أخبار عاجلة
رياضة : ترامب: ماسك ليس أمريكي ولن يصبح رئيسا -
رياضة : احترس من أمراض الشتاء الأربعة -

د. أيمن نور يكتب : ورقة من مذكراتي … أنا ..ونفسي ..مدينة

هذّه المواجهه تمّت بيني وبين نفسي ، بعد نقاش دار أمس(السبت 21 ديسمبر 2024) بيني وبين نفسي او من هو اعز علي من نفسي

بعد 60 عاما من الزمن…هل تعرفني؟!

لا اظن….!! فقد تعرف واحداً هو -بعضاً مني

فأنا لست فردًا كما يبدو لك يا صغيري وصديقي !!…. فأنا مدينة- بل ربما -كونا كاملا.

يقطن بداخلي عشرات الأرواح، كل منها يسكن زاوية من قلبي وعقلي. لكل واحد منهم له : حكايته، صوته، وجهه ميزاته عيوبه مخاوفه . لست وحدي كذلك ، لست أنا فقط، هذا الرجل (المدينة)،

فاظن ان كل منا ، كذلك: مجتمع صغير يموج بالتناقضات،يصرخ داخله الحزن جنبًا إلى جنب الأمل،

ويسكن فيه الزهد جنبًا إلى جنب الشغف.

أحدهم بداخلي متدين جدا …يرفع يديه بالدعاء، وآخر يعشق الحياة،بما فيها، يدور كالنحلة ، يلتقط رحيق الحياة.

بداخلي هناك مثلك الفنان الذي لا تحده قيود، الواقع، يرسم الحلم بكل الألوان ،على كل الحيطان .

وهناك المناضل الذي يحمل راية التحدي، يرفض الانحناء مهما اشتدت العواصف.

بجانبهم يقف الإنسان العاقل المسالم الطيب، لحد السذاجة أحيانًا، ينثر الخير دون أن ينتظر مقابلاً.

وعلى النقيض، هناك آخر يخطط بدهاء، و يسعى بحذر ليبلغ أهدافه المشروعة التي حددها منذ الطفولة .

ومنهم من يحمل داخله التفاؤل، يرسم على كل غيمة شمسًا،

وآخر يائس، ينظر للهاوية وكأنها قدر لا مفر منه. كلهم يتجادلون بداخلي، يصرخون مطالبين بالسيطرة. أحيانًا ينتصر أحدهم، يقودني لبضع خطوات، ثم يتوارى ليترك الفرصة لآخر.

لكن السؤال الذي يطاردني وفجره حواري امس مع من هو اعز علي من نفسي هو: من أنا حقًا ؟

أأنا ذاك المتفائل الذي يزرع الأمل، أم اليائس الذي يرى في كل وردة أشواكها؟

أأنا المناضل الذي لا يتراجع، أم الذكي الذي يعرف متى يتراجع ليعود أقوى؟

يجيبني صدى داخلي، وكأني ،أُحاوِلُ أنْ أُصْلِحَ عطبا بداخِلي، لأُعيدُ ترتيبَ روحي كما أُعيدُ ترتيبَ أثاثِ منزلي.” الذي يطالبني بمحاولة التخلص من نصفه وهو لا يعرف ان كل قطعه منه قطعه مني من تاريخي لا إراده لي فيها.

ربما الإرادة الوحيدة لي هي صوت أحد هؤلاء الذين يسكنونني. إرادة تتلون بحسب من يعتلي المشهد داخلي الان

فمن الذي يختارهم؟ هل أنا من دعوتهم إلى صدري، أم أن الحياة والتزامات المجتمع الذي نشأت فيه هي من زوّدني بهم، و وضع في داخلي هؤلاء المتدينين، الفنانين، الحالمين، واليائسين؟

كل ما أفعله هو أن أستمع لهم، أراقب صراعاتهم وأعيش نتائج اختياراتهم.

“فكل منا يحمل بداخله ذرة من طين الأرض والبيئة التي نشأ عليها.”

فنحن في النهاية انعكاس لمجتمعاتنا، لظروفنا، للتجارب التي عبرت فوق أرواحنا مثل الرياح.

يا بنيّ إن تناقضي -احيانا- ليس ضعفًا، بل هو دليل على أنني حي، أنني إنسان يحمل بداخله كل الأضداد.

أليس الإنسان انعكاسًا للطبيعة ذاتها؟ تلك التي تجمع بين الليل والنهار، بين الهدوء والعاصفة. وكما قال سارتر يومًا: “الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يرفض أن يكون ما هو عليه.”

لذلك، حين أنظر إلى نفسي، أجدني أضحك وأبكي في آن واحد، أتقدم وأتراجع، أُحب وأخاف. وأفكر، أيّ قوة تلك التي توحد هذا الشتات فيّ؟

كيف تتناغم كل هذه الأصوات المتضاربة لتشكلني أنا، هذا الكائن العادي وغير العادي؟

يا بني ،ربما السر يكمن في تلك اللحظة التي أقف فيها أمام المرآة، وأقول لنفسي بصوت يشبه هدير بحر هادئ: “أنا، لست أسطورة، ولست ضعيفا.

أنا مجموعة من كل شيء.”

قد يبدو كل هذا تناقضًا، لكنه تناقض جميل. فليس هناك فرد خالٍ من التناقضات. “**فالحياة كالمسرح، كلنا نلعب أدوارًا متعددة، لكننا جميعًا نبحث عن ذاتنا الحقيقية خلف الستار**.”

فأنا وأنت، و نحن جميعًا مجتمعات مصغرة، نعيش داخلنا مدنًا من الحلم والخيبة، من القوة والهشاشة. نحن، ببساطة، بشر يحملون الكون كله في قلوبهم الصغيرة ..يا صغيري .

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق يوسف عبداللطيف يكتب: سقوط الثروات العربية بين الفساد والخيانة
التالى محمد أبو العينين: فساد ضخم وديون للكهرباء والبترول تتجاوز 7 مليارات جنيه