أخبار عاجلة

عبد الفتاح طوقان يكتب: الإعمار بين الاستثمار وغياب الحقوق

موضوع التعويض وإعادة الإعمار والبناء في المناطق المتضررة من الصراع الفلسطيني الصهيوني المتمثل في الكيان الإسرائيلي الغاصب للأرض، وخاصة في غزة مؤخرا، ينطوي على أبعاد تاريخية وسياسية واجتماعية إنسانية معقدة ، ولكن بالطريقة التى ورد بها في القمة العربية الأخيرة المنعقدة بالقاهرة جاء نافيا عن المعتدي الاسرائيلي الغاصب مسؤولية تعويض أهل غزة و يرمى بكرة الأعمار في الملعب العربي ويتغاضى عن اصل القضية الفلسطينية وكأن الموضوع فقط استثمار وإعمار لقرية منكوبة في القارة السوداء او تعرضت لزلزال بقوة ٧ على مقياس ريختر الصهيوني في القارة الآسيوية، علما بأن بعض من دول عربية متآمرة علي القضية الفلسطينية منذ حدوثها واخرون متاجرون بها بما فيها بعض من المسؤولين الفلسطينين انفسهم ولا يمكن انكار ذلك

اما عن الخطة المصرية التى تبنتها القمة العربية فهي تهدف إلى توفير بديل لخطط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإقامة “ريفيرا الشرق الاوسط” في غزة من خلال تقديم خطط لإعادة إعمار القطاع المدمر دون تهجير سكانه

لقد رفضت كل من امريكا و إسرائيل الخطة لسببين ، الاول لانه مطلوب تفريغ غزة و تهجير أهلها الي الاردن و سيناء في مصر ، و الثاني ان ترامب الرئيس الأمريكي و رجل الاعمال طامح في ان يكون هو المستثمر والمطور العقاري لغزة و المستفيد الاول من ذلك ماليا و عقاريا و ليس مصر او من الدول العربية الاخرى ، و بتمويل خليجي. اما موضوع عمل أهل غزة و الأولية لهم في اعمال التشييد و البناء فيندرج تحت اليد العاملة الرخيصة وهو ترويج اعلامي لدمجهم في فكرة الاستفادة من موضوع “الإعمار”. وهنا يجب ان نتوقف لنواجه الحقيقة :؛ لقد تحول موضوع غزة من قضية وطن دمر و اغتصب و يجب اعادة الحقوق الي الفلسطينين الي موضوع استثمار و إعمار و تجارة ” تحت مسمى انسانى و مساعده !!!!!هذا و سيتم دعوة قمة إسلامية لهذا الغرض لتصبح قضية “الإعمار” عربية إسلامية في السابع من شهر مارس ٢٠٢٥.

عموما فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي ينبغي مراجعتها ومراعاتها قبل الولوج في الخطة الاستثمارية التي اعتمدتها القمة العربية:

أولا: السياق التاريخي: إن الصراع العربي الإسرائيلي لا يمكن انكاره حيث له جذور تاريخية عميقة وأسباب عقائدية وحضارية ، مع حروب متعددة، ونزاعات إقليمية، وخيانات عربية، وتكتل غربي داعم للكيان الاسرئيلي، ومعاناة كبيرة على كلا الجانبين. إن فهم التاريخ وحقوق الشعب الفلسطيني لهو أمر بالغ الأهمية لمعالجة المظالم الحالية والمطالبات بحق العودة وبالتعويض وقبل ذلك تآمين حق بالحياة الطبيعية سالما لكل فلسطيني و فلسطينية في وطنهما المغتصب.

                                                          خطة التقسيم التى رفضها العرب عام ١٩٤٨

ثانيا: آليات التعويض: تلقت مجموعات مختلفة باستثناء الشعب الفلسطيني تعويضات من خلال آليات مختلفة نتيجة الضرر الذي وقع عليها منها على سبيل المثال:

(أ) تعويضات الهولوكوست: أنشأت العديد من البلدان والمنظمات صناديق لتعويض الناجين من الهولوكوست، اعترافًا بالفظائع التي واجهوها خلال الحرب العالمية الثانية، و تحملت ألمانيا و حتى يومنا هذا دفع تعويضات بالمليارات من الدولارات و الاعتذارات للشعب اليهودي. وغالبًا ما يستند هذا التعويض إلى اتفاقيات قانونية ومسؤوليات تاريخية.

(ب)تعويضات حرب الخليج: بعد غزو العراق للكويت، أنشأت الأمم المتحدة صندوق تعويض للأفراد والكيانات المتضررة من الصراع، بتمويل بمليارات الدولارات دفعتهم العراق تحت مسمى “التعويضات العراقية للمتضررين من حرب الخليج” . وقد تم تسهيل هذه العملية من خلال القانون الدولي والتعاون.

ثالثا :جهود إعادة الإعمار: تهدف الخطة المصرية الخاصة بإعمار “غزة” و هي خطة استثمارية جيده و تم دراستها بعناية على المستويات كافة وقدرت التكاليف بدقه متناهية، وهي تتضمن تشكيل مجلس إعمار ( من سبع شخصيات مستقلة ومتوقع ان تكون من خيرة الخبراء في الشآن الهندسي والتطوير بالإضافة الي خبير مالي ) يهدف الى معالجة الاحتياجات العاجلة مثل الإسكان المؤقت والبنية الأساسية والخدمات ومن ثم أعمار كامل غزة بقيمة قدرت ٥٣ مليار دولار أمريكي. ومع ذلك، فإن إعادة الإعمار لا تتعلق بالاستثمار المالي فحسب ( لم تتطرق الخطة المصرية او القمة العربية الى ما اقترفته إسرائيل من تدمير و جرائم حرب ولا كيفية محاسبتها ولم تتم الإشارة الى نسب تمويل تلك الخطة من العرب و الاتحاد الأوروبي وكيف تم إعفاء إسرائيل ؟) ؛ بل أنه من المفترض والأساس أن تتطلب أيضًا الاستقرار السياسي والأمن والالتزام بالسلام من جانب جميع الأطراف المعنية وإعادة الحقوق لاصحابها وهو ما غفلت عنه “القمة العربية ” التي عقدت مؤخرا بالقاهرة واكتفت بالاستثمار و بالإعمار وتواجد قوات من الأمم المتحدة !!!!!.

رابعا : المشاركة الدولية: غالبًا ما تلعب المنظمات الدولية المختلفة والدول دورًا في التوسط في النزاعات وتسهيل الحوار وتقديم المساعدة المالية. ويمكن أن يكون مشاركتها حاسمة في ضمان أن تكون جهود إعادة الإعمار والتعويض عادلة وفعالة مثلما فعلت في الهولوكست و تعويضات حرب الخليج، و لكن في موضوع فلسطين عموما و”غزة” خصوصا غابت وغيبت تماما وتم التغاضي عنها والاكتفاء بتلميحات عربية عن مقترح إقامة “دوله منزوعة السلاح” ، دولة لها علم ومزيكا بلا سياده و بلا قرار و بلا مقاومة مشروعة و بلا لون او طعم في كونفدرالية إسرائيلية أردنية من لحظة الإعلان عن الدولة المقزمة!!!! وهنا نتحدث عن اردن بمفهوم جديد و جغرافيا مختلفة وتركيبة سكانية و نظام حكم مغاير ، و اقصد حل القضية الفلسطينية علي حساب الأردن و العشائر الأردنية بعد ان تحقق الوطن البديل والذي يتم انكاره بينما الواقع انه تم بتوطين ما يزيد عن اكثر من خمس ملايين فلسطيني في الأردن، وتم منحهم ارقاماً و طنية وحقوقا كاملة لدرجة ان اصبح منهم روؤساء وزراء ورؤساء ديوان ملكي، و مدراء مخابرات و قاده جيوش ووزراء رؤساء مجالس نيابيه و مجلس الاعيان، مع ذلك يتم الإنكار.

خامسا: الاعتبارات الإنسانية: غالبًا والمفترض أن تكون الاحتياجات الفورية للمدنيين المتضررين من الصراع لها الأولوية وتعمل المنظمات الإنسانية على تقديم الإغاثة، ويجب أن تعطي أي جهود تعويض أو إعادة بناء الأولوية لرفاهية وحقوق الأكثر تضررًا من العنف والنزوح وهو ما لم يحدث بل كانت الأولية نزع وتسليم سلاح المقاومة الفلسطينية وانهاء حماس ومنح الأفضلية لإسرائيل و حكومة نتانياهو.

سادسا :الحوار وعمليات السلام: تتطلب الحلول المستدامة عادةً حوارًا مستمرًا بين الأطراف المتصارعة وتسعى عمليات السلام، التي غالبًا ما يسهلها وسطاء دوليون، إلى معالجة القضايا والمظالم الأساسية لتعزيز الاستقرار على المدى الطويل ومع ذلك الوسيط الدولي والمقصود به الولايات المتحده كان منحازا باستمرار للصهيونية و إسرائيل ، ولم يكتف بالانحياز و ازدواجية المعايير بل كان شريكا في الحرب علي غزة و تدميرها ، في نفس الوقت الذي كانت هناك معاهدات استسلام برعاية أمريكية داعمه للكيان الغاصب سهلت عملية اعتراف عربي بحق إسرائيل و بحدود لها مقتطعة من الأرض الفلسطينية ، معاهدات أكدت ونصت على عدم التعرض لاسرائيل والوقوف الى جانبها ان حدث أي اعتداء “منها او عليها ” ولم يكن هناك أي اعتبارات للتاريخ والسياسة والاخلاقيات بحق الشعب الفلسطيني في كامل ارضه وتعويضه ماليا ومعنويا عما لحق به من ضرر، واختفت كل ضمانات المسائلة للصهيونية وما اقترفته بحق فلسطين والفلسطينيين في غياب التوازن بين الجوانب المتضررة و بترحيب من عملاء الرجعية و اذيال الاستعمار.

سابعا :المصالحة الثقافية والاجتماعية: إلى جانب التعويض المالي للشعب الفلسطيني، يمكن لمبادرات المصالحة الثقافية والاجتماعية مستقبلا أن تساعد في سد الفجوات وتعزيز التفاهم بين المجتمعات. وقد يشمل ذلك البرامج التعليمية والروايات المشتركة والمبادرات المشتركة “فقط” بعد إعادة الحقوق للشعب الفلسطيني و ليس قبلها.

بشكل عام، في حين أن حق العودة والتعويض وإعادة الأعمار والبناء يشكلان عناصر حيوية في معالجة عواقب الصراع، فإنهم يشكلون جزءًا من إطار أوسع يشمل الحلول السياسية والعدالة الاجتماعية والجهود المبذولة لتحقيق السلام الدائم. في وقت “السلام النائم” يعشّش في البيات العربي المستمر والذي أيقظته “المقاومة” و تقف لمزايدات أمريكا تزوير عملائها و اذيال الإستعمار للحقائق بالمرصاد.

وما ينطبق على فلسطين ينطبق على أعاده إعمار “جنوب لبنان” استثمار في استثمار وهذا لا يكفي لان كلاهما قضايا وطن وحقوق وبعكس ذلك خيانة و عقوق.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق توقعات طقس يوم الثلاثاء 4 مارس 2025 الموافق 4 رمضان في أنحاء مصر
التالى تصاعد الغموض حول وفاة آية عادل وسجال بين العائلة والزوج حول الحقيقة