10 ديسمبر 2024, 11:25 صباحاً
في تطور تاريخي، وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المحكمة في محاكمته بتهمة الفساد، ليكون بذلك أول رئيس وزراء إسرائيلي يُتهم بارتكاب جريمة أثناء توليه المنصب، وتأتي المحاكمة في وقت حرج، حيث تخوض إسرائيل حربًا في غزة وتواجه توترات سياسية متصاعدة.
وتزامنت محاكمة نتنياهو مع الصراع الدائر في غزة، مما أضاف تعقيدات إلى المشهد السياسي الإسرائيلي. وقد مُنح نتنياهو تأجيلًا لبدء جلسات استماعه في المحكمة، لكن القضاة حكموا بضرورة بدء شهادته، مما أجبره على التناوب بين واجباته كرئيس للوزراء والمثول أمام المحكمة، وفقاً لـ"رويترز".
تهم الفساد
"لقد كنت أنتظر هذه اللحظة لأقول الحقيقة"، هكذا صرح نتنياهو أمام القضاة، مؤكدًا على دوره المزدوج كرئيس للوزراء ومواطن خاضع للمحاكمة. وقد أشار إلى التحديات التي تواجهها البلاد، حيث قال: "أنا أقود البلاد من خلال حرب على سبع جبهات، وأعتقد أننا قادرون على التعامل مع الأمرين في آن واحد".
ويواجه نتنياهو، البالغ من العمر 75 عامًا، تهمًا بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة. وتعود هذه التهم إلى عام 2019، حيث يُزعم أنه تلقى هدايا من أصدقائه المليونيرات، وسعى للحصول على أفضليات تنظيمية لأصحاب وسائل الإعلام مقابل تغطية إيجابية. وينفي نتنياهو ارتكاب أي مخالفات، ويصف التحقيقات بأنها مطاردة سياسية.
وقبل بدء المحاكمة، أعرب نتنياهو عن غضبه من معاملة الشهود خلال التحقيقات، متهمًا سلطات إنفاذ القانون بمحاولة تنفيذ انقلاب من خلال تحقيقات سياسية شرسة. وقد أثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا، حيث انقسم الإسرائيليون حول شرعية هذه التحقيقات.
الانقسامات السياسية
وقبل الحرب، كانت المتاعب القانونية لنتنياهو مصدرًا للانقسامات السياسية في إسرائيل. فقد أدت إلى إجراء خمس جولات من الانتخابات، وزعزعت استقرار النظام السياسي. كما أن محاولة حكومة نتنياهو تقييد سلطات القضاء أثارت استقطابًا بين الإسرائيليين.
ومع ذلك، فإن الهجوم المفاجئ لحماس على إسرائيل في عام 2023، والحرب التي تلت ذلك في غزة، أدت إلى توحيد الإسرائيليين في مواجهة الصدمة والحزن. ومع استمرار الحرب، بدأت الوحدة السياسية في الانهيار، حيث اشتبك أعضاء حكومة نتنياهو مع القضاء، مما أضاف طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد السياسي.
وستستمع المحكمة إلى شهادة نتنياهو ثلاث مرات في الأسبوع، على الرغم من التحديات التي تفرضها حرب غزة والتهديدات المحتملة في المنطقة. وقد دخل نتنياهو قاعة المحكمة بثقة، حيث ابتسم أمام القضاة، مؤكدًا على استعداده لمواجهة هذه التهم.
وتثير محاكمة نتنياهو تساؤلات حول مستقبله السياسي. فهو أطول زعيم إسرائيلي خدمة، حيث تولى السلطة بشكل متواصل تقريبًا منذ عام 2009. ومع ذلك، فإن هذه المحاكمة قد تؤثر على قدرته على الاستمرار في منصبه، خاصة مع تزايد التوترات السياسية في البلاد.
وتعد محاكمة نتنياهو حدثًا تاريخيًا، حيث يُنظر إليها على أنها اختبار لسيادة القانون في إسرائيل. وسوف يترقب العالم كيف ستسير هذه المحاكمة، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغيير في المشهد السياسي الإسرائيلي.