تزداد الأوضاع سوءًا يومًا بعد يوم في المنطقة الجنوبية بالشركة المصرية لنقل الكهرباء، وذلك نتيجة للسياسات الخاطئة التي أثبتت فشلها بجدارة.
تتراكم المؤشرات السلبية التي توحي بسيطرة الأزمات على مجريات العمل هناك، مما أضفى شعورًا عامًا بأن المؤامرات تحيط بالعديد من العاملين داخل المنطقة أو حتى أولئك الذين يقومون بتنفيذ مشروعات قومية ضخمة، مثل إنشاء محطات محولات متعددة الجهود.
يُعتبر العضو المتفرغ للمنطقة الجنوبية بمثابة “الملك” أو “العمدة”، إذ يتدخل بشكل مباشر في كافة القرارات، مما يخلق بيئة عمل مشحونة بالضغوط والمشاكل.
تثبت تقارير عديدة أن العديد من رؤساء وقيادات المنطقة، مثل مسؤولي منطقتي مصر الوسطى والعليا لنقل الكهرباء، لا يزالون يشعرون بالدهشة من السياسة المتقلبة التي تُنفذ دون أي مبررات واضحة.
في الوقت ذاته، تؤكد ملاحظات عديدة أن هناك فسادًا صريحًا يتم من خلال مجاملات لصالح شركات معينة، مما يُزيد من تفاقم الأزمات.
على سبيل المثال، في محطة محولات شرق سوهاج جهد 500 ك.ف، التي نفذتها شركة الخرافي ناشيونال، تم استلام المحطة بتاريخ 20/9/2020. ولكن بالرغم من وجود ملاحظات جوهرية حول عدم مطابقة نظام SAS للمواصفات، تم تعلية المبلغ المالي بمقدار 9 مليون جنيه مصري و790 ألف دولار أمريكي، وذلك لتغطية ملاحظات الاستلام الابتدائي.
في حين لم يتم تطبيق غرامة التأخير على المشروع بالرغم من تأثيره الكبير على تأخير الاستفادة منه. ومع ذلك، تم رد المبالغ المعلاة للشركة وتم الضغط على لجنة المحطة ورؤساء المنطقة لإتمام الإجراءات على الرغم من رفض مهندسي التحكم القومي التوقيع على محضر الاستلام.
تستمر نفس الشركة (الخرافي ناشيونال) في التعاقد مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء لمشاريع أخرى، مما يثير تساؤلات حول دور المسؤولين في التغطية على تلك التجاوزات.
كما أن هناك مشروعًا آخر لمحطة محولات توشكي 3 جهد 220 ك.ف، الذي نفذته مجموعة مدكور للمشروعات الهندسية المتكاملة، حيث تم استلام المحطة في 8/11/2022، وتم تعلية المبلغ بمقدار 5 مليون جنيه مصري، من بينها 3 مليون جنيه مقابل ملاحظات حول عدم اختبار نظام SAS في المحطة. تتزايد الشكوك حول معايير استلام مشاريع المحولات في المنطقة الجنوبية، إذ يبدو أن القبول يعتمد بشكل أساسي على رضا “العضو” المتفرغ، وليس على فحص دقيق لمطابقة المواصفات.
وعلاوة على ذلك، أثيرت تساؤلات حول سحب إحدى الخطوط الهوائية مؤخرًا من شركة هايديلكوا، بينما تُمنح كل أنواع الدعم لشركات أخرى مثل الخرافي ومدكور. يطرح ذلك تساؤلات مشروعة عن معايير الشفافية والعدالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بتنفيذ المشاريع.
في المقابل، تؤجل الشركة المصرية لنقل الكهرباء مناقصات وممارسات كانت تعتزم طرحها على شركات أجنبية ومحلية، نتيجة لإقرار شروط جديدة تتعلق بسداد المكون الأجنبي بالجنيه المصري.
الأمر الذي أدى إلى رفض العديد من الشركات الكبرى، مثل “إنرجيا”، “إيجيماك”، “سيمنز”، “السويدي”، “مدكور”، “إيه بي بي”، و”شنايدر إلكتريك”، الحصول على مستحقاتها بالجنيه المصري.
تأجيل المناقصات شمل مشاريع حيوية مثل محطات روافع الدلتا وتوشكي، وكذلك مشروع خط جهد 500 ك.ف شرق الإسماعيلية الزقازيق الذي يمتد بطول 190 كيلو مترًا.
أدى هذا القرار إلى تأجيل مشاريع مهمة، بينما لم يتم حسم الموضوع بشكل نهائي، حيث أكدت الشركة المصرية لنقل الكهرباء أنها ستقوم بحسم الأمر قبل نهاية الشهر التجاري الحالي.
في الوقت نفسه، تنوي الشركة طرح مناقصات جديدة لتوريد محطات محولات تدعيم التغذية الكهربائية في مناطق الدلتا وسيناء، بالإضافة إلى استكمال ربط الكابلات في المشروعات المستهدفة ضمن خطة التنمية.
ومن المتوقع أن تتراوح نسبة المكون الأجنبي في المناقصات بين 30% و46%، وفقًا للمكونات المطلوبة في المشاريع المختلفة.
تتضمن الشروط الجديدة للمناقصات أيضًا تضمين بند التحكيم في حال وجود نزاع على المستوى المحلي، وليس الأجنبي. كما ستلتزم الشركة بجميع العقود السابقة التي تم توقيعها دون تغيير، مما يطرح المزيد من التساؤلات حول كيفية تعامل الشركة مع متطلبات الشركات العالمية والمحلية في ظل هذه الأوضاع المتأزمة.
وتبدو منطقة نقل الكهرباء الجنوبية في حالة تدهور مستمر بسبب القرارات غير المدروسة والتدخلات غير الشفافة من بعض المسؤولين، مما يجعل من الضروري إعادة النظر في أساليب الإدارة والحوكمة لتفادي المزيد من الأضرار المستقبلية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط