أشار العديد من الباحثين العرب العاملين في مختبرات الغرب إلى أن شهر رمضان يمثل اختبارًا يوميًا لقوة الإرادة والقدرة على الموازنة بين الصيام والعمل العلمي المكثف.
بين مشاعر الاحترام والتقدير من زملائهم الغربيين، وتحديات الصيام الطويل، يجد هؤلاء الباحثون أنفسهم في مواجهة معادلة صعبة تجمع بين الإبداع والتحمل.
أوضح الدكتور أحمد النجار، الباحث المصري في مجال الكيمياء الحيوية في جامعة كامبريدج البريطانية، أن شهر رمضان يمثل تحديًا يوميًا له كعالم يعمل في بيئة علمية صارمة.
قال النجار: “لا شك أن الصيام في الغرب يتطلب جهدًا مضاعفًا، خصوصًا عندما يستمر يوم العمل لساعات طويلة ويتطلب تركيزًا كبيرًا. يُنظر إلينا كأشخاص يمتلكون إرادة خارقة، فزملائي الغربيون غالبًا ما يتعجبون من قدرتنا على العمل دون طعام أو شراب، خصوصًا خلال فصل الصيف حيث تزداد ساعات النهار”.
وأضاف النجار: “التحدي لا يقتصر على الصيام فقط، بل يشمل التوازن بين عباداتنا والحفاظ على الأداء المهني المتفوق”. وأكد أن “الصيام يزيد من قوة الإرادة ويجعلني أكثر تنظيمًا لإدارة وقتي بطريقة فعالة، بحيث لا يتأثر عملي”.
وأشار محمد شرف، الباحث في الفيزياء التطبيقية بجامعة ستانفورد الأميركية، إلى أن الصيام في الغرب يختلف تمامًا عن الصيام في الدول الإسلامية،
حيث يقول: “الزملاء هنا يرون الامتناع عن الطعام والشراب طيلة اليوم أمرًا غريبًا، خاصةً أن ثقافة الصيام المتقطع منتشرة ولكنها لا تشمل الامتناع عن المشروبات. أتذكر كيف كان زملائي يراقبون أدائي في المختبر خلال رمضان، وكأنهم ينتظرون أن أتعثر بسبب الصيام”.
ويضيف شرف: “أكثر ما يحزنني هو أن بعض الباحثين العرب يعتبرون رمضان شهرًا للراحة والتكاسل، وهذا يُعطي صورة سلبية عنا”.
وأكدت الدكتورة مريم صالح، الباحثة في مجال علم الأحياء الدقيقة بجامعة هايدلبرغ الألمانية، أن تنظيم يومها خلال رمضان يتطلب الكثير من المرونة.
وأوضحت: “أحرص على أن أصلي الظهر والعصر خلال استراحات العمل، وأحافظ على وجبة السحور المبكرة حتى لا يؤثر الصيام على إنتاجيتي. لكن ما يثير الإعجاب في زملائي الألمان هو تقديرهم لالتزامي بالصيام، فغالبًا ما يتجنبون تناول الطعام أمامي احترامًا لي”.
وتابعت: “الوجود في الخارج جعلني أكثر قدرة على تنظيم وقتي والالتزام بعملي دون أن يتأثر أدائي بالصيام”.
من جهته، أشار الدكتور شريف الحسيني، الباحث في مجال الهندسة الحيوية بجامعة تشينغوا في الصين، إلى أن الشعب الصيني يحب الطعام ويجد الصيام أمرًا غريبًا.
وأوضح الحسيني بأن “الشعب الصيني يعتبر الامتناع عن الطعام لساعات طويلة أمرًا صعبًا جدًا، لذا عندما يعلمون أنني صائم يتعاملون معي باحترام وإعجاب. أتذكر مرة عندما كنا في رحلة أكاديمية، وكان موعد الإفطار قريبًا، فقام عميد الكلية بتنظيم وليمة في مطعم إسلامي، ورفضوا الأكل حتى أنهيت صيامي”.
ويضيف: “رغم التحديات، فإنني أنجح في تنظيم وقتي بحيث أتمكن من العمل بكفاءة، وأحرص على الصلاة وأجواء رمضان مع أصدقائي هنا”.
وتوضح الدكتورة إيمان علي، الباحثة في مجال العلوم البيولوجية بجامعة أوسلو، أن التكيف مع الصيام في الغرب يتطلب تعديل بعض العادات اليومية.
وقالت علي: “أضطر إلى تعديل مواعيد العمل بحيث أتمكن من الصيام دون التأثير على إنتاجيتي. أحيانًا أعمل بعد الإفطار وحتى السحور، وأحيانًا أبدأ يومي مبكرًا جدًا”.
وتضيف: “رغم أن الأجواء الرمضانية في الغرب لا تشبه تلك التي في مصر، فإنني أخلق هذه الأجواء مع زملائي من خلال تجمعات الإفطار والسحور الجماعية، وهو ما يساعدني على الشعور بروح الشهر الفضيل”.
من جانبه، أكد الباحث أحمد منصور، الذي يعمل في مختبرات جامعة هارفارد، أن الصيام لم يؤثر أبدًا على أدائه البحثي.
وأوضح منصور: “أحرص على أن أستغل وقتي بشكل أفضل خلال رمضان، حيث أقوم بإنجاز الكثير من الأعمال البحثية في فترات الليل. الصيام يساعدني على التركيز ويزيد من إنتاجيتي”.
وتابع: “زملائي يقدرون التزامي بالصيام، وأحيانًا يشاركونني في الاحتفال بالأعياد الإسلامية بعد أن أظهرت لهم احترامي لأعيادهم ومناسباتهم”.
من جهته، أشار الدكتور خالد حمدي، الباحث في مجال الطب الجزيئي بجامعة طوكيو، إلى أن الصيام يمثل تحديًا خاصًا في بيئة علمية صارمة مثل اليابان.
وقال: “الشعب الياباني معروف بالانضباط والعمل الدؤوب، لذا فإنني أحرص على ألا يؤثر الصيام على أدائي في العمل. غالبًا ما أتلقى استفسارات من زملائي عن كيفية قدرتي على الصيام والعمل بنفس الكفاءة، وأشرح لهم أن الصيام لا يتعلق فقط بالامتناع عن الطعام والشراب، بل هو تمرين على ضبط النفس والتركيز”.
وعن التجربة نفسها، قالت الدكتورة ندى حسني، الباحثة في علم الجينات بجامعة كاليفورنيا، إنها تحرص على التوازن بين عملها العلمي وعبادتها خلال شهر رمضان.
وأوضحت: “أقوم بتعديل ساعات عملي بحيث أتمكن من الصيام والعمل بكفاءة، وغالبًا ما أبدأ يومي مبكرًا جدًا وأكمل العمل في ساعات المساء بعد الإفطار. أكثر ما يعجبني هو أن زملائي يحترمون التزامي الديني، وغالبًا ما يتجنبون تناول الطعام أمامي”. وتابعت: “الصيام يساعدني على تحسين تنظيم وقتي وزيادة إنتاجيتي”.
أما الدكتور هشام عبد الله، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة تورنتو، فأكد أن الصيام لا يؤثر على إنتاجيته البحثية.
وقال عبد الله: “أحرص على تنظيم يومي بطريقة تضمن أنني أتمكن من العمل بتركيز كامل. الصيام يساعدني على تحسين قدرتي على التحمل والتركيز، وأجد أنني أكثر إنتاجية خلال هذا الشهر”.
وأضاف: “زملائي الكنديون يعبرون عن إعجابهم بقدرتي على الصيام والعمل بنفس الكفاءة، وأحيانًا ينضمون إلي في تناول الإفطار تضامنًا معي”.
وأشار الدكتور مصطفى حمدي، الباحث في مجال الفيزياء النظرية بجامعة باريس، إلى أن الصيام يمثل اختبارًا يوميًا للإرادة.
وقال حمدي: “أكثر ما يدهش زملائي هو كيف أتمكن من العمل لساعات طويلة دون تناول أي طعام أو شراب، لكنني أشرح لهم أن الصيام يزيد من تركيزي وإنتاجيتي. أحيانًا أقوم بإنجاز أعمالي في فترات الليل بعد الإفطار، وأحيانًا أعمل خلال النهار بشكل عادي”. وتابع: “الصيام يمثل فرصة لإظهار قوة الإرادة والتحمل، وهو ما يزيد من احترام زملائي لي”.
من جهتها، قالت الدكتورة نجلاء عبد السلام، الباحثة في علوم الأرض بجامعة لندن، إنها تواجه تحديات كبيرة خلال شهر رمضان، لكنها تعتبره فرصة لتطوير الذات.
وأوضحت: “الصيام يعطيني دافعًا أكبر لتحقيق أهدافي، فأقوم بتنظيم وقتي بطريقة تضمن أنني أؤدي عملي بكفاءة”.
وأضافت: “زملائي في المختبر غالبًا ما يتعجبون من قدرتي على الصيام والعمل بنفس الكفاءة، لكنني أشرح لهم أن الصيام يساعدني على تحسين تركيزي والتحكم في نفسي”.
وختامًا، أكد الدكتور علاء مصطفى، الباحث في علوم الأحياء الجزيئية بجامعة زيورخ، أن الصيام يمثل فرصة لتعزيز القدرة على التحمل والتركيز.
وقال مصطفى: “أحرص على تنظيم يومي بحيث أتمكن من أداء عملي بنفس الكفاءة خلال شهر رمضان. الصيام يمثل تحديًا جسديًا، لكنه يزيد من قوة الإرادة ويجعلني أكثر تركيزًا في عملي”.
وأضاف: “الوجود في الغرب يمثل فرصة لشرح ثقافة الصيام للآخرين، وغالبًا ما يعبر زملائي عن إعجابهم بقدرتي على الصيام والعمل بنفس الكفاءة”.
في ظل تحديات الصيام والعمل العلمي، يثبت الباحثون العرب في الغرب أن الصيام ليس عائقًا أمام الإنجاز، بل دافعًا لتعزيز الإرادة والتحمل.
إن تفوقهم في بيئات علمية صارمة لا يعكس فقط التزامهم الديني، بل يعزز قيم الاجتهاد والإبداع التي يحملونها معهم أينما كانوا.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط