04 يناير 2025, 11:08 صباحاً
في سابقة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الأمريكي، يقف الرئيس المنتخب دونالد ترامب أمام القضاء للحكم في قضية جنائية تتعلق بتهم التستر المالي. تأتي هذه القضية وسط أجواء سياسية مشحونة؛ حيث تتشابك القوانين مع الطموحات السياسية؛ مما يجعل الحكم المرتقب في 10 يناير حدثًا فارقًا لا يقتصر تأثيره على ترامب فحسب، بل على النظام القضائي والديمقراطي الأمريكي بأسره.
ومن المقرر أن يصدر القاضي "خوان ميرشان" حكمه على دونالد ترامب في القضية التي أُدين فيها بتهم تزوير سجلات تجارية للتستر على دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية "ستورمي دانيالز". ورغم خطورة التهم أشار القاضي إلى أن الحكم لن يتضمن عقوبة بالسجن، وهذا القرار يأتي في سياق تعهد ترامب بالطعن والاستئناف؛ مما يفتح الباب لمزيد من الجدل القانوني؛ وفقًا لـ"رويترز".
مثول أمام المحكمة
وفي خطوة تعكس حساسية الموقف، سيكون على ترامب المثول أمام المحكمة شخصيًّا أو عبر الإنترنت قبل أيام قليلة من تنصيبه. ووفقًا للقاضي "ميرشان": فإن إصدار الحكم في هذا التوقيت الحرج يعكس التزام القضاء بعدم التحيز، رغم الضغوط السياسية والإعلامية.
يرى العديد من المراقبين أن هذه القضية تمثل اختبارًا حقيقيًّا للنظام القانوني الأمريكي، وخاصة أنها المرة الأولى التي يُتهم فيها رئيس أمريكي منتخب بارتكاب جرائم جنائية. ورفض القاضي محاولات فريق الدفاع لتعطيل القضية، معتبرًا أن تأجيل الحكم أو إلغاء قرار هيئة المحلفين سيشكل خطرًا على سيادة القانون.
من جانبه واصل ترامب انتقاداته للنظام القضائي، واصفًا القضية بأنها محاولة لتقويض حملته الرئاسية لعام 2024. هذه الاتهامات، التي يراها البعض جزءًا من استراتيجية ترامب السياسية، أضافت مزيدًا من التعقيد للمشهد السياسي، خاصة مع اقتراب موعد التنصيب.
استئناف محتمل
ويعتزم فريق ترامب القانوني تقديم استئناف ضد الحكم المرتقب، معتبرين أن القضية شابتها مخالفات قانونية. يأتي ذلك في وقت رفض فيه القاضي "ميرشان" الطلبات السابقة لإلغاء الإدانة أو تأجيل النطق بالحكم، مؤكدًا أن التهم تتعلق بأفعال شخصية ولا تتداخل مع مهام الرئيس المنتخب.
وأشار خبراء قانونيون إلى أن العقوبات المحتملة في مثل هذه القضايا تتراوح بين السجن والغرامات المالية، لكن سجل ترامب النظيف وتقدمه في العمر يجعلان من غير المرجح أن يواجه عقوبة بالسجن. ومع ذلك تظلّ احتمالية الاستئناف مفتوحة؛ مما يعني أن القضية قد تستمر لسنوات.
وتأتي هذه القضية في وقت يواجه فيه ترامب ثلاث قضايا جنائية أخرى على المستويين الفيدرالي والمحلي. ورغم أن وزارة العدل قررت تعليق القضيتين الفيدراليتين بعد فوزه في الانتخابات، لا تزال قضية ولاية جورجيا معلقة. هذا الوضع المعقد يثير تساؤلات حول قدرة ترامب على إدارة شؤون الرئاسة وسط هذه التحديات القانونية.
كما أن القضية أثارت انقسامات حادة داخل الأوساط السياسية والشعبية؛ ففي حين يرى أنصار ترامب أن التهم ذات دوافع سياسية، يشدد معارضوه على أهمية التمسك بمبدأ سيادة القانون، بغضّ النظر عن مكانة الشخص المتهم.
وفي الوقت الذي يترقّب فيه العالم النطق بالحكم على الرئيس المنتخب، يبقى السؤال الأهم: كيف ستؤثر هذه القضية على مسار الديمقراطية الأمريكية؟ وبينما تتشابك الأبعاد القانونية والسياسية، يظل النظام القضائي الأمريكي تحت المجهر، في اختبار ربما يكون الأهم في تاريخه الحديث.