10 ديسمبر 2024, 2:44 مساءً
في خضمّ حادث مأساوي شهده مركز ديروط بمحافظة أسيوط، جنوبي مصر، إثر سقوط حافلة صغيرة على متنها 11 شخصًا في ترعة الإبراهيمية، ظهرت قصة الأم شريهان عثمان صديقي عبدالله "35 سنة" التي أنقذت طفلتَيها قبل أن تغرق مع السيارة.
وحسب وسائل إعلام مصرية: وقع الحادث المأساوي مساء الأحد الماضي، في محطة الحافلات الصغيرة لنقل الركاب بمركز ديروط، شمالي محافظة أسيوط، وكان بالحافلة الصغيرة "الميكروباص" 11 شخصًا في انتظار السفر إلى مدينة أسيوط، ولكن السائق ارتكب خطأ مروعًا، حين ترك السيارة على منحدر يتّجه نحو الترعة وبينها وبين الماء متر ونصف فقط.
وحسب موقع صحيفة "الأسبوع": فقد كشف الفحص والمعاينة أنّه في أثناء تحميل قائد الميكروباص للركاب تمهيدًا لاستقلال سيارته، تركها تعمل دون اتخاذ إجراءات الأمان ورفع فرامل اليد للسيارة؛ مما تسبّب في انزلاقها بمياه ترعة الإبراهيمية.
وتحفّظت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسيوط على السائق "أ.ص" 23 سنة، طالب بكلية التجارة، سائق السيارة الميكروباص التي تعرّضت للغرق بالترعة الإبراهيمية، وتحرّر المحضر اللازم، وتمت إحالته للنيابة العامة.
وحسب موقع صحيفة "الأخبار" القاهرية: نجا من الحادث 4 أشخاص قفزوا من الميكروباص قبل سقوطه، وأسفر الحادث عن وفاة 7 أشخاص تم انتشال 4 جثث من الضحايا وجارٍ البحث عن باقي المفقودين.
الأم.. سطر في خبر
وخلال رصد أسماء الضحايا كتبت صحيفة "الأخبار" في سطر واحد اسم هذه الضحية، وقالت: شريهان عثمان صديقي عبدالله "35 سنة" من مركز ديروط الشريف، أنقذت طفلتَيها قبل أن تختفي في المياه، ووصفتها في نهاية السطر بأنها "مفقودة" في إشارة إلى عدم العثور على جثتها في المياه.
قلب أم.. رمت طفليها إلى الحياة وغرقت
وفي لقطة إنسانية رسمت صحيفةُ "اليوم السابع"، اليوم الثلاثاء، صورةَ المشهد المأساوي، وكتبت: "في ليلة حالكة السواد، وبين صمت الماء وصخب المأساة، رسمت أم لوحة نادرة من التضحية الأمومية، مشهد ترعة الإبراهيمية بمركز ديروط لم يكن فقط ساحة لحادث مأساوي، بل شاهد على بطولة إنسانية تخلدها الذاكرة.
كانت السيارة تمضي بركابها على الطريق، لكن القدر رسم مسارًا آخر، انزلقت إلى مياه الترعة دون إنذار، لتبدأ فصول حكاية حزينة.
وسط الفزع والغرق اتخذت تلك الأمُّ قرارًا أشبه بمعجزة: ألقت بطفلتيها نحو الحياة، تاركةً نفسها للمصير المظلم.
لم يكن رجوع الميكروباص للخلف مجرد خطأ تقني، بل كان بداية كارثة انقلبت السيارة وعلى متنها 11 راكبًا إلى الترعة، لتتحول اللحظة إلى سباق مع الزمن.
شهادة أحد الناجين
وفي مقابلة مع موقع "مصراوي" كشف أحد الناجين، ويدعى رمضان إبراهيم عبدالنعيم، جانبًا من التفاصيل المأساوية والإنسانية، وقال: "عندما سقطت السيارة في المياه، كنا أنا وزميلي "توفي بالحادث" في المقعد الأخير، وتدافع الركاب علينا؛ لأن السيارة سقطت للخلف. سمعت صوت سيدة تستغيث وتقول: "الحقونا، الحقونا، الحقونا". بعدها لم أشعر بنفسي إلا وأنا في قاع الترعة أحاول الخروج من زجاج السيارة وزميلي يمسك بي".
وحسب روايته: حاول "عبدالنعيم" إنقاذ الركاب الآخرين، لكن تيار المياه كان شديدًا وسحب السيارة لمسافة 20 مترًا.
بطولة الأم
وقال "عبدالنعيم": إن سيدة تدعى "شريهان" كانت تستقلّ السيارة مع ابنتيها، وعندما شعرت بانزلاق السيارة ألقت بابنتيها من نافذة السيارة إلى الخارج، لكنها لم تتمكّن من النجاة بنفسها، فكتب الله النجاة لابنتيها وسقطت الأم مع الركاب في قاع الترعة.
وأكّد "عبدالنعيم" أن أحد الأهالي حاول إنقاذ الأم برمي حبل لسحبها من قاع الترعة، لكن محاولته باءت بالفشل.
الأم اختارت الحياة لطفلتيها
وتنهي "اليوم السابع" قصتها قائلة: الغواصون هرعوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وانتُشلت جثث، بينما يستمرّ البحث عن مفقودين، لكن الحدث الذي أدمى القلوب كان قصة تلك الأم، اختارت بين أن تترك طفليها للمجهول أو أن تهبهما فرصة للحياة، نجت الطفلتان، لكن الأم غرقت، وكأنها تقايض نبضاتها بضحكات صغيرتيها.