أخبار عاجلة

رجال الأعمال يغرقون مصر في ديون 2.6 تريليون جنيه وسط أزمة ديون متفاقمة

قادت مجموعة من رجال الأعمال في مصر القطاع المصرفي نحو مستويات غير مسبوقة من الإقراض، حيث حصلت الشركات الخاصة على قروض ضخمة بلغت 2.6 تريليون جنيه حتى نهاية أكتوبر الماضي.

شهدت هذه الفترة قفزة هائلة في القروض الممنوحة للقطاع الخاص، بزيادة تجاوزت 26.7% خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، ليصل إجمالي القروض إلى 12.6 تريليون جنيه.

يعكس هذا الوضع تسارع الاقتراض بشكل غير مسبوق، حيث يستحوذ القطاع الخاص على ما يعادل 20.5% من إجمالي الائتمان المصري الممنوح للعملاء.

تفاقم الوضع المالي بشكل خاص بسبب تأثير قرار تحرير سعر الصرف الذي رفع تكلفة القروض بالعملات الأجنبية على الشركات الخاصة بشكل جنوني.

تسببت هذه الخطوة في تضاعف القروض بالعملات الأجنبية للقطاع الخاص ثلاث مرات مقارنة بالفترة التي سبقتها.

ترافق ذلك مع استمرار الشركات في الاقتراض رغم ارتفاع تكاليف التمويل، وذلك لاستكمال مشروعاتها التوسعية، متجاهلة المخاطر المالية التي قد تترتب على هذه السياسات الجريئة.

سعت بعض الشركات الخاصة إلى استغلال الفرص المتاحة من خلال الاقتراض المتزايد بالعملات الأجنبية، متجاهلة التحذيرات المالية، خاصة في ظل خطط الدولة لزيادة حصتها من الاستثمارات وإطلاق عدد من المشروعات الكبرى للبيع والخصخصة.

هذا الإقبال الحاد على الاقتراض يعكس توقعات بنمو إضافي لطلبات الائتمان من القطاع الخاص في الفترة المقبلة، رغم التحديات الاقتصادية التي تحيط بالسوق المصري.

استمرت الحكومة والبنك المركزي في مواجهة التحديات المالية المتزايدة، حيث أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع أقساط وفوائد الديون المستحقة على مصر خلال عام 2025 إلى 22.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 900 مليون دولار عن التقديرات السابقة التي أصدرها في أغسطس الماضي.

تضمنت هذه التقديرات أن مصر مطالبة بسداد 13.799 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، بينما سيتعين عليها سداد 8.663 مليار دولار أخرى في النصف الثاني من نفس العام.

في مواجهة هذه الأرقام الصادمة، كشفت التقارير عن تراجع الدين الخارجي المصري بنهاية يونيو الماضي بنسبة 4.8%، ما يعادل 7.722 مليار دولار، ليصل إلى 152.885 مليار دولار.

لكن على الرغم من هذا التراجع الظاهر، فإن العبء المالي على الدولة لا يزال يشكل تحدياً هائلاً، خصوصاً مع انخفاض ودائع الدول العربية لدى البنك المركزي المصري إلى 9.3 مليار دولار بنهاية عام 2024، بعدما تم تحويل جزء من هذه الودائع لاستثمارات مثل صفقة رأس الحكمة العقارية.

وقّعت مصر مع الإمارات صفقة استثمار عقاري ضخمة في فبراير الماضي، تحصل بموجبها الشركة القابضة «إيه دي كيو» على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة على الساحل الشمالي مقابل 24 مليار دولار.

تضاف هذه الصفقة إلى تحويل 11 مليار دولار من الودائع الإماراتية إلى استثمارات أخرى، ما يعزز الحاجة إلى تحفيز مزيد من الاستثمارات الأجنبية لدعم الاقتصاد المصري المتأزم.

في الوقت الذي تخطط فيه الحكومة لسداد مليار دولار لشركات النفط الأجنبية خلال يناير 2025، بهدف تشجيع هذه الشركات على زيادة معدلات إنتاجها من النفط والغاز، تواجه البلاد ضغوطاً هائلة لإدارة هذه الالتزامات.

تأمل الحكومة في أن يدفع هذا السداد الشركات الأجنبية إلى تكثيف جهود البحث والتطوير في قطاع الطاقة، ولكن بأسعار أعلى للغاز تتماشى مع أسعار السوق العالمية، التي تمكن الشركات من تحقيق أرباح مربحة عند التصدير.

تصاعدت قيمة مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال استكشاف واستخراج النفط والغاز إلى نحو 4.5 مليار دولار، حسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في مارس الماضي.

في محاولة لاحتواء هذا الوضع، قدمت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية مجموعة من الحوافز لتشجيع الشركات على زيادة إنتاجها المحلي، منها جدول زمني لسداد المستحقات والسماح بتصدير جزء من حصص الشركات من خلال محطات إسالة الغاز المصرية.

يبقى التحدي الأكبر الذي تواجهه مصر في الوقت الحالي هو القدرة على إدارة التزاماتها المالية المتزايدة، خاصة في ظل تراجع التدفقات النقدية وارتفاع تكلفة القروض بالعملات الأجنبية.

في ظل هذه التحديات، تعتمد الحكومة المصرية على خطط الخصخصة وزيادة الاستثمارات الأجنبية كأدوات رئيسية لتخفيف الضغط على الاقتصاد الوطني، لكنها تواجه واقعاً مليئاً بالمخاطر الاقتصادية والسياسية التي قد تهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.

في ظل هذه الأوضاع المتوترة، يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع مصر تلبية التزاماتها المالية المتزايدة دون تعريض الاقتصاد لانهيار شامل؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لوموند الفرنسية: القواسم المشتركة بين بوتين وترامب وشي جين بينغ تتجاوز الخلافات الظاهرة
التالى بعد صدور حكم قضائي … انتقادات لحكم استرداد “أرض مصنع البيبسي” في سوهاج وسط تساؤلات حول جدوى استغلالها