أكدت الحكومة المصرية مضيها قدماً في تحويل شركات تابعة للجيش إلى كيانات مدرجة في البورصة المصرية، ما يفتح باب الأسئلة حول تداعيات هذه الخطوة الجريئة على الاقتصاد الوطني.
أعلن وزير المالية أحمد كوجك في تصريحات إعلامية مثيرة، أن الحكومة تخطط لطرح ما بين ثلاث إلى أربع شركات، تشمل شركات تابعة للقوات المسلحة، وذلك ضمن برنامج الطروحات الحكومية خلال النصف الأول من العام الحالي.
هذا الإعلان أثار ضجة كبيرة في الأوساط الاقتصادية، حيث يُعتبر إشراك الجيش في القطاع الخاص بهذا الشكل خطوة شائكة.
صرح كوجك بأن نصف الشركات التي سيتم طرحها سوف تدرج في البورصة المصرية، في حين سيجري بيع النصف الآخر إلى مستثمر استراتيجي لم يُفصح عن هويته.
وأثارت هذه التصريحات تساؤلات واسعة حول هوية هذا المستثمر وما إذا كانت هذه الصفقات ستحقق الفائدة المرجوة للاقتصاد أم أن البلاد على شفا كارثة اقتصادية بسبب هذا الطرح المثير للجدل.
واصل كوجك حديثه محذراً من خطورة الدين الخارجي المتفاقم الذي بلغ 152 مليار دولار، مؤكداً أن حجم الديون يثير قلقاً بالغاً.
ووعد بخفض الدين الخارجي بمعدل ملياري دولار سنوياً، إلا أن هذا التصريح يضع الحكومة تحت ضغط كبير من قبل المراقبين الذين يتساءلون عما إذا كانت الحكومة قادرة فعلاً على تنفيذ هذه الخطط الطموحة، أم أن الأمر مجرد تأجيل للأزمة الاقتصادية.
أوضح وزير المالية أن الديون المستحقة لهذا العام تبلغ نحو 16 مليار دولار، وهو ما يمثل تحدياً خطيراً للحكومة المصرية.
وذكر أن 80% من هذه الديون سيتم تسديدها من موارد حقيقية وإضافية، بينما سيتم تسديد 20% من خلال قروض ميسرة من المؤسسات التنموية الدولية.
هذه النسبة الأخيرة تعكس أن الحكومة ما زالت تعتمد بشكل كبير على القروض لتسديد الديون السابقة، وهو ما يثير مخاوف كبيرة بشأن قدرة البلاد على الخروج من دوامة الديون.
من جانبه، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الشهر الماضي عن خطة حكومية لطرح حصص في عشر شركات مملوكة للدولة خلال عام 2025، مشيراً إلى أن هذه الخطة تهدف إلى تحفيز الاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أن الاعتماد المتزايد على بيع الأصول الحكومية لتغطية العجز المالي لا يعالج أصل المشكلة الاقتصادية، بل يزيد من الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية بطريقة قد تؤدي إلى تقويض السيادة الاقتصادية للدولة.
يشعر المراقبون بالقلق من أن الطرح المرتقب لشركات الجيش في البورصة قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات بين الحكومة والمستثمرين، خاصة في ظل عدم وضوح الشروط التي سترافق هذا الطرح.
تساؤلات عديدة تطرح حول ما إذا كانت هذه الخطوة الجريئة هي الحل الأمثل لإنعاش الاقتصاد أم أنها ستؤدي إلى كارثة اقتصادية تتكشف في المستقبل القريب، وسط مخاوف من أن تتحول هذه الخطوة إلى حلقة جديدة في مسلسل الديون المتفاقمة.
تدق الحكومة أجراس التحذير بشأن حجم الديون الخارجية، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل تمتلك الحكومة المصرية القدرة الحقيقية على الخروج من هذه الأزمة، أم أن البلاد على أعتاب كارثة اقتصادية قد تفوق توقعات الجميع؟
نسخ الرابط تم نسخ الرابط