة مشلولاً تماماً.
أوضح مصدر رفيع المستوي في الهيئة العامة لقصور الثقافة بأن الموظفين في هذه المواقع الثقافية لا يقدمون أي خدمات فعلية وهناك الكثير من الشكاوي التي ترسل للهيئة بهذا الشأن ولا يتم الاعتناء بها مجاملة لمدير عام فرع ثقافة المنيا رحاب توفيق.
بل يعاني أغلب الموظفين من غياب مستمر عن مواقعهم، بينما يستمرون في تلقي حوافز ومكافآت سخية بفضل رحاب توفيق التي تعلم تماماً بغيابهم، وفي المقابل، لا تحرك ساكناً لإصلاح الأوضاع أو تحسين مستوى الخدمة الثقافية، بل تكتفي بالجلوس على كرسيها في مكتبها دون أن تفكر في زيارة تلك المواقع أو متابعة ما يجري فيها.
وفي بعض المواقع الثقافية، الوضع أسوأ بكثير. هناك مواقع آيلة للسقوط مثل بيت ثقافة أبو جرج، ومواقع أخرى لا تمتلك حتى مرافق أساسية مثل الحمامات، ما يجعلها غير قابلة للاستخدام الآدمي.
بعض المواقع الأخرى لم تفتح أبوابها منذ سنوات، مثل مكتبة الطفل والشباب بإبوان بمطاي وبيت ثقافة صندفا ومكتبة الطفل والشباب ببلهاسة، حيث لا يذهب إليها أي موظف ولا يتم فيها أي نشاط ثقافي، ولا تصلها أي فرق تفتيشية. وفي ظل هذا الإهمال، تستمر رحاب توفيق في التغاضي عن تلك الأوضاع الكارثية دون أن تتخذ أي إجراء.
في وقت تحتاج فيه مصر إلى دور توعوي وثقافي فعال لمواجهة التطرف والجماعات الإرهابية، تعجز قصور الثقافة في المنيا عن تقديم أي خدمات حقيقية للمواطنين.
تتوزع المواقع الثقافية على مناطق مثل (قصر مغاغة – قصر ثقافة ملوى – بيت ثقافة شركة النيل لحليج الأقطان – بيت ثقافة جاهين – بيت ثقافة العدوة – بني مزار – مطاي – سمالوط – دير مواس – دلجا – صندفا)، ولكن لا تقدم هذه المواقع أي خدمة ثقافية ملحوظة لأكثر من 6 ملايين مواطن في محافظة المنيا.
يؤكد أحد المصادر المطلعة في الهيئة العامة لقصور الثقافة أن هناك 28 موقعًا ثقافيًا في المحافظة، ولكن معظمها لا تصلح لعقد أي أنشطة ثقافية، حيث يعاني الجميع من نقص كبير في الميزانيات.
هذا النقص يجبر القائمين على العمل الثقافي بالمنيا على اللجوء إلى التبرعات الشخصية لتوفير الكتب وتنظيم الأنشطة الثقافية، وهو أمر يضعف دور الثقافة الحكومية ويعزز التوجه نحو الجهات الخاصة التي تستقطب الجمهور بعيدا عن قصور الثقافة.
بمرارة يعبر المصدر عن الوضع الحالي قائلاً إن المواقع الثقافية بالمنيا فشلت في التواصل مع المواطنين بسبب سيطرة مجموعة محددة من الأفراد على الإنتاج الثقافي، بينما يتم تهميش العديد من المبدعين الشباب الذين لا تتاح لهم فرصة المشاركة.
وضعت إدارة قصور الثقافة شروطاً صارمة تحد من الإبداع، مثل تحديد سن معين لمن يسمح له بنشر أعماله، وهو ما أدى إلى عزوف المواطنين عن التعامل مع هذه القصور التي أصبحت كلاسيكية في تقديم خدماتها.
يشير المصدر أيضاً إلى أن الموضوعات التي يتناولها رواد قصور الثقافة أصبحت عقيمة وتفتقر إلى التجديد، خاصة في المجالات البحثية والأدبية.
تتجاهل قصور الثقافة هذه المجالات في مسابقاتها وتترك المواطنين بدون أي وسيلة جذب ثقافية حقيقية. كما أن تراجع دعم الدولة لهذه القصور أدى إلى تقليص دورها بشكل ملحوظ، مقارنة بفترات سابقة عندما كانت الثقافة تصل إلى الشارع مباشرة وتتفاعل مع الجمهور.
لم تعد قصور الثقافة تقدم أي دور توعوي ظاهر، مما أدى إلى ظهور جهات ثقافية غير حكومية تتبع جمعيات وجماعات خاصة. تعتمد هذه الجهات على تمويل خارجي، وتستقطب جمهوراً واسعاً من المصريين الذين تركوا قصور الثقافة بسبب ضعف الخدمات المقدمة.
بينما تتجاهل إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة في المنيا هذه التحديات، تستمر رحاب توفيق في تعزيز سلطتها دون أي اعتبار لتدهور الحالة الثقافية في المحافظة.
ويتطلب الوضع في فرع ثقافة المنيا تدخلاً عاجلاً لإصلاح هذا الفساد المتفشي وإعادة الهيكلة الإدارية والمالية. تحتاج المواقع الثقافية إلى تطوير شامل لإعادة دورها الفعال في المجتمع، بدلاً من أن تظل رهينة لأهواء القيادات الفاسدة مثل رحاب توفيق التي حوّلتها إلى عزبة شخصية تديرها كيفما تشاء.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط