علّق الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة الليبرالي على الحوار الذي جمع أمس بين الإعلامي محمد ناصر والمفكر العربي الدكتور محمد مختار الشنقيطي، واصفاً طرح الشنقيطي بأنه يعكس شجاعة مدهشة في تفكيك وتحليل المشهد العربي المتشابك وجوهر الهوية السياسية العربية.
وأشار د.أيمن نور إلى أبرز النقاط التي أثارها الحوار وضرورة التوازن بين المثالية في الفكر السياسي والبراغماتية في التطبيق. وأوضح في تغريدة على حسابه الرسمي “إكس” أن البعض قد يتوهم أن البراغماتية سُبّة، لكنها في الحقيقة تعبير عن الخبرة المتراكمة والتوازن المستحق، كما تجسدت في تجارب قادة ليبراليين وإسلاميين ومفكرين عظام مصريين وعرب، مثل طه حسين ورفاعة الطهطاوي في دعوتهما للإصلاح، وسعد زغلول في نضاله من أجل الاستقلال، ومصطفى النحاس في سعيه لحماية المصالح الوطنية.
ولفت د.نور إلى أن سعد زغلول كان في بداية حياته السياسية ضمن خلية سرية عنيفة اسمها “الانتقام الثوري” تستهدف كل من خان ثورة عرابي، وختم زغلول حياته بأعظم ثورة سلمية مدنية، ثورة 1919، وقاد نضالًا مدنيًا للتفاوض مع الإنجليز وصولًا لتصريح 28 فبراير 1922، والذي اعترفت فيه بريطانيا باستقلال مصر ومعاهدة 1936.
وأردف بقوله إن هؤلاء المصلحين الثوريين هم قادة ورموز الحركة الليبرالية المصرية في مهدها، وكانوا أيضًا من أبناء الأزهر الشريف وتلاميذ الإمام محمد عبده.
وأشار رئيس حزب غد الثورة في تغريدته إلى ما تعرض له الشنقيطي من أن اللحظة والمكان والموقع الذي يقف فيه السياسي هي معايير موضوعية هامة في تحديد موقفه السياسي الواقعي والمسؤول، ضاربا المثل بالزعيم مصطفى النحاس عندما وقع على معاهدة 1936 قائلًا: “من أجل مصر، وقّعت معاهدة 1936”، ثم عاد في أكتوبر 1951، وبعد سنوات طويلة من الدفاع عنها، وألغاها قائلًا: “من أجل مصر، وقعت على المعاهدة، ومن أجل مصر أُلغي معاهدة 1936”.
هذا الموقف يبرز أهمية التوقيت والظروف في تحديد القرارات السياسية، حتى وإن بدت للبعض من السطحيين متناقضة، فإن المتغير الحقيقي هو الزمن والسياق، وليس الشخص أو الموقف.
الحوار بين العزيز محمد ناصر والدكتور الشنقيطي لم يكن مجرد نقاش تلفزيوني حول قضايا آنية، بل دعوة للتفكير في بناء “مساحات مشتركة” ولو بدت رمادية، فهي تتجاوز الخلافات السطحية.
وأضاف أن السياسة ليست مجرد تحركات عشوائية وصرخات وشتائم وانفعالات عصبية وتعميم سطحي، وإصدار أحكام جزافية، بل السياسة هي أداة للتعاطي مع الواقع الراهن ولبناء المستقبل من خلال فهم التفاصيل الدقيقة والمتغيرات الدائمة، لكل فكرة وخطوة، ومدى خطورة تبنيها أو إهمالها.
وقال د.ايمن نور إن طرح الدكتور الشنقيطي يمثلني شخصيًا وحزبيًا وفصائليًا، ويفسر العديد مما عجز البعض عن فهمه، ففرغوا جل جهدهم في شهوة نقده!
إنها قيم تتناغم مع دعوات مفكرين مصريين سابقين، مثل طه حسين، الذي دعا إلى التفكير الحر والتحديث العقلاني في السياسة، وسعد زغلول، الذي أكد على التوازن بين السياسة والمصالح الوطنية، مشددًا على استخدام الحكمة والعقل في رسم السياسات.
الحوار بين ناصر والدكتور الشنقيطي يعكس نضوج الإعلامي للأول وقدرة الثاني كمفكر حر على تجاوز قيود القبيلة الأيديولوجية لتقديم رؤية متكاملة تتجاوز التحديات الآنية والمقولات المعلبة، مستشرفًا مستقبلًا أكثر نضجًا وتوازنًا، وهو ما فعله القادة والمفكرون الذين حملوا راية الفكر والسياسة في تاريخنا المصري والعربي.
نعم… ربما كان لدي تحفظات على طريقة ناصر رغم إيماني الكامل بموهبته، وكذلك لا أدعي أني أنتمي لذات مدرسة الدكتور الشنقيطي، لكن دون مبالغة أرى حوار الأمس نقطة فاصلة وإضافة هائلة في مسيرة الاثنين الإعلامية والفكرية.
ودعا د.نور إلى التوقف أمام الأفكار المتداولة عبر هذا الحوار، فكثير منها يحتاج إلى تأمل عميق لفهم ما وراء الكلمات. فكما يقول الدكتور الشنقيطي: “الهدف من السياسة هو بناء الثقة وتحسين واقع الشعوب، وليس السعي للبقاء في السلطة أو التلاعب بالتحالفات”.
واعتبر د. أيمن نور أن مثل هذا الحوار أداة للتغيير والتنوير، حاملاً رسالة في توقيت مهم لكل الأصوات المخلصة أو تلك المزايدة، ولمن ما زالوا يتبنون أفكارًا بعيدة عن الواقعية السياسية. فرغم نُبل مقاصد بعضها، تبقى هذه الأفكار أسيرة لحظتها، غير قادرة على مواكبة التحديات الراهنة، وصالحة للاستهلاك فقط على منصات السوشيال ميديا.
وقال إن الحوار الذي بُثَّ بالأمس على قناة مكملين، سيتم إذاعته اليوم الساعة السادسة مساءً بتوقيت القاهرة على قناة الشرق الفضائية. وتأتي هذه الإعادة تقديرًا للقيم الفكرية المشتركة التي يحملها الحوار، وتوكيدًا على قناعتنا بقيم ومبادئ وأهداف وحدة المعارضة السياسية المصرية، ودعوة لتطوير فهمنا السياسي وخطابنا في هذه المرحلة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط