كشف مصدر مطّلع أن الرئيس البولندي أندريه دودا طالب الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لحماية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اعتقال محتمل حال حضوره احتفالات الذكرى الـ80 لتحرير معسكر أوشفيتز. يجري هذا التحرك وسط توتر سياسي دولي،
حيث يخضع نتنياهو لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب ارتكبها في قطاع غزة. الخطوة البولندية التي لم يتم الإعلان عنها رسميًا حتى الآن تضع البلاد في قلب عاصفة دبلوماسية تواجه تحركات المحكمة الدولية وتهدد بشل علاقاتها مع المجتمع الدولي.
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن نتنياهو، رغم الدعوة، لن يحضر الاحتفالات المرتقبة في بولندا. جاءت هذه التصريحات بعد أن ظهرت مخاوف جدية من احتمالية اعتقاله بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية. الهيئة شددت على أن هذه التطورات قد تمنع نتنياهو من السفر دوليًا والمشاركة في فعاليات رسمية خارجية. الحكومة الإسرائيلية تعي خطورة هذا الموقف، حيث يتورط نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت في تحقيقات جرائم حرب قد تتطور إلى أزمة دبلوماسية مع العديد من الدول الأوروبية.
في تطور آخر، نقلت وسائل الإعلام البولندية تصريحات نائب وزير الخارجية فلاديسلاف بارتوشفسكي الذي أكد بوضوح التزام بلاده باحترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. هذا الموقف يضع بولندا في مواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين قدمتا دعمًا مستمرًا لنتنياهو رغم الجرائم الموثقة في غزة. التحركات السياسية الأخيرة تشير إلى تعقيدات متزايدة في العلاقات الدولية، حيث تخشى إسرائيل من أن تؤثر هذه القضية على علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي.
يستمر الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في شن حرب مدمرة على قطاع غزة، أدت إلى وقوع أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطيني. تفاقمت الكارثة الإنسانية بفقدان أكثر من 11 ألف شخص في ظل القصف المكثف، فضلًا عن انتشار المجاعة التي حصدت أرواح عشرات الأطفال والمسنين. هذا التصعيد العسكري الذي يتم بدعم أميركي كامل يعتبر أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ويفتح الباب أمام تحقيقات دولية قد تطيح بقيادات إسرائيلية بارزة.
تشهد بولندا في 27 يناير/كانون الثاني المقبل احتفالات دولية ضخمة بالذكرى الـ80 لتحرير معسكر أوشفيتز، حيث يشارك العشرات من رؤساء الدول في الفعالية. إلا أن غياب نتنياهو عن هذه المناسبة التاريخية يعزز من عزلة إسرائيل الدولية بسبب التهم الموجهة ضد قيادتها العسكرية. وبينما تستعد الدول لإحياء ذكرى الهولوكوست، تبدو إسرائيل غارقة في ماضيها القريب من الجرائم والفظائع التي ارتكبت في غزة.
يعد معسكر أوشفيتز رمزًا تاريخيًا للمآسي التي شهدتها أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أقام النظام النازي هذا المجمع ليكون مركزًا للإبادة. ومنذ تحريره في 27 يناير/كانون الثاني 1945 على يد القوات السوفيتية، أصبح المعسكر جزءًا من الذاكرة العالمية. وفي عام 2005، تم اعتماد هذا اليوم ليكون اليوم الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست.
تواصل بولندا الحفاظ على هذا الإرث التاريخي، إذ أسست في عام 1947 متحف “أوشفيتز بيركينو” الذي يضم موقع المعسكرين الأول والثاني، فيما تم إدراجه ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في 1979.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط