لكل صوت يردد كالبغبغاء، أن سوريا ستنقسم إلى دويلات صغيرة، إهدؤا رويداً رويدا، فإنه إن حدث وإنقسمت (دويلة) من دولة سوريا، فإنها ستغدو للحاضنة القوية (تركيا). إن (تركيا) اليوم باتت تضاهي أوروبا العريقة، والحداثة الأمريكية في ذات الوقت، إنها على أعتاب إعادة المجد، والنفوذ، والسيطرة من جديد، لتعود أحد أهم دول العالم، إن لم تصبح قريباً (شبه إمبراطورية).
والمقصد من كلمة (شبه إمبراطورية) أن رقعة تركيا ستزيد وتتمدد لتضم أجناس وأعراق أخرى بلغات مختلفة. في البداية كانت كلمة السر لتركيا هي (أردوغان) لكنها الآن باتت تمتلك (مؤسسات حزبية) كل منها يضم رجال دولة، يفكرون في الحاضر والمستقبل البعيد لعقود، وقرون قادمة.
إن (تركيا) في الوقت الذي كانت مهتمة فيه بالإصلاحات الداخلية خلال العقدين الماضيين، لم تنسى أبداً الشأن الخارجي، ليس على الصعيد الإقليمي فحسب، وإنما على الصعيد الدولي أيضاً، لدرجة جعلتها الآن أحد أهم الدول المؤثرة في العالم.
ألم تكن (تركيا) في ظل إنشغالها بالشأن السوري وإسقاط (بشار الأسد) تقف في زاوية أخرى لترعى الصلح في شأن أفريقي مغايير، فيما بين دولتي “إثيوبيا” و “الصومال”. وهذا ليس بالأمر العابر، ففي فحواه ستكون هناك سيطرة على مضيق (باب المندب) بشكل أو بآخر، وما خفي من أمور أخرى لا نعلمها ستكون أعظم بكل تأكيد.
لا أستبعد أن تصبح (سوريا) جزء من (تركيا) خلال فترة وجيزة، بشكل أو بآخر، إما بالانضمام الرسمي، الجزئي أو الكلي، أو بتمدد وتوضيد العلاقة بينهما، كما هو الحال بين أمريكا واليابان، أو أمريكا وكندا. وإني على يقين أنه : إذا ما حدث إستفتاء الآن على اتحاد (سوريا) مع (تركيا) فإن أغلب السوريين سيصوتون بالموافقة على الإنضمام للدولة المعاصرة، وهم على ثقة أن حالهم سيكون أفضل.
ذلك لأنها دولة مسلمة، ترعى العلم والعلماء، جذابة للفكر والمفكرين، والإبداع والمبدعين. إنها دولة مسلمة تفكر في الدنيا أكثر مما تفكر في عذاب القبر، فمن من الأحياء المسلمين يكره أن يكون فردُ منها.
قريباً ستتسع مساحة رقعة تركيا، وستتغيير الخريطة العالمية، لأن النظام العالمي الجديد، لا يريد (دول متنافرة) بقدر ما يريد دول كبرى مسيطرة، أو شبه إمبراطوريات، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، التي أرهقت النظام العالمي القديم. أما النظام العالمي الجديد، فلم يعد يأمن للدول الإسلامية المتفرقة، والمتنافرة في ذات الوقت، فما بين تنصل بعضها من إتفاقيات وعهود، وتصدير البعض الآخر للإرهاب، وتهديد دول أخرى لمصالح القوى العالمية …. إلخ
فقد باتت الحاجة الآن لوجود حاضنة إسلامية تضم كُل ما هو إسلامي .. ولا يوجد على الساحة من دولة أقدر على ذلك من (تركيا). لقد وضعت تركيا حجر الأساس لشبه إمبراطوريتها القادمة، وستكون في ثوب جديد، ليست كما كانت الخلافة العثمانية، إذ سيكون لها الهيمنة والسيطرة في الشرق الأوسط، حتى وإن عارضتها دول إقليمية، كما ستسيطر إلى ما هو أبعد من النطاق الإقليمي. فالنظام العالمي الجديد، سيسعى لذلك، لأن أهمية (تركيا) في المستقبل قد تتجاوز أهمية (إسرائيل) بل إن الأخيرة أيضاً سترحب بالخيار الجديد.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط