يكشف موقع “أخبار الغد” الفساد المستشري في مصنع بوتاجاز الدلتا “بتروجاس”، التابع للهيئة العامة للبترول في محافظة المنوفية،
حيث يورط القائمون على إدارة المصنع في سلسلة من المخالفات التي راح ضحيتها أرواح الأبرياء وأدت إلى فقدان حياة أربعة شباب، فضلاً عن فصل عمال شرفاء وتلفيق محاضر وتهريب أسطوانات ملوثة وغير صالحة للاستخدام، وتكرار حوادث الحرائق، وسط غياب تام للرقابة من وزارة البترول.
بدأت المخالفات في فبراير 2017 عندما امتنع بعض العمال عن المشاركة في عمليات سرقة الأوزان المقررة لأسطوانات الغاز. اعترض هؤلاء العمال على توزيع الغاز بأوزان أقل من الوزن القانوني المقرر 31 كيلو، حيث كانت الأسطوانات المعبأة تحتوي على 26 كيلو فقط، ما يشكل خطرًا على حياة المواطنين.
كشف هؤلاء العاملون أيضًا عن تسريب أسطوانات غاز قديمة ومتهالكة، قابلة للانفجار في أي لحظة، في الوقت الذي من المفترض أن يتم فحص الأسطوانات في “حوض السلامة” لضمان سلامتها، إلا أن هذا الحوض متوقف عن العمل منذ سنوات.
كشفت التقارير عن أن القدرة التشغيلية للمصنع لا تتجاوز 140 طنًا من الغاز يوميًا، وهو ما يعادل تعبئة 12,040 أسطوانة منزلية.
ويفاجئ المصنع الجميع بتعبئة 15,000 أسطوانة يوميًا، أي أن هناك زيادة غير مبررة قدرها 3,000 أسطوانة، بالإضافة إلى 1,500 أسطوانة تجارية يتم تعبئتها يوميًا، ما يعكس حجم التلاعب والاستهتار في حياة المواطنين.
صرخ “الحاج أحمد”، والد أحد الضحايا الأربعة الذين لقوا حتفهم جراء انفجار أسطوانة غاز خرجت من المصنع، في وصف الحادثة قائلاً: “أربعة شباب لم يتجاوزوا الخامسة والعشرين من عمرهم، لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم إخماد حريق في أحد المنازل نتيجة انفجار أسطوانة غاز من مصنع بوتاجاز الدلتا”.
وذكر أن التحقيقات أثبتت أن الخطأ كان في الأسطوانة نفسها، ورغم رفع القضايا وتحرير المحاضر، إلا أن الجناة ظلوا أحرارًا دون محاسبة.
اندلع حريق آخر في المصنع بسبب الإهمال، حيث تركت الأسلاك الكهربائية الخاصة بالميزان مكشوفة، مما أدى إلى اشتعال النيران.
وحسب شهادة “عبد الرازق”، أحد العمال المتضررين، تم تهديده بالفصل إذا تقدم بشكوى عن الحادث. هذا الإجراء القمعي دفع العاملين إلى التزام الصمت خشية الانتقام منهم.
استمر الفساد في المصنع عندما قام المدير المالي، في خطوة تعسفية، بفصل 11 عاملًا من بينهم. أكد العمال المفصولون أن هذا القرار جاء انتقامًا منهم بسبب رفضهم المشاركة في عمليات التلاعب والتلاعب في تعبئة الأسطوانات المعيبة.
أشار أحد العمال المفصولين إلى أن قانون الشركة لا يسمح بفصل العمال إلا بعد اتباع إجراءات قانونية، وهو ما تم تجاهله بشكل كامل من قبل الإدارة.
أدت لجان التفتيش التي شكلت في مايو 2017 إلى اكتشاف المخالفات، حيث تبين وجود أسطوانات غاز منزلية مفقودة للمواصفات وتزن أقل من الوزن المقرر.
تم مصادرة 1,200 أسطوانة غير صالحة للاستخدام، لكن المسؤولين أغلقوا المحاضر دون اتخاذ أي إجراء ضد المتورطين.
صرحت “أم محمد”، عاملة في قسم التعبئة، أن لجنة التفتيش من مكتب العمل قد أقرّت بوجود المخالفات، وتم تحرير محضر آخر، ولكن لم يتم متابعة الإجراءات أو محاسبة المخالفين.
عبر “عم محمد”، أحد العمال في المصنع، عن استيائه قائلاً: “يخرج من المصنع يوميًا 50 أسطوانة تجارية، 40 منها غير صالحة، وكلها معرضة للانفجار في أي لحظة، لكن الإدارة ترفض تصديق تقاريرنا وتصر على تعبئة الأسطوانات غير الصالحة، مما يهدد حياة المواطنين”.
ورغم تقديم العمال العديد من الشكاوى والتقارير، إلا أنها لم تلقَ أي اهتمام، واستمرت المخالفات في التفشي داخل المصنع.
يخشى العمال أن تكون هذه المخالفات ستؤدي إلى كارثة إنسانية في منطقة الدلتا، مع تأكيدهم أن السلطات لا تتحرك بجدية.
يطالب العمال الجهات المعنية في وزارة البترول ووزارة العمل والنيابة العامة ورئاسة مجلس الوزراء بالتدخل السريع لتصحيح الأوضاع المتدهورة في المصنع قبل أن تحدث مأساة أكبر.
ويحذر التقرير من أن استمرار هذه الانتهاكات والمخالفات قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وأن التدخل الفوري من الجهات الحكومية أصبح ضرورة ملحة لإنقاذ الأرواح وضمان سلامة المواطنين.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط