أخبار عاجلة
رياضة : الإسراء والمعراج -

د. أيمن نور يكتب : من يدفع اليوم ثمن مقعده، قد يدفع غدًا الثمن من بقائه

الوكلاء الباقون والحلفاء الراحلون في زمن ترامب

عاد دونالد ترامب، لكنه لم يعد كما كان، بل عاد محملًا بأجندةٍ أكثر خطورة، وأقل اكتراثًا بأي توازنات. لم يعد رئيسًا يبحث عن إرثٍ سياسي، بل رجل أعمال يواصل صفقاته على رقعةٍ أكبر، بأدواتٍ أشد قسوة، وبمعادلاتٍ لا تحكمها سوى المال.

ليس الشرق الأوسط بعيدًا عن هذه العودة، بل هو محورها الأول، حيث يجري ترتيب الخريطة من جديد، هذه المرة ليس لصالح إسرائيل وحدها، بل وفق ترتيباتٍ إقليميةٍ معقدة، قد تتجاوز حتى إيران، لتمنح “وكالة الإدارة” لطرفٍ آخر

لم يكن محسوبًا على المسرح بهذه القوة، لكنه الآن يدفع، ويشتري موقعه الجديد.

من اللحظة الأولى، كشف ترامب عن نواياه دون مواربة، حين طرح مشروعه لترحيل الفلسطينيين إلى مصر و الأردن، وكأن البشر أرقامٌ في حساباته، أو سلعٌ يمكن نقلها من مخزنٍ إلى آخر.

لكن حساباته هذه المرة كانت خاطئة، إذ جاءت ردود الفعل الشعبية قاطعة، تسبق حتى مواقف الأنظمة التي وجدت نفسها في أزمةٍ غير مسبوقة. فمن ارتبط بترامب بالأمس مضطرٌ اليوم لرفض هذا العبث، ليس حبًا في فلسطين، بل خوفًا من الانفجار الداخلي الذي قد يطيح بالكثيرين قبل أن يطوي أربع سنواته الجديدة.

فالمعادلة تغيّرت، ومن كان يصمت بالأمس لم يعد قادرًا على الصمت اليوم.

لكن الأزمة الحقيقية ليست في الفكرة بحد ذاتها، بل في ما وراءها من معادلاتٍ تُرسم بعيدًا عن العلن.

مصر، التي ترفض رسميًا هذا الطرح، قد تجد نفسها في النهاية ضحية حساباتٍ خاطئة، تدفع فيها فاتورة ترتيباتٍ إقليمية تتم تحت الطاولة، بين ترامب وأطرافٍ أخرى، ظنوا أنهم قادرون على شراء الدور المحوري القادم.

فبينما تُعقد الصفقات في الغرف المغلقة، يُعاد توزيع الأدوار، ليس فقط بين الدول، بل بين الأنظمة والأفراد، حيث تحكم طموحات_السلطة، ويسود منطق “من يدفع أكثر”، دون اكتراثٍ لما قد تُسفر عنه هذه الصفقات من تصفيةٍ إقليمية لحساباتٍ مؤجلة.

المعادلة باتت واضحة : من لا يدفع، عليه أن يدفع من وجوده، من استقراره، أو من بقائه. وربما لن تحتاج المنطقة لأكثر من عامٍ واحدٍ فقط، حتى نرى أطرافًا كانت بالأمس لاعبًا رئيسيًا، وقد اختفت تمامًا من المشهد.

فكما قال لي أحد العارفين بالأمور: “لن تجد أربعة أركانٍ ثابتةً في الشرق الأوسط بعد أربع سنواتٍ من ترامب، وربما خلال السنة الأولى فقط. لن يكون هناك محمودعباس، لن يكون هناك سلطة حماس

لن يكون هناك بنيامين نتنياهو، وربما طرفٌ رابع لن أذكره الآن!” هذه ليست نبوءة، بل قراءةٌ لمنطق المال والدم، حيث لا ثوابت إلا لمن يمتلك القدرة على الاستمرار وسط هذه المعركة المفتوحة.

المشكلة الأكبر أن الشرق الأوسط لم يعد يُدار من داخله، بل بات مسرحًا لمشاريع شخصية، انتقامية، فردية، تحكمها طموحات النفوذ، حيث أصبح القرار يُصنع على طاولاتٍ بعيدة، ثم يُنفذ بأيدٍ محلية، تبحث عن مقاعدها في المرحلة القادمة.

أرفض، بشكلٍ قاطع، أن تُدار بلدنا أو منطقتنا بهذه الطريقة، أن يُعاد تشكيل مصائر الشعوب وفق حسابات البزنس، أو أن تتحول السياسة إلى سوق، تُباع فيه العواصم والمصائر، لمن يملك أن يدفع، أو لمن يقبل أن يكون أداةً في هذه اللعبة القذرة.

الشرق الأوسط الذي يراه ترامب ليس مستقبلًا، بل نسخةً أكثر قسوةً مما سبق، لكن هذا لا يعني أن الأمور قد حُسمت. فكما أن هناك من يخطط، هناك من يقاوم، ومن يعرف أن الأوطان لا تُباع، وأن من يدفع اليوم ثمن مقعده، قد يدفع غدًا الثمن من بقائه

ضع اكثر من خط (احمر )تحت الجملة الاخيرة لعلك تجد فيها بيت القصيد

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حماس تدين جرائم الاحتلال في الضفة الغربية وتحيي صمود المقاومة الفلسطينية
التالى دعوة دولية للعمل من أجل حقوق البرلمانيين التونسيين: عام 2025 كعام الانفراج والإفراج عن الغنوشي