أخبار عاجلة

أخطر قضية فساد تهدد مصر: منتجعات الكبار وتدمير مخزون المياه الجوفية

تكشف الأرقام الجلية والحقائق المؤلمة عن حجم الفساد الذي يعصف بمصادر المياه الجوفية في مصر، ويهدد أحد أهم الموارد المائية التي تضمن استمرار الحياة الزراعية والمائية في البلاد.

تحذر الدراسات والتوقعات من أزمة مياه كبيرة ستشهدها مصر في المستقبل القريب، خاصة في ظل انخفاض حصة مصر من مياه نهر النيل بعد بناء سد النهضة الإثيوبي،

وهو ما يتوقع أن يسبب تراجعًا في الحصة المائية المصرية بما يتراوح بين 5 إلى 10 مليارات متر مكعب سنويًا. هذا التراجع المقلق سيؤثر بشكل كبير على الإنتاج الزراعي سواء للاستهلاك المحلي أو التصدير.

انهيار المخزون المائي الجوفي بسبب فساد المنتجعات

وبينما يعاني قطاع الزراعة والمواطنون من شح المياه، يجد المسؤولون أنفسهم في مواجهة فساد يهدد ما تبقى من مخزون المياه الجوفية في الصحراء الغربية، خصوصًا في مناطق مثل طريق مصر إسكندرية الصحراوي، الذي يعج بالمنتجعات الفاخرة والمشروعات السكنية والاستثمارية التي لا تراعي القوانين البيئية ولا تحترم حقوق الأجيال القادمة في مياه الأرض.

مما يزيد من خطورة هذا الوضع هو استخدام تلك المنتجعات للمياه الجوفية المحدودة في ملء البحيرات الاصطناعية وحمامات السباحة وتغطية المساحات الشاسعة من ملاعب الجولف، حيث يتم سحب كميات ضخمة من المياه الجوفية المخصصة للزراعة، ما يهدد بفقدان الأراضي الزراعية المستصلحة التي تمثل ركيزة أساسية للأمن الغذائي المصري.

المنتجعات الفاخرة: التسبب في أزمة جديدة

تتراوح الفاقد في المياه الجوفية بين التبديد الجائر والأنشطة غير القانونية التي تنفذها الشركات المالكة للمنتجعات، على رأسها منتجع “الريف الأوروبي” الذي يمتلكه رجل الأعمال عبد الله سعد.

فقد كشفت التحقيقات أن المنتجع استنزف المياه الجوفية بشكل مفرط لمصلحة مشروعه الترفيهي، واستخدم المياه بشكل غير قانوني في عمليات ملء البحيرات الاصطناعية وحمامات السباحة، وهو ما يعد مخالفة صريحة لأحكام القانون الخاصة بالمياه والري.

بالإضافة إلى ذلك، تبين أن المنتجع قام بتغيير نشاط الأرض من زراعي إلى سكني واستثماري، دون الحصول على التراخيص اللازمة، ما يعكس إهدارًا خطيرًا لموارد الدولة المائية.

الفساد يتفاقم: تجاوزات في منتجعات أخرى

ولا يقتصر الأمر على منتجع “الريف الأوروبي” وحده، بل يشمل العديد من المنتجعات الأخرى مثل منتجع “وادي النخيل”، الذي يمتلكه رجل الأعمال مجدي مصطفى السيد.

فقد ثبت أن شركة “وادي النخيل” لم تلتزم بكافة الاشتراطات القانونية المتعلقة بتوفير المياه من خلال شركات المياه المحلية، بل لجأت إلى حفر آبار جوفية بطرق غير قانونية لتوفير المياه اللازمة للمرافق الترفيهية والسكنية.

وقد كشفت التحقيقات أن أصحاب هذه المنتجعات استغلوا الثغرات القانونية لتغيير النشاط من زراعي إلى سكني، واستخدموا المياه الجوفية بشكل غير قانوني للأغراض المنزلية والتجارية، ما يعرض البيئة والمخزون الجوفي لمخاطر جسيمة.

المخاطر البيئية: التلوث والانهيار

التحقيقات أظهرت أيضًا أن العديد من المنتجعات لم تنشئ شبكة صرف صحي مناسبة، ما يعرض المياه الجوفية للتلوث، ويهدد المخزون المائي في المنطقة.

فعلى سبيل المثال، منتجع “الريف الأوروبي” ارتكب مخالفة كبيرة تمثلت في غياب منظومة الصرف الصحي الفعالة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تسرب الملوثات إلى الآبار الجوفية، ويجعل من الصعب الاستفادة من هذه المياه في المستقبل.

وقد قدَّر الخبراء أن قيمة المخالفات التي ارتكبها هذا المنتجع وحده تجاوزت 750 مليون جنيه، ولم يتم تسديد أي من هذه المبالغ.

التحقيقات الحكومية: خطوات غير كافية في مواجهة الفساد

وفيما بدأ التحقيق في الفساد البيئي الناتج عن تجاوزات بعض المنتجعات على طريق مصر إسكندرية الصحراوي، قامت وزارة العدل بتشكيل لجان فنية لفحص الأوضاع داخل تلك المنتجعات.

ورغم هذه التحركات، فإن الحلول لا تزال بعيدة عن المعالجة الجذرية للمشكلة، حيث يواجه المسؤولون صعوبة في محاسبة المخالفين بشكل حاسم، ما يعكس ضعف النظام الرقابي في مواجهة فساد أصحاب هذه المنتجعات.

الآثار الاقتصادية: تدمير المستقبل المائي لمصر

التجاوزات التي تمارسها تلك المنتجعات تمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل مصر المائي. ففي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى كل قطرة ماء لضمان استمرار الزراعة وضمان تأمين الغذاء للمواطنين، يتم استنزاف المياه الجوفية بشكل يفاقم أزمة المياه في مصر.

هذا الاستنزاف غير المشروع يهدد الموارد المائية التي تمثل طوق النجاة للأجيال القادمة، ويقوض جهود الدولة في مواجهة الفقر المائي الذي يواجهه المواطن المصري حاليًا.

حلول مقترحة: ضرورة تفعيل القوانين

لمواجهة هذه الأزمة التي تهدد الأمن المائي لمصر، يجب على الدولة اتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد المتعلق بالاستفادة من المياه الجوفية، من خلال تفعيل القوانين المنظمة لاستخدام المياه، وفرض غرامات مالية ضخمة على الشركات والأفراد المخالفين.

كما يجب فرض رقابة صارمة على عمليات حفر الآبار الجوفية ومنع استغلالها في أغراض غير قانونية. إضافة إلى ضرورة وضع خطط لإعادة استخدام المياه وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة.

إنقاذ ما يمكن إنقاذه

في ظل هذه الأزمة التي تهدد مستقبل مصر المائي، يجب على الحكومة اتخاذ موقف حاسم لإنقاذ ما تبقى من المخزون الجوفي، وتطبيق القوانين التي تحمي المياه من الهدر والتلوث.

إن غياب الرقابة على هذه المشروعات الترفيهية والزراعية، والتراخي في تطبيق الإجراءات القانونية، قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة ويدفع مصر إلى حافة الكارثة المائية.

وفي الوقت الذي يتفاقم فيه الفساد وتستنزف فيه الموارد، يبقى الأمل في التدخل الحكومي السريع لوقف هذا التدمير الممنهج للمخزون المائي الحيوي.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الإحتلال يستدعي سفير الفاتيكان بعد انتقادات البابا لحرب الإبادة في غزة
التالى الصين تطلق مبادرة جديدة للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية لمنافسة “ستارلينك”