شهدت الساحة الموسيقية العربية في 2024 انتكاسة مفاجئة في شعبية موسيقى الراب، فقد تراجعت أرقام الاستماع بشكل غير مسبوق على منصات البث الرقمية.
اختفى نجوم الراب عن قوائم أفضل 10 أغاني وفنانين على منصة “أنغامي” ليحل محلهم أسلوب موسيقي آخر، بينما اختتمت أغنية “يا زميلي” لمهاب المركز الخمسين.
على منصة “سبوتيفاي”، التي تركز على الفنانين الجدد، تصدر كل من مروان بابلو وويجز القائمة، ولكن أرقام الراب على المنصة كانت مخيبة للآمال، حيث ظهرت فقط أغنيتان من هذا النوع في قائمة أفضل 10 أغاني: “يا زميلي” و”عالعموم” لشهاب. ماذا حدث لموسيقى كانت تحتل الصدارة وتملأ الشوارع صخبًا؟
تراجعت موسيقى الراب بشكل كارثي بعد سنوات من النجاح الساحق. فقد مرت أغاني مثل “دورك جاي” لويجز عام 2020 و”البخت” في 2023 بمرحلة انفصال شبه كامل عن جذور الراب، لتحقق انتشارات أوسع في إطار البوب العاطفي.
حتى المغني الشاب “تووليت”، الذي أثبت نفسه في المشهد الغنائي من خلال أغاني عاطفية مثل “حبيبي ليه” و”ما تيجي أعدي عليك”، يمثل انعكاسًا واضحًا لهذا التغيير في ذائقة الجمهور. لم يعد الراب هو الخيار الأول للمستمعين، فالتوجهات تفرض نفسها على الساحة.
تفاقم الوضع مع انخفاض كبير في الإنتاجات الموسيقية الجديدة. فبينما كانت الفترة بين 2020 و2022 تشهد طفرة في الألبومات والإصدارات، نجد أن الفنانين اليوم قلصوا إنتاجاتهم بشكل كبير.
على سبيل المثال، طرح ويجز ثلاثة أعمال فقط في 2024، اثنان منها لحملات إعلانات، بينما اكتفى مروان موسى بخمسة أعمال، منها أغنية فيلم سينمائي. هذه الوضعية تطرح تساؤلات عن مستقبل هذا الفن الذي كان يعكس روح الشارع، بينما اختفت الإنتاجات الجريئة والمبدعة.
جاءت أزمة الراب في 2024 لتفضح ضعف تطور الحركة الموسيقية بأكملها. فالمشهد خالي من الأسماء الجديدة والمواهب الواعدة.
يتجه نجوم الراب إلى تعزيز حضورهم في الإعلانات وأغاني البوب والتمثيل، ما يجعلهم يغرقون في بحر من الارتباطات التجارية على حساب الفن نفسه. لا يمكن نكران أن الراب قد فقد جزءًا من قوته الأصلية، فقد أصبح فخًا للتركيز على موضوعات متكررة تروج للمال والشهرة، بينما تراجعت الجوانب النقدية التي كانت تميز هذا النوع الغنائي في بداياته.
وبينما تخضع أغلب أعمال الراب لنمط متكرر وخطابات تجارية مبتذلة، يبقى مهاب، رغم كونه في مرحلة التجريب والتمرد، استثناءً في الساحة.
يواصل الحفاظ على طابعه الفريد والمتمرد في موسيقاه، ما يفسر نجاحه النسبي مقارنة بنجوم الراب الأقدم الذين فشلوا في مواجهة التحديات المتزايدة. من هنا، يتضح أن الراب العربي يعيش أزمة عميقة، والتحدي الأكبر يكمن في إيجاد حلول جذرية لضخ دماء جديدة في شرايينه المنهكة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط