ترتفع شارات النصر في الأفق رغم تهديدات الاحتلال المتواصلة بفرض المزيد من التضييق والحصار على الأسرى والمحررين تبتسم الوجوه بعد الخروج من غياهب سجون الاحتلال الذي حاول طويلاً أن يكسر روح المقاومة ويفقد الأسرى عزيمتهم
ولكنهم اليوم يرفعون رايات النصر فوق رؤوسهم هذه ليست مجرد لحظة عابرة بل هي انتصار تام على آلة قمعية ظنت أنها ستظل تتنمر على الحقوق الفلسطينية لعقود ولكنهم خالفوا التوقعات وكتبوا فصلاً جديداً في تاريخ النضال.
تصدح الألسنة بترديد كلمات الفخر والشموخ بعد أن تم تحريرهم عبر صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي التي بدت وكأنها كانت صدمة للعدو وهدية للمجاهدين
ففي قلب الصفقات السياسية المعقدة استطاعت هذه الصفقة أن تضع في يد المقاومة ورقة جديدة، فالشعور بالفوز على المحتل لا يعادله شعور آخر عندما يكون الثمن حرية هؤلاء الأبطال الذين ظنوا أن السجون ستظل حواجز فاصلة بينهم وبين حلمهم بالحرية.
تتوالى أخبار الحرية والتحرر التي تأتي من خلف قضبان الاحتلال مع كل يوم جديد تحررت فيه المزيد من الأسرى الذين احتجزتهم قوات الاحتلال في ظروف قاسية وغير إنسانية دون أي مراعاة لحقوقهم الأساسية
وفي مشهد جماعي بات واضحاً أن المقاومة في غزة قررت أن تخرج عن صمتها وتواصل محاولاتها بكل السبل لإطلاق سراح الأسرى ولو تطلب الأمر فرض معادلات جديدة مع الاحتلال لم تكن في الحسبان.
يتفاعل المحررون مع لحظات النصر باعتزاز منقطع النظير ففي يوم التحرير تقف النساء اللواتي كن ضحايا اعتقالات وحشية تحت أضواء الكاميرات لتؤكد للعالم أن الإرادة الفلسطينية لا يمكن كسرها وأن سجون الاحتلال مهما كانت قوتها لا تستطيع إخماد جذوة الحرية. ترفع المحررات شارات النصر على الرغم من الضغوطات الأمنية والتهديدات المتواصلة من الاحتلال.
يتضح من خلال ردود الفعل على أرض الواقع أن الاحتلال يعجز عن فرض المزيد من الإجراءات التي من شأنها إعاقة تطور هذا النصر الشعبي والوطني الذي حققته المقاومة الفلسطينية
التي لطالما كان هدفها تحرير الأسرى والعيش بحرية وكرامة بعيداً عن القمع والتعذيب الممنهج الذي يمارسه الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني. يثبت المحررون اليوم أن هذا النضال لن يتوقف وأن سجون الاحتلال ستظل مجرد محطة في مسار المقاومة الطويل الذي يتنقل عبر الأجيال.
تدخل المحررات إلى مسارح الحياة والمجتمع الفلسطيني، حيث لا يكتفيّن بمجرد نيل حريتهن بل هن الآن في موضع قيادة تفرض على الجميع تكريمهن وإبراز جهودهن في المقاومة والشجاعة التي أظهرنها في أوقات الأسر، فمؤسسة الاحتلال كانت تأمل في أن يكون الأسرى مجرد أرقام تستنزف الوقت وتبني على قسوتها، لكنها فشلت في أن تحطم إرادتهم الحرة.
تشهد الساحة الفلسطينية اليوم حالة من الفخر العام بعد تحرير هؤلاء الأسرى، إذ يتوالى الاحتفاء بهم وبإنجازات صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية واحتلال لا يملك سوى القمع والتهديد،
ولكن الشعور بالانتصار الذي تحققه كل صفقة يزيل بعضاً من الظلم الذي تعرض له هؤلاء الأبطال من أسر وأذى نفسي وجسدي.
لا يمكن التغاضي عن الأبعاد الإنسانية لعملية التحرير، إذ أن العملية لم تكن مجرد تبادل للأسري بل كانت إثباتاً على حقيقة أن النضال الفلسطيني لا يقتصر على جبهة واحدة بل يمتد إلى جميع الجبهات، سواء كانت عبر قتال مباشر أو عبر صفقات تحمل معاني النصر.
يطرح المحررون أنفسهم اليوم كنماذج حية تلهم الجميع كيف يمكن مقاومة أقوى الاحتلالات وأكثرها عنفاً، فكل واحد منهم يمثل مقاومة حية ومستمرة ضد الظلم والاحتلال.
يجسدون اليوم لحظة تاريخية ستبقى محفورة في الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، ولن يغفر لهم التاريخ أي محاولة للنيل من عزيمتهم.
تفتح هذه الصفقة الباب أمام مستقبل غامض ومربك للاحتلال الإسرائيلي، فكل خطوة في درب النضال الفلسطيني تزيد من تعقيد الحسابات الأمنية والاستراتيجية للاحتلال.
يبقى الشعب الفلسطيني في معركة لا نهاية لها من أجل الحرية والاستقلال، وتبقى هذه الصفقة شاهدة على أن المقاومة هي الحل الذي لا يمكن تجاهله.
تستمر الحكاية الفلسطينية في فصل جديد، فحتى وإن كانت الطريق مليئة بالتحديات فإن الطريق نحو النصر لا زال مستمراً.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط