يتسارع التفريط في ثروات قطاع الكهرباء المصري تحت أنظار الوزارة القابضة للكهرباء، حيث تزداد المخاوف على مصير هذا القطاع الحيوي الذي يُعد أحد أعمدة الأمن القومي للطاقة في البلاد.
تتوالى التصريحات المشبوهة حول الاستثمارات الجديدة في القطاع، ويعزز ذلك تساؤلات مشروعة حول كيفية إدارة مصر لثرواتها الطبيعية، في ظل استمرار التواطؤ الحكومي الذي يتيح لشركات أجنبية، خصوصًا من الإمارات والسعودية، التسلل إلى هذا القطاع الاستراتيجي.
تستمر وزارة الكهرباء والشركة القابضة في التملص من مسؤولياتها تجاه تطوير القطاع، بدلًا من الدفع به للأمام، بينما تقوم بتسليم مفاتيح هذا القطاع لمستثمرين أجانب يسعون فقط للربح على حساب الوطن.
تتكاثر المؤشرات على فساد الهيكل الإداري في الشركة القابضة للكهرباء، التي أصبحت بمثابة حصن هش في مواجهة أطماع الشركات الخارجية. تحولت هذه الشركات إلى أدوات في يد أطراف تسعى لشفط خيرات القطاع المصري، ضاربة بعرض الحائط الاستراتيجية الوطنية للطاقة.
لم يقتصر الوضع على تدهور الوضع المالي بسبب ديون القطاع المتراكمة، والتي تصل إلى أكثر من 44 مليار دولار ديون خارجية و200 مليار جنيه ديون داخلية، بل تراكمت الخسائر الفنية والتجارية التي تقدّر بنحو 30 مليار جنيه سنويًا.
تفاقم الوضع أصبح حديث الصحافة والإعلام، حيث يتم تكرار تصريحات المسؤولين في الوزارة حول الاستفادة من الفرص الاستثمارية الجديدة دون تقديم حلول حقيقية لمشاكل القطاع، ما يزيد من قلق المواطن المصري.
من خلال البيانات الرسمية، يبدو أن هناك مساعي حقيقية لتمكين المستثمرين الأجانب من السيطرة على محطات توليد الطاقة، في خطوة غير مدروسة تهدد ببيع مقدرات هذا القطاع على المدى الطويل.
هل سيستمر بيع محطات الكهرباء لمستثمرين من الخليج، سواء كانوا من الإمارات أو السعودية، دون مراعاة المصالح الوطنية؟ هل هذا هو الطريق لاستدامة الطاقة أم أن الخطة تهدف إلى تحميل المواطنين عبء تكاليف إضافية؟
يستمر التقاعس الحكومي في تقديم أي إجابات عن هذه التساؤلات. وبدلاً من تحسين إدارة القطاع وتطويره، تقوم الحكومة بالتسويف والتغطية على أخطائها، مما يزيد من إضعاف قدرات الشركة القابضة للكهرباء.
تتراوح الاجتماعات بين قيادات الشركة والوزارة دون أن تحمل أية رؤية واضحة للمستقبل، سوى تصريحات فارغة عن “زيادة الاستثمارات” و”التنمية المستدامة”.
يتضح جليًا أن الحكومة لا تقدم أي مبرر منطقي لإصرارها على تمكين هذه الشركات الأجنبية من السيطرة على القطاعات الحيوية. أصبحت الشركة القابضة للكهرباء أشبه بنموذج يحتذى به في الفشل الإداري، حيث يتم التعامل مع الكوارث المالية التي يواجهها القطاع بحلول سطحية لا ترتقي إلى حجم المشكلة.
الفضيحة الكبرى تكمن في عجز الوزارة عن تفعيل آليات الشفافية، مما يهدد بمزيد من التدهور الذي قد يؤدي إلى فقدان البلاد لأحد أهم مواردها.
لا يكاد يمر يوم إلا وتظهر المزيد من علامات الفساد داخل وزارة الكهرباء والشركة القابضة للكهرباء، وسط دعوات من الصحفيين والمراقبين لمحاسبة المسؤولين.
هل ستتمكن الحكومة من تنفيذ مخططها القاضي بإخضاع القطاع بالكامل للمستثمرين الأجانب؟ وهل ستظل مواقفها غامضة إزاء سياسات التفريط في مقدرات البلاد؟ يتساءل المواطنون عن مصير استثماراتهم في قطاع الكهرباء الذي أصبح رهينة لصفقات مشبوهة تهدف إلى استنزاف موارده.
ينبغي على وزير الكهرباء، الدكتور محمود عصمت، أن يقدم إجابات واضحة حول مستقبل قطاع الكهرباء في ظل هذه الفوضى الإدارية والمالية. هل ستكون وزارة الكهرباء جزءًا من عملية تدمير هذا القطاع أم ستسعى إلى إصلاحه لمصلحة المواطن المصري؟
تستمر المخاوف من أن تصبح مصر مجرد “شاهد ما شفش حاجة” في مسرحية بيع وخصخصة محطات الكهرباء لشركات أجنبية، على الرغم من أن هناك بدائل أفضل وأقل تكلفة، يمكن أن تتحقق من خلال تطبيق نماذج شراكة عادلة. في النهاية، يظل السؤال الأبرز: هل ستظل الكهرباء في يد المصريين أم سيتكرر سيناريو التفريط في مقدرات الوطن؟
نسخ الرابط تم نسخ الرابط