تكشف التقارير الأخيرة للجهاز المركزي للمحاسبات لعام 2024 عن فضيحة مالية جديدة تطال شركة راكتا للصناعات الورقية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام. تكبدت الشركة خسائر فادحة خلال العام الماضي، وقررت الجمعية العامة غير العادية لها تصفيتها وحلها.
ويثير هذا القرار العديد من الأسئلة حول كيفية إهدار مئات الملايين من الدولارات في وقت كانت فيه الشركة تعاني من الخسائر الهائلة.
تطرح تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات تساؤلات حادة بشأن قرار تطوير شركة راكتا بتكلفة ضخمة تقدر بحوالي 250 مليون دولار، تم استخدامها لشراء ثلاثة خطوط إنتاج جديدة.
تساءل التقرير: “أين كانت دراسة الجدوى التي تبرر هذا الإنفاق الكبير في الوقت الذي كانت فيه الشركة تتكبد خسائر ضخمة؟”
ويؤكد التقرير أن هذا القرار يعد خطوة غير مفهومة في ظل الوضع المالي السيئ للشركة. كما طالب التقرير بالتحقيق في المسئول عن هذه القرارات، وأين كانت الرقابة المالية التي من المفترض أن تمنع هدر المال العام؟
تسجل شركة راكتا خسائر ضخمة بلغت نحو 398.548 مليون جنيه في النصف الأول من العام 2024، وهو ما يعكس الوضع المالي المتدهور للشركة.
تكشف البيانات الصادرة عن الشركة في فبراير 2024 أن الخسائر قد ارتفعت بنسبة 720% على أساس سنوي في النصف الثاني من العام 2023.
تسجل الشركة خسائر بلغت 385.19 مليون جنيه منذ بداية يوليو حتى نهاية ديسمبر 2023، مقارنة بـ 46.98 مليون جنيه خسائر في نفس الفترة من العام المالي السابق. تعود أسباب هذه الخسائر إلى عوامل عدة، أبرزها تكلفة خروج العاملين للمعاش المبكر، والتي بلغت 315 مليون جنيه.
تسائل الجهاز المركزي للمحاسبات: “كيف سمحت الجهات المسئولة بتضخيم الخسائر بهذا الشكل، وفي نفس الوقت تُنفق المبالغ الطائلة على تطوير خطوط الإنتاج؟”
وأكد أن هذا التطور غير المبرر في الأرقام المالية يزيد من علامات الاستفهام حول إدارة الشركة وقراراتها. كما طالب التقرير بتحديد المسئول عن قرار استخدام أموال القرض الذي تم تمويله من القابضة للصناعات الكيماوية بفوائد، وهو ما يشكل عبئًا ماليًا إضافيًا على الشركة.
تستغرب التقارير كيف أن الوزارة كانت قد وافقت في الربع الأول من عام 2022 على خطة لتطوير شركة راكتا بتكلفة 200 مليون دولار، بناءً على دراسة جدوى أعدها المكتب الاستشاري الهندي “سي 2 سي”.
تم إقرار هذه الخطة رغم التحذيرات المستمرة من الوضع المالي المتدهور للشركة. يوضح التقرير أنه في الوقت الذي كانت فيه الشركة تتكبد خسائر متزايدة، تم اتخاذ قرار بصرف هذه المبالغ الطائلة على شراء خطوط إنتاج جديدة.
تؤكد التقارير أن هذه الوقائع تكشف عن وجود خلل كبير في إدارة الشركة، والتي تفتقر إلى الخبرات المالية والإدارية اللازمة.
يتساءل التقرير: “كيف يتم اتخاذ قرارات ضخمة دون التفكير في العواقب المالية؟” و”من الذي سمح بإهدار هذه الأموال الطائلة على مشاريع كان واضحًا أنها ستؤدي إلى المزيد من الخسائر؟”
تحمل التقارير رسالة تحذير شديدة اللهجة حول ضرورة إصلاح قطاع الأعمال الحكومي، خاصة في الشركات التي تعاني من مثل هذه الأزمات.
تؤكد أن هذه الممارسات تضر بالاقتصاد الوطني وتفاقم من وضع الشركات الحكومية التي تحتاج إلى إصلاح شامل في طريقة إدارتها واتباع أساليب أكثر رشادة في اتخاذ القرارات المالية.
تطرح هذه القصة العديد من الأسئلة المهمة حول كيفية إدارة الأموال العامة والرقابة على مشاريع الشركات الحكومية.
تتساءل التقارير: “هل يمكن أن تتكرر مثل هذه الفضائح في المستقبل؟” و”متى سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسئولين عن هذا الإهدار المالي الكبير؟”
تشير هذه الوقائع إلى ضرورة إعادة هيكلة القطاع الحكومي لضمان استدامة الشركات العامة والحفاظ على المال العام.
يظل السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت الجهات المسئولة ستتحرك بسرعة لإصلاح الوضع أم أن هذه الفوضى ستستمر في غياب محاسبة حقيقية؟
نسخ الرابط تم نسخ الرابط