أخبار عاجلة

احتكار معامل التحاليل الطبية الكبري يغرق مصر في فوضى الأسعار ويمس حقوق المواطنين

اندلعت أزمة خطيرة تفجرت إثر زيادة الأسعار غير المبررة في معامل التحاليل الطبية الكبرى التي باتت تتحكم في السوق بأيدٍ خفية تكشف عن سياسة احتكارية تضر بالمجتمع بأسره وتصيب الفئات المهنية والعمالية في مقتل مما دفع نقابات المهندسين والمحامين والصحفيين إلى اتخاذ قرار حاسم بإيقاف التعامل مع هذه المعامل بشكل نهائي وهو القرار الذي جاء بعد أشهر من المفاوضات العقيمة والتي لم تجد نفعاً سوى زيادة الاحتقان وغضب أعضائها الذين شعروا بتجاهل تام لحقوقهم في مقابل سياسة تهدف إلى رفع الأسعار بلا أي مبرر اقتصادي أو منطقي.

عانت النقابات الثلاث من ويلات تسلط إدارات هذه المعامل التي لم تكترث بمطالبهم العادلة ورفضت أي مفاوضات للوصول إلى تسوية تنصف الجميع.

وزادت الأمور سوءًا مع تشبث إدارات المعامل بتطبيق زيادات غير منطقية في الأسعار رغم اتفاقها مع جهات أخرى على أسعار أقل بكثير لأغراض تجارية مشبوهة، ما جعل الأعضاء يشعرون بتمييز واضح يطالهم دون غيرهم.

لم تقتصر المشكلة على تضرر المهنيين من هذه السياسات بل أصبحت العدوى تمتد لتصيب قطاعات واسعة من المواطنين، مما أفرز حالة من الاستياء العارم وسط صمت الدولة عن هذه الممارسات الفاسدة.

رغم محاولات النقابات الثلاث لتسوية الأزمة من خلال الحوار والنقاش البناء مع مسؤولي هذه المعامل، إلا أن النتيجة كانت قوبلت بتجاهل تام وتمنع غير مبرر عن التوصل إلى حلول ترضي الجميع.

بدلاً من الاستجابة لمطالبها المشروعة التي كانت تهدف إلى تفعيل العدالة في الأسعار، استمرت إدارات المعامل في سياسة تعسفية لا تليق بمكانتها في السوق المصري ولا بحجم النقابات المهنية التي تمثل طبقات واسعة من المجتمع، وهو ما جعل الموقف يتأزم ويتحول إلى صراع طويل الأمد بسبب هذه السياسات غير المدروسة التي تصب في مصلحة قلة دون النظر إلى تداعياتها على الغالبية العظمى.

الاحتكار أصبح سمة بارزة في هذا القطاع الصحي الحساس الذي تزداد فيه تداعيات جشع بعض المستثمرين الذين يتخذون من احتكار الخدمات الصحية وسيلة لزيادة أرباحهم على حساب المواطن البسيط الذي يعاني من غلاء الأسعار في كافة المجالات.

اتسمت الممارسات التجارية التي تقودها هذه المعامل بالخداع حيث عمدت إلى تحديد أسعار مرتفعة بشكل غير مبرر للمواطنين من أعضاء النقابات، بينما أعطت هذه الأسعار المخفضة لعدد قليل من الجهات الأخرى. هذا التمييز بين الفئات وحرمان المهنيين من حقوقهم كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وأدت إلى قرار النقابات بوقف التعامل مع هذه المعامل بشكل نهائي.

ولكن الأزمة تتجاوز حدود المعامل فقط لتصل إلى اللاعبين الأساسيين في القطاع الصحي حيث يشهد القطاع عمليات استحواذ كبيرة تحت مسمى الخصخصة وهو ما يثير القلق بخصوص مصير الخدمات الصحية في مصر.

مجموعة “أبراج كابيتال” الإماراتية التي قامت بالاستحواذ على مستشفيات ضخمة مثل كليوباترا والنيل بدراوي والقاهرة التخصصي أصبحت اليوم تسيطر بشكل كامل على سوق المستشفيات ومعامل التحاليل الطبية الكبرى التي تملك فروعاً واسعة في كافة أنحاء الجمهورية. تداعيات هذه السيطرة الإماراتية على القطاع الصحي المصري تهدد ليس فقط احتياجات المواطنين الصحية وإنما أيضاً الاستقلالية الاقتصادية للبلاد وحقوق العاملين في القطاع الطبي.

تتسارع وتيرة الاستحواذات على المستشفيات والمعامل، ما يجعل الكثير من المصريين يتساءلون عن مصير قطاع صحي يفقد تدريجياً قيمته الوطنية لصالح شركات أجنبية تتاجر في صحة المواطن المصري دون مراعاة لحقوقه. إن واقع الاستحواذ هذا يفضح الطريقة التي تُدار بها المشروعات الصحية الكبرى في مصر، ويجعل التوقعات حول مستقبل الخدمات الصحية في ظل هذه السيطرة التجارية محلاً للقلق. فمع كل عملية استحواذ جديدة على مستشفى أو معمل تتحقق المزيد من التهديدات للقطاع الصحي الذي كان يُعد أحد آخر معاقل الخدمة العامة في مصر.

ومع تزايد الاحتكار الكبير الذي تعيشه معامل التحاليل الطبية في السوق المصري، لم يجد المواطنون في هذه النقابات غير الكفاح من أجل حقوقهم وتغيير هذه السياسات المجحفة. إن موقف هذه النقابات هو موقف يكشف عن قوة وصمود المهنيين المصريين الذين لن يسمحوا بأن تستمر السياسات الاحتكارية التي تؤثر بشكل سلبي على حياتهم اليومية. النقابات المهنية اليوم تقف في وجه هذا الزحف التجاري الجشع وتؤكد أن المصالح العامة فوق أي مصلحة خاصة.

المحصلة أن حالة الاحتكار التي نعيشها في القطاع الصحي تتجاوز مسألة الأسعار لتصل إلى تهديد منظومة العدالة الاجتماعية بأكملها في مصر. من الصعب تصور كيف يمكن لمجموعة من المعامل المتحكمة أن تحدد مصير صحة المواطنين وترهنه لمصالح شخصية تقتصر على زيادة أرباح الشركات الكبرى.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى احتكار معامل التحاليل الطبية الكبري يغرق مصر في فوضى الأسعار ويمس حقوق المواطنين