بدأت إسرائيل التخطيط لاغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ أكثر من عقد، مستخدمة شبكات تجسس معقدة وأدوات استخباراتية متقدمة لاقتفاء أثره بدقة متناهية.
رصدت الموساد الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات العسكرية تحركاته في إطار عملية “الزبدة”، التي تم تفعيلها بشكل غير متوقع بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في عام 2006.
استخدمت إسرائيل كل ما لديها من معلومات حصلت عليها عبر سنوات من التجسس على حزب الله، بما في ذلك أجهزة تتبع واتصالات سرية بين كبار قيادات الحزب.
وقررت تل أبيب، دون تردد، استهداف نصر الله بضربات جوية مدمرة طالت مجمعات تحت الأرض في الضاحية الجنوبية ببيروت، حيث كانت تُجرى معظم عمليات حزب الله العسكرية والاستخباراتية.
أطلقت إسرائيل العملية بنجاح مطلع أكتوبر 2023 بعد أن أعلن نصر الله دعمه لغزة، حيث تم تضليله بشكل منهجي لتجنب الشكوك حول نية إسرائيل تصعيد الحرب. إلا أن القرار الحاسم باغتياله جاء بعد فشل الوساطة الأمريكية لوقف التصعيد بين حزب الله وإسرائيل. في سبتمبر 2024، فجرت إسرائيل أجهزة الاتصالات المرتبطة بنصر الله، ما دفعه للإعلان عن رفضه وقف الحرب ما لم تتوقف إسرائيل عن قصف غزة.
اندلعت سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية بوحشية غير مسبوقة بعد خطاب نصر الله، تركزت حول استهداف قيادات الحزب العليا من خلال الغارات الجوية والقصف المكثف الذي شمل تفجير الأنفاق والمواقع الاستراتيجية، وهي عمليات استمرت لعدة أيام بهدف منع أي محاولة للإنقاذ أو الهروب من قبل عناصر حزب الله.
استغلت إسرائيل خلال هذه الفترة شبكات تجسسها الواسعة التي بُنيت على مدار 18 عامًا، ما مكنها من تحديد موقع نصر الله بدقة مذهلة بفضل التكنولوجيا المتقدمة والاستخبارات البشرية. قررت القيادة العسكرية الإسرائيلية أن الوقت قد حان لتنفيذ “عملية الزبدة”، حيث حظي القرار بتأييد كامل من كبار القادة، بدءًا من رئيس الاستخبارات العسكرية شلومو بندر وصولاً إلى رئيس الأركان هيرتسي هليفي، الذين اعتبروا هذه اللحظة فرصة ذهبية لا تعوض.
نفذت إسرائيل سلسلة اغتيالات أخرى طالت قيادات رفيعة من حزب الله، من بينهم إبراهيم عقيل، خلال عملية أطلقت عليها “قصقصة الأجنحة”. وامتدت الغارات الإسرائيلية لتدمير 80% من القدرات العسكرية لحزب الله في لبنان، حيث استهدفت المواقع السرية والأنفاق والقواعد العسكرية التابعة للحزب.
توقعت إسرائيل أن نصر الله سيتوجه إلى موقع محصن في الضاحية الجنوبية، حيث قررت أنه سيكون من الصعب إعادة اكتشافه إن فاتت هذه الفرصة. ظلت قوات الاحتلال تراقب تحركاته بتركيز شديد، لتحديد اللحظة المناسبة لتنفيذ الاغتيال.
وتم تزويد 14 طائرة مقاتلة إسرائيلية بأطنان من القنابل والذخيرة، وتم تحديد موعد الهجوم عند صلاة المغرب. خلال عشر ثوانٍ فقط، انهارت الأبنية الضخمة المستهدفة، مما خلف حفرة عملاقة ودمر كل مخرج محتمل، مانعًا أي فرصة للهروب.
استمر القصف لعدة أيام بعد الاغتيال، وذلك لإحباط أي محاولة لإنقاذ الناجين المحتملين أو سحب الجثث، مؤكدة إسرائيل على أنها لن تسمح بخروج أي شخص حي من المكان
نسخ الرابط تم نسخ الرابط