تتفجر أزمة ضريبية جديدة في مصر بعدما قررت مصلحة الجمارك فرض رسوم على الهواتف المحمولة القادمة من الخارج. أثار القرار غضبًا واسعًا بين المواطنين، الذين فوجئوا بفرض ضرائب على هواتفهم المستوردة منذ سنوات. هذا القرار جاء بشكل مفاجئ دون سابق إنذار أو توضيح يذكر، مما أثار شكوكًا وتساؤلات حول مبرراته وآلياته.
فوجئ المواطنون الذين سجلوا بيانات هواتفهم على تطبيق “تليفوني” الجديد التابع لمصلحة الجمارك بصدور مطالبات مالية لرسوم جمركية على أجهزة اشتروها منذ ما يزيد على خمس سنوات. شعروا بالدهشة والاستياء من قرار وصفوه بالجائر والمفاجئ، متسائلين عن مدى عدالة فرض ضريبة بأثر رجعي على هواتفهم التي طال استخدامها.
أثار تطبيق “تليفوني” غضب المستخدمين بسبب ظهور رسائل تطالبهم بسداد رسوم جمركية على أجهزة قديمة، ليكتشفوا أن القرار يشمل الهواتف المستوردة سابقًا، وليس فقط الجديدة. تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة مفتوحة للتعبير عن الاستياء العارم من هذا الإجراء، معتبرين أن تطبيقه بأثر رجعي يمثل سابقة خطيرة في تاريخ فرض الضرائب بمصر.
تعتمد وزارة المالية على هذا القرار لتطبيق ضريبة جمركية على الهواتف التي يجلبها الوافدون معهم عند دخولهم البلاد. وضعت الوزارة شروطًا واضحة، حيث أعفت هاتفًا شخصيًا واحدًا من الضريبة، بينما تفرض ضريبة تصل إلى 38.5% على أي هاتف آخر. لم تكتف الوزارة بهذا فقط، بل قررت أن أي جهاز غير مسجل أو لم تُسدد رسومه لن يكون صالحًا للعمل داخل البلاد بعد فترة سماح محددة.
بررت وزارة المالية قرارها بأنه يستهدف الحد من تهريب الهواتف إلى مصر، الذي أصبح يشكل أكثر من 95% من الهواتف المستوردة في عام 2024. لكن المواطنين رأوا في هذا التبرير حجة ضعيفة لتبرير استهدافهم برسوم غير متوقعة على أجهزة اشتروها منذ سنوات، متسائلين عن حقيقة الغرض من هذا القرار.
استنكر العديد من المواطنين تحميلهم مسؤولية تهريب الهواتف، وهم الذين اشتروا أجهزتهم بشكل قانوني واستوردوها بشكل شخصي. وشعروا أن الحكومة تُحملهم وزرًا لم يرتكبوه، مؤكدين أن القرار جاء ليزيد من الأعباء المالية عليهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
اعتبرت الوزارة أن القرار سيضيف إيرادات ضخمة إلى الخزانة العامة للدولة من خلال مكافحة التهريب، لكن الواقع يبدو أن النتيجة ستكون كارثية على المواطنين الذين يُجبرون على دفع رسوم باهظة على أجهزة قديمة. اعتبروا أن هذا الإجراء يجسد جشعًا حكوميًا لزيادة الإيرادات على حساب المواطنين العاديين.
تواجه الحكومة المصرية اتهامات بالافتقار إلى الشفافية في إصدار القرارات المفاجئة التي تمس حياة الناس مباشرة. غياب الاستعدادات المسبقة لشرح القرار أو توضيح جوانبه أدى إلى زيادة التوتر والقلق بين المستخدمين الذين بدأوا يشككون في جدوى تسجيل هواتفهم أو تحميل تطبيق “تليفوني” في المقام الأول.
ردت وزارة المالية على هذا الغضب بتصريحات من شريف الكيلاني، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، الذي أكد أن فرض الضريبة سيشمل فقط الهواتف الجديدة المستوردة بعد تاريخ القرار، وأنه لن يتم الرجوع إلى الهواتف القديمة التي كانت موجودة قبل ذلك. ومع ذلك، لم تُفلح هذه التصريحات في تهدئة الشارع الذي بقي غاضبًا ومتوجسًا من أي قرار قد يصدر فجأة دون مبرر مقنع.
دافعت الحكومة عن قرارها بأنه يهدف إلى تنظيم السوق ومنع فوضى تجارة الهواتف المحمولة التي تُهدر مليارات الجنيهات سنويًا من إيرادات الدولة، لكنها تجاهلت تمامًا الأثر السلبي الذي سيتركه القرار على المواطنين العاديين الذين يرون في هواتفهم وسيلة أساسية للحياة اليومية. ارتفعت أصوات كثيرة مطالبة بإلغاء القرار أو على الأقل مراجعة آلياته لتجنب إثقال كاهل المواطنين بمزيد من الأعباء.
بدأت ردود الفعل تأخذ منحى أكثر تصعيدًا على السوشيال ميديا، حيث طالب الكثيرون بإيقاف تطبيق القرار، معتبرين أن تجاهل وزارة المالية لمطالب المواطنين وتطبيقها لسياسات ضريبية عشوائية سيكون له أثر مدمر على حياة الناس. بدأت بعض الأصوات تتحدث عن إمكانية تنظيم حملات مقاطعة أو احتجاجات للمطالبة بإلغاء هذا القرار الذي وصفوه بأنه جائر وغير عادل.
لن يكون من السهل على الحكومة التعامل مع هذا الغضب المتزايد، خصوصًا وأنها لم تقدم بعد حلولًا مرضية للمواطنين الذين يعتبرون أن فرض ضرائب على هواتف قديمة أمر غير قانوني وغير دستوري. سيظل المواطنون ينتظرون إجراءات حكومية تصحيحية، إلا أن شبح الضرائب المتزايدة يبدو أنه لن يغيب عن المشهد قريبًا.
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها المواطن المصري، أصبح تحميله المزيد من الأعباء المالية جراء قرارات غير مفهومة وضبابية يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار حياته اليومية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط