طلب رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، المهندس جابر دسوقي، صرف حوافز غير مسبوقة بنسبة 225% من الأجر الأساسي للعاملين في ديوان الوزارة والشركة المصرية لنقل الكهرباء.
أسس دسوقي هذا الطلب على انتقال الشركة إلى العاصمة الإدارية، معتبراً أن هذا التحول يستدعي مكافآت ضخمة للمقربين منه في الديوان. في المقابل، تجاهل دسوقي تماماً العمال الذين يواصلون العمل ليلاً ونهاراً في الميدان في ظروف قاسية للغاية.
دعم دسوقي مطلبه بالاستناد إلى الظروف الاقتصادية الراهنة، بما في ذلك تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار. تبريراته تلك لم تشمل أي دعم أو تقدير للعاملين في القطاعات الأكثر تأثيرًا، مثل النقل والإنتاج والتوزيع، الذين يتحملون الأعباء الثقيلة في تصليح الأعطال بشتاء قارص وصيف حار.
لم يذكر دسوقي أي حوافز أو مكافآت لهؤلاء الجنود المجهولين، بل ركز على زيادة مالية ضخمة للمقربين في مكتبه.
طالبت المذكرة الموجهة من دسوقي إلى وزير الكهرباء، الدكتور محمود عصمت، بمنح حوافز تصل إلى 225% من الأجر الأساسي للعاملين في ديوان الشركة المصرية لنقل الكهرباء.
تبرز المذكرة فئة العاملين الذين يقبعون خلف المكاتب، في حين أغفلت تماما أولئك الذين يتحملون مشاق العمل في الخطوط الأمامية للمحطات وعلى أرض الواقع.
يشير ذلك إلى تمييز صارخ بين فئة من العاملين الذين يحظون بمزايا ضخمة، وآخرين يواجهون تحديات يومية دون أي تقدير حقيقي.
فضح العاملون في القطاع هذه السياسات التمييزية التي يتبعها دسوقي، مؤكدين أن الجميع يتعرض لضغوط متساوية لضمان استقرار قطاع الكهرباء.
في الوقت الذي يتلقى فيه المقربون من دسوقي حوافز كبيرة، يضطر العاملون في الميدان للعمل في ظروف شديدة القسوة، معتمدين على وسائل نقل بدائية في العديد من الأحيان للوصول إلى مواقع الأعطال التي قد تكون بعيدة ومشتتة.
لم يتفكر دسوقي في هؤلاء العاملين الذين يقومون بدور رئيسي في صيانة خطوط الكهرباء التي تضمن استمرار التيار في المنازل والمصانع والمشروعات الحيوية.
أشار دسوقي في مذكرته إلى أن حوافز العاملين في الديوان تعتبر ضرورية نتيجة “الظروف الاستثنائية” التي يمر بها القطاع، محاولًا إقناع وزير الكهرباء بالاستجابة لمطلبه.
لكنه تجاهل تمامًا أن أولئك الذين يعملون في الميدان تحت حرارة الشمس الحارقة أو في برد الشتاء القارص هم الأكثر حاجة للدعم المالي. هذا التفاوت يعكس واقعًا محزنًا في كيفية توزيع الموارد داخل القطاع الذي يُفترض أن يضمن العدالة لجميع العاملين.
دافع دسوقي عن هذا التمييز بحديثه عن “المتغيرات الاقتصادية” والارتفاع الكبير في أسعار السلع، مشيرًا إلى أن الزيادة المقترحة تساهم في تعزيز استقرار قطاع الكهرباء.
لكن لم تثر ملاحظاته أي نقاش حول حقوق العمال الميدانيين الذين يواجهون الصعاب يوميًا لإصلاح الأعطال وضمان استقرار التيار الكهربائي. بدلاً من ذلك، ركز على زيادة الامتيازات لمن يعملون في الدواوين والمكاتب، وكأنهم وحدهم من يستحقون المكافآت.
فضح العاملون في قطاع الكهرباء السياسات المترسخة التي تميز بين فئات العاملين في القطاع الواحد. أكدوا أن مطالب دسوقي تُعد ضربة قاسية للعدالة داخل قطاع الكهرباء، خاصة في ظل تجاهل حقوق العمال الذين يواجهون تحديات صعبة في ظل الظروف المناخية القاسية. في المقابل، يحصل العاملون في الديوان على مكافآت ضخمة، ولا يواجهون أي صعوبات تذكر.
تعجب الكثيرون من الطلب الغريب الذي قدمه دسوقي، والذي يبدو وكأنه تمهيد لزيادة مكاسب فئة معينة من العاملين على حساب غيرهم.
تساءلوا كيف يُمكن للمسؤولين أن يغضوا الطرف عن الأوضاع المزرية التي يعاني منها العاملون في الميدان. وهل يحق لهؤلاء الذين يعيشون بعيدًا عن الأضواء أن يُحرموا من المكافآت بينما يزداد الجفاء بين الفئات المختلفة في القطاع؟
تعاني النقابة العامة للعاملين في المرافق من ضعف واضح في الدفاع عن حقوق هؤلاء العمال الذين يتحملون أعباء القطاع. في الماضي، كانت تدخلات النقابة لصالح العمال تساهم في تحسين أوضاعهم بشكل ملحوظ.
لكن، في العهد الحالي، يبدو أن النقابة قد فقدت تأثيرها بشكل كبير، ما يزيد من تعقيد الوضع، ويؤكد أن السياسات الحالية لا تخدم سوى فئة قليلة من الموظفين في الدواوين.
يتساءل العديد من العاملين في القطاع عن متى ستنتهي سياسات التمييز هذه؟ هل سيظل دسوقي وأتباعه يعبثون بمصير القطاع، أم سيحدث تغيير حقيقي يعود بالعدالة والمساواة لجميع العاملين؟
فالمسؤولية الآن تقع على وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت، الذي يُفترض أن ينصف جميع العاملين في القطاع ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
يعاني قطاع الكهرباء من إدارة تركز على مصالح فئة صغيرة فقط، متجاهلة بذلك العاملين الذين يحملون القطاع على أكتافهم.
في الوقت الذي يذهب فيه معظم المكاسب إلى المقربين من المسؤولين، يبقى العمال الذين يعملون في المواقع الحقيقية دون تقدير.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط