يتسع نطاق الفساد المالي والإداري في الهيئة العامة لقصور الثقافة بشكل يكشف حجم الفساد الذي يهدد المال العام في البلاد. تزداد الأدلة على أن السلطة العليا في الهيئة قد استخدمت منصبها بشكل غير قانوني لتمويل احتياجات شخصية على حساب الدولة.
يأتي هذا مع اكتشاف عمليات نقل موظفين غير مستحقين إلى المناصب القيادية وتخصيص موارد مالية غير مشروعة لهم، في وقت كان فيه الشعب المصري يعاني من ضائقة مالية غير مسبوقة. تظهر العديد من الوقائع التي تشير إلى تحويل الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى مستنقع للفساد الذي لا ينتهي.
تكشف الأدلة عن أن عبد الحليم سعيد مصلحي، مدير عام الإدارة العامة للتفتيش المالي والإداري، قد وظف مجموعة من الأشخاص في مناصب لا تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية أو الوظيفية.
يعين مصلحي موظفين مثل مصطفى محمد صلاح، الذي حصل على بكالوريوس من المعهد العالي لتكنولوجيا البصريات، في وظائف تتطلب مؤهلات مختلفة، حيث لا يتوافق تخصصه مع أي من الشروط المعلنة في بطاقة الوصف الوظيفي للمفتشين الماليين والإداريين.
علاوة على ذلك، حصل على بدلات سفر وحجوزات فندقية غير مستحقة، كما انتقل إلى العاصمة الإدارية، مما شكل عبئًا ماليًا على الدولة.
تستمر الوقائع لتشمل شيرين عيد توفيق، التي حازت على ليسانس آداب تربية إسلامية من جامعة الأزهر، مما يجعلها أيضًا غير مؤهلة لممارسة وظائف التفتيش المالي أو الإداري.
تم تعيينها رغم مخالفتها لجميع شروط الإعلان الذي أعده عبد الحليم سعيد مصلحي. وحصلت على امتيازات مالية تشمل بدلات السفر وحجوزات الفنادق التي لم تكن تستحقها، مما يساهم في تكديس المال العام في جيوب غير مؤهلة.
من جهة أخرى، يكشف تقرير آخر عن تعيين محمد حمدي أحمد في وظيفة المفتش المالي والإداري رغم أنه حاصل على ليسانس آداب قسم تاريخ، وهي شهادة لا علاقة لها بالأعمال التي كان يتعين عليه القيام بها.
في وقت لاحق، تبين أن والدته، سلوى إبراهيم، كانت مسئولة عن التلاعب في مجموعة التخصصات، مما يعكس حجم الفساد داخل المؤسسة.
كما تم إخفاء بعض تقارير الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة التي كانت ترفض تعيينه في هذه الوظائف، حيث تبين أن هذا التعيين لم يكن قانونيًا.
في حالة أخرى، يتم تحميل عبد الحليم سعيد مصلحي مسؤولية الخسائر المالية التي تكبدتها الدولة نتيجة الانتقالات غير المبررة وحجوزات الفنادق غير المستحقة للأشخاص المعنيين.
في هذه الظروف، تبرز الأسئلة حول طريقة إدارة الهيئة وقيادتها التي تسببت في إهدار موارد مالية ضخمة دون أي مبرر قانوني أو أخلاقي.
فعندما طلب الموظفون المتضررون دفاتر الحضور والانصراف من مصلحي، تم رفض طلباتهم، مما يشير إلى أن إدارة الهيئة تخشى أن تكشف عن المخالفات المالية الجسيمة التي كانت تُمارس داخل الدفاتر.
لا تقتصر الممارسات الفاسدة على التعيينات غير القانونية فحسب، بل تتعداها إلى عمليات نقل جماعية لأفراد إلى العاصمة الإدارية في وقت لاحق، بحيث تم توجيههم إلى وظائف لا يتناسبون معها إطلاقًا،
مما يزيد العبء المالي على الحكومة. حيث تم تكليف هؤلاء الأفراد بتقديم خدمات لم تكن مستحقة لهم بناءً على مؤهلاتهم أو خبراتهم.
علاوة على ذلك، يتبين أن عبد الحليم سعيد مصلحي قد تمكن من الحفاظ على سلطته بشكل غير قانوني في الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تم تعيينه في هذا المنصب على الرغم من عدم استيفائه للمتطلبات القانونية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.
فقد تم تعيينه في هذا المنصب رغم أنه لم يحصل على التقدير المطلوب من إدارة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بوزارة العدل، مما يجعله غير مؤهل لهذا المنصب من الأساس.
كما يذكر أن مصلحي قد استخدم أسلوب الغش والتدليس في عملية تعيينه، حيث تم تمرير هذا التعيين عبر لجنة القيادات دون التحقق من أهليته القانونية، مما يعكس مستوى فساد مروع داخل الهيئة. وقد اعترضت اللجنة على تعيينه، لكن هذا الاعتراض لم يتم تنفيذه، وظل في منصبه حتى الآن.
في نفس السياق، تستمر الفضيحة التي تتعلق بـ داليا إبراهيم الدسوقي التي قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بتغطية مصاريف انتقالها من طنطا إلى مقر الهيئة بالقاهرة، حيث تم دفع مصاريف السفر والانتقالات الخاصة بها على حساب الدولة بشكل غير قانوني.
وبالرغم من أن الدولة كان من المفترض أن لا تتحمل نفقات انتقال الموظفين من أماكن سكنهم إلى أماكن عملهم، إلا أن عبدالحليم سعيد مصلحي قام بتخصيص أموال الدولة لهذه المصروفات بشكل غير قانوني.
وقد تم إثبات ذلك من خلال دفع تكاليف اشتراك القطار والمترو على حساب الهيئة، وهو ما يعكس بوضوح الفساد المستشري في إدارة التفتيش المالي والإداري بالهيئة..
حيث تم دفع مصاريف انتقالها بشكل غير قانوني من ميزانية الدولة، مما يثير تساؤلات حول الممارسات المفسدة التي يتم تغذيتها داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وفيما يخص الدفع لمصاريف الانتقالات، كان من المفترض أن تُعتبر مصاريف النقل جزءًا من النفقات التي لا تُسدد للموظفين الذين يسافرون يوميًا إلى أماكن عملهم من منازلهم.
وقد خالفت الهيئة هذه القاعدة، وقامت بدفع مصاريف اشتراك القطار ومترو الأنفاق لموظفين لا يستحقونها. ومثبت ذلك فى الدفع الإلكتروني لفيزا الموظفة داليا الدسوقي، مما يثبت وقوع الهيئة في فخ ازدواجية الصرف. يوضح ذلك كيف استغلت الهيئة هذا النظام بشكل غير قانوني لإهدار أموال الدولة.
إن ما يحدث في الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت إدارة عبدالحليم سعيد مصلحي يعد مثالاً صارخاً على الفساد المالي والإداري، ويجب أن يتم التصدي له بكل حزم.
فقد أصبحت الهيئة مرتعاً للفساد والمحسوبية والتلاعب بالمال العام. يتطلب الوضع الحالي اتخاذ إجراءات فورية لإقالة جميع المسؤولين المتورطين في هذه الفضائح، وتحقيق العدالة لكل من تسبب في هذه الجرائم الاقتصادية والإدارية.
لا بد من إجراء تحقيقات شاملة ومحاكمة المتورطين في إهدار المال العام، بدءاً من عبدالحليم سعيد مصلحي وانتهاءً بكل من ساهم في هذا النظام الفاسد.
يتضح إذن أن فساد الهيئة العامة لقصور الثقافة لا يقتصر على سوء التعيينات والنقل غير المشروع، بل يشمل أيضًا التصرفات غير القانونية في التعامل مع الأموال العامة، وتحايل المسؤولين على القوانين والأنظمة لمصلحة أغراضهم الشخصية.
يفتح هذا الفساد الباب لتساؤلات كبيرة حول ممارسات الهيئة، ويستدعي تدخل الجهات الرقابية لتوضيح جميع تفاصيل هذه القضية الكبرى التي تعد مثالًا صارخًا على الفساد داخل مؤسسات الدولة.
إن الدولة مطالبة بمحاسبة هؤلاء المسؤولين الذين يتلاعبون بمقدرات الشعب وبالمال العام. آن الأوان للهيئة العامة لقصور الثقافة أن تتخلص من هذا الفساد الذي لا ينتهي وأن تضع حداً لهذه الممارسات غير القانونية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط