تابع حزب غد الثورة الليبرالي المصري مجريات الجلسة الخاصة بمراجعة ملف حقوق الإنسان في مصر، والتي انعقدت بمقر مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث قدم الوفد المصري الرسمي استعراضًا للأوضاع الحقوقية في البلاد.
وأكد الحزب في بيان صحفي اليوم الأربعاء أن مشاركة الحكومة المصرية في هذه الآلية الدولية تعد أمرًا ضروريًا، فإنه يشدد على أن أي مشاركة يجب أن تعكس نية حقيقية للإصلاح، لا أن تكون مجرد محاولة لتحسين الصورة دون تغيير حقيقي في الواقع الحقوقي.
وجاء نص البيان كالآتي:
حملت كلمات المسؤولين المصريين خلال جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان العديد من العبارات التي أوحت بوجود تقدم في الملف الحقوقي، غير أن الواقع يثبت أن هذه التصريحات تفتقر إلى المصداقية. فقد تحدث الوفد عن إلغاء حالة الطوارئ، بينما الحقيقة أن القوانين التي أُقرت مؤخرًا قد دمجت معظم صلاحيات الطوارئ في المنظومة التشريعية العادية، ما أدى إلى استمرار الممارسات الاستثنائية دون الحاجة إلى إعلان رسمي لحالة الطوارئ.
أشار الوفد المصري إلى “مراجعة قوائم الإرهاب”، مدعيًا أن السلطات قامت بإلغاء بعض الأسماء المدرجة في قوائم الكيانات الإرهابية . غير أن الواقع يكشف أن ما تم لم يكن سوى حذف محدود لبعض الأسماء، التي أُعيد معظمها لاحقًا إلى قوائم جديدة، ما أفرغ هذا الإجراء من أي مضمون حقيقي. كما وعدت الحكومة المصرية بأن المراجعة ستشمل باقي الأسماء خلال أيام، لكن هذا الوعد لم يتحقق، وما زال هناك مئات بل ربما آلاف الأشخاص، الذين لا علاقة لهم بالإرهاب، مدرجين على هذه القوائم، ما أدى إلى حرمانهم من حقوقهم الأساسية، وأبرزها الحق في استخراج وتجديد جوازات السفر، وهو حق دستوري مكفول بموجب الدستور_المصري_2014.
تجاهل الوفد الرسمي الإشارة إلى مصادرة أموال، التي طالت العديد من الشخصيات العامة والمعارضين السياسيين، دون أي مبرر قانوني أو سند قضائي عادل. هذه الإجراءات تشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق الملكية التي كفلها الدستور المصري، كما أنها تُستخدم كأداة للضغط السياسي، بعيدًا عن أي التزام حقيقي بمبدأ العدالة وسيادة القانون.
لم يشر الوفد إلى الارتفاع الكبير في أعداد الإحالات إلى محاكم الإرهاب، حيث شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها إحالة 90 قضية تضم أكثر من 3000 متهم، وهو عدد يفوق إجمالي القضايا المحالة خلال العقد الماضي بأكمله. كما تم تجاهل الإشارة إلى استمرار الحبس الاحتياطي لمدد تتجاوز الحد القانوني، كما هو الحال مع الأستاذة هدى عبدالمنعم، التي أنهت فترة عقوبتها لكنها لا تزال قيد الاحتجاز، إلى جانب شخصيات بارزة مثل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، والأستاذ عصام سلطان، الذين لا يمكن اعتبارهم سوى رهائن سياسية محتجزة لأسباب لا تمت بصلة لأي إجراءات قانونية سليمة.
أشار الوفد المصري إلى “لجنة العفو الرئاسي” باعتبارها دليلًا على انفتاح الدولة على الإصلاح الحقوقي، إلا أن الواقع يثبت أنها مجرد آلية انتقائية، حيث يتم الإفراج عن بعض الأفراد بينما يظل العدد الأكبر من المعتقلين السياسيين خلف القضبان، دون أي أفق لحل شامل وعادل لهذا الملف. لا تزال هذه اللجنة تعمل دون شفافية أو معايير واضحة، مما يجعلها أقرب إلى أداة دبلوماسية لتخفيف الضغوط الدولية، بدلاً من أن تكون خطوة حقيقية نحو تصحيح الأوضاع الحقوقية في مصر.
إن حزب غد الثورة الليبرالي يؤكد أن معالجة ملف حقوق الإنسان لا يمكن أن تتم عبر إجراءات شكلية أو وعود غير قابلة للتنفيذ، بل تتطلب خطوات ملموسة تشمل إنهاء سياسة الاحتجاز التعسفي، وضمان استقلال القضاء، ووقف المحاكمات ذات الطابع السياسي، وإعادة فتح المجال العام أمام الأحزاب، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، وفق معايير تضمن حريات التعبير والتنظيم السياسي والحقوقي.
وإذ يجدد الحزب موقفه الداعم لأي مبادرة جادة نحو الإصلاح الحقوقي، فإنه يؤكد أن هذا الإصلاح لا ينفصل عن الإصلاح السياسي، حيث لا يمكن لأي دولة أن تحظى بالاستقرار ما لم تكن هناك منظومة عادلة تحترم الحقوق وتصون الحريات. كما أن الحديث عن تحسين صورة مصر أمام المجتمع الدولي لا يمكن أن يتحقق عبر الوفود الدبلوماسية والتصريحات الإعلامية، بل من خلال إصلاحات جوهرية يشعر بها المواطن المصري قبل أن يقتنع بها العالم الخارجي.
يقدر حزب غد الثورة الليبرالي المصري جهود الوفد المصري في الانخراط مع المجتمع الدولي من خلال مجلس حقوق الإنسان. كما يثمن دور بعض المنظمات الحقوقية المستقلة التي شاركت في الجلسة لكشف الحقائق وتقديم صورة واضحة عن الواقع الحقوقي في مصر. ويخص الحزب بالإشادة بالدور الذي لعبه بعض الشخصيات ذات التاريخ المشهود في الدفاع عن حقوق الإنسان، وعلى رأسهم محمد أنور السادات، الذي كانت مشاركته تعبيرًا عن استمرار الجهود الساعية لحماية الحقوق والحريات الأساسية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط