
ثانيا: الأيديولوجية المحافظة
ظهرت الأيديولوجية المحافظة كرد فعل على الثورة الفرنسية وعملية التحديث الاجتماعي في الغرب، وهي تنبع من الرغبة في الحفاظ على التقاليد والنظم والمؤسسات الإجتماعية القائمة لأنها تمنح إحساسا لأفراد المجتمع بالهوية والإنتماء والأمن والإطمئنان، بخلاف التغيير الذي تنظر إليه المحافظة على أنه رحلة نحو المجهول مما يولد شعورا باللايقين وعدم الإطمئنان، ومن ثمفهي تدعو إلى مقاومته ومنع حدوثه
ثالثا: الأيديولوجية الإشتراكية
يرتكز الفكر الإشتراكي بخلاف الليبرالي على الإعتقاد بأولوية الجماعة علىالفرد، إذ ينطلق من تصور مخالف للطبيعة البشرية بحيث يصور الأفرادككائنات اجتماعية لا يمكن فهمها بمعزل عن الآخرين والظروف الإجتماعية،ومن هذا المنطلق فالعلاقات الاجتماعية
ينبغي أن تقوم بالأساس على التعاون وليس التنافس الذي يشجع على الأنانية والعدوان، بحيث يدافع الإشتراكيون عن الحوافز المعنوية للعمل التي تجد أساسها في الرغبة في المساهمة في الخير العام ومساعدة المحتاجين
وإضافة إلى الفلسفة الجماعية، يؤمن الإشتراكيون بقيمة المساواةالإجتماعية وهنا يرفضون الرؤية الليبرالية التي تقصرها على المساواة فيالفرص باعتبار أنها تربي عقلية البقاء للأصلح، ولكن رغم إجماعهم حولهذه القيمة يختلف الإشتراكيون في تحديد مداها بين الشيوعيين الماركسيينالذين يؤمنون بالمساواة الإجتماعية المطلقة التي تتحقق بواسطة إلغاءمؤسسة الملكية الخاصة والتحول إلى الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وبينالديمقراطيين الإشتراكيين الذين يدعون إلى المساواة الإجتماعية النسبية منخلال إعادة توزيع الثروة بواسطة دولة الرفاة .
وقد عرض الكاتب في هذا الفصل لأهم منطلقات كارل ماركس الفكرية،بحيث وصف هذا الأخير نتاجه الفكري بالإشتراكية العلمية لأنه لم يكتف بتقديم نقد أخلاقي للرأسمالية، وإنما عمل أيضا على سبر عملية التطور التاريخي والإجتماعي من خلال اعتماده للفهم المادي للتاريخ أو ما عرف المادية التاريخية، حيث خلص إلى أن المبنى الفوقي لا يعدو كونه انعكاسا للمبنى التحتي للمجتمع، بمعنى أن الظروف المادية والإقتصادية هي التي تشكل السياسة والقانون والمجتمع، إذ اعتبر أن الأفكار السائدة خلال مرحلة معينة هي أفكار الطبقة الحاكمة (البورجوازية), وأن الطبقة التي تملك وسائل الإنتاج المادي (الثروة) هي التي تملك وسائل الإنتاج العقلي (الثقافة والأفكار).
كما لا يمكن فهم تحليل ماركس للتاريخ دون استحضار منهج المادية الجدلية أو الديالكتيك الذي طوره من هيغل والذي يشير إلى أن التقدم هو نتيجة الصراع أي وجود الفكرة ونقيضها، ومن ثم تنبأ ماركس بحتمية انهيار الرأسمالية لأنها تحتوي على نقيضها أي البروليتارية، إذ ينظر ماركس إلى التاريخ على أنه صراع ممتد بين المضطهدين بكسر الهاء) والمضطهدين بفتح الهاء) أي بين السادة والعبيد، بين ملاك الأراضي والأقنان، بين البورجوازية والبروليتارية، وأن نهاية التاريخ و الصراع ستتحقق بتشكل المجتمع الشيوعي القائم على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج مما يضع حدا لجدلية الصراع الطبقي
وبالنسبة لأهم ملامح نقد ماركس للنظام الرأسمالي، نستحضر هنا مفهوم الاغتراب الذي تسببه الرأسمالية للإنسان بالنظر إلى أن العامل ينتج سلعا ليس في حاجة إليها وإنما الهدف الأساسي من هذه العملية هو در الأرباح على ملاك رؤوس الأموال، كما أضاء ماركس على الاستغلال الاقتصادي الذي يتجسد في حرمان العمال من فائض القيمة لحصولهم على رواتب أقل من قيمة العمل التي يولدونها، وفي هذا الصدد يراهن على أن الطبقة العاملة ستطور من تلقاء ذاتها وعيا طبقيا سيؤدي إلى الإطاحة بالرأسمالية، في حين تشدد الماركسية اللينينية (نسبة إلى فلاديمير لينين) على الحاجة إلى حزب ثوري يقود الطبقة البروليتارية من الوعي النقابي إلى الوعي الطبقي الثوري.
كاتب صحفي وسكرتير عام مساعد حزب غد الثورة
نسخ الرابط تم نسخ الرابط