واصل الدولار الأمريكي تسجيل ارتفاعات غير مسبوقة مقابل الجنيه المصري في الأيام الأخيرة ليصل إلى مستويات غير مسبوقة أمام العملة المحلية، حيث سجلت العملة الأمريكية زيادة تقدر بحوالي 40 قرشا دفعة واحدة منذ يوم أمس فقط، مع تسجيل أعلى قيمة لها في أحد البنوك الخاصة،
حيث بلغ 50.61 جنيها للشراء و50.70 جنيها للبيع. في حين سجلت العملات الأمريكية مستويات مرتفعة في العديد من البنوك الأخرى، حيث قفز سعره في بنك تجاري إلى 50.55 جنيها للشراء و50.65 جنيها للبيع، بزيادة تقدر بنحو 38 قرشا مقارنة بمستوى سعره في اليوم السابق.
ومن جهة أخرى، ارتفعت قيمة الدولار في أحد البنوك المصرية الأخرى بمقدار 39 قرشا لتصل إلى 50.58 جنيها للشراء و50.68 جنيها للبيع.
أما في بنك آخر، فقد ارتفع السعر بنحو 3 قروش ليصل إلى 50.20 جنيها للشراء و50.30 جنيها للبيع. في الوقت نفسه، شهد سعر الدولار قفزة في بنك آخر ليصل إلى 50.33 جنيها للشراء و50.43 جنيها للبيع، مما يعكس استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وتزيد من معاناة المواطنين بشكل متواصل.
هذه القفزات غير المبررة في قيمة الدولار مقابل الجنيه، والتي تكاد تصبح يومية، تكشف عن حالة التدهور التي يمر بها الاقتصاد المصري، حيث فقد الجنيه المصري الكثير من قيمته في وقت قصير بسبب السياسات المالية والنقدية التي تتبعها الحكومة المصرية.
وفي ظل هذه الارتفاعات المستمرة، يتساءل المواطنون عن كيفية تأثر حياتهم اليومية من جراء هذا التراجع الحاد في قيمة الجنيه، في وقت تواصل فيه الحكومة تجاهل هذا الواقع المؤلم ولا تقوم بأي خطوات عملية لتحسين الوضع.
ما يثير القلق أكثر هو التصريحات الرسمية التي يتم الترويج لها من قبل بعض المسؤولين الذين أكدوا سابقا أن الحكومة لن تكرر أخطاء الماضي، في إشارة إلى أزمة تعويم الجنيه في وقت سابق، لكن هذه التصريحات تبدو فارغة ولا تنم عن أي جدية في معالجة الوضع.
في تصريحات أخرى، أعلن رئيس الحكومة أن سعر الدولار قد يشهد تقلبات في حدود 5% خلال الفترة المقبلة، وكأن الأمر مجرد تقلبات طبيعية وليست نتيجة لسياسات فاشلة تقود البلاد إلى مصير مجهول.
لقد أثبتت هذه التصريحات فشل الحكومة في اتخاذ خطوات جادة لمعالجة الأزمة الاقتصادية بشكل حقيقي، بل بدلًا من ذلك تستمر الحكومة في اتخاذ قرارات تزيد الوضع سوءا.
المؤكد أن الواقع الذي يعانيه الاقتصاد المصري لا يعكس فقط فشل السياسات النقدية للحكومة ولكن يفضح أيضًا حالة الفساد المستشرية داخل المؤسسات الحكومية.
صحيح أن البنك المركزي قد سمح في وقت سابق بتحديد سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية وفقا لآليات العرض والطلب، إلا أن هذه السياسة لم تكن سوى محاولة لامتصاص غضب الشارع دون اتخاذ إجراءات جذرية تؤدي إلى استقرار حقيقي في سوق العملة.
إن ما تم من رفع لأسعار الفائدة لم يكن سوى مسكن مؤقت لم يغير من حقيقة الوضع السيء الذي يعاني منه الاقتصاد المصري.
لقد بلغ سعر الدولار في بعض البنوك 50 جنيها، بعد أن كان يتداول في بداية السنة الماضية عند حوالي 31 جنيها، ليواصل الارتفاع تدريجيا منذ تطبيق سياسة سعر الصرف المرن، في حين يتجاهل المسؤولون الحكوميون هذه الأرقام المخيفة التي تؤكد أن الوضع في تدهور مستمر.
من الواضح أن هذه السياسات لم تؤت ثمارها بل ساهمت في زيادة أزمة غلاء الأسعار وارتفاع تكلفة المعيشة بالنسبة للمواطنين، الأمر الذي يؤكد فشل الحكومة في إدارة الاقتصاد المصري بشكل يضمن استقراره وتقدمه.
كان من المفترض أن يكون هناك تغيير جذري في أساليب إدارة السياسة المالية والنقدية من قبل الحكومة المصرية، لكن في الواقع لا يزال الفساد والتقاعس يعم أروقة المؤسسات الحكومية.
إن الزيادة المستمرة في أسعار الدولار وارتفاع تكاليف الحياة اليومية يعكس سياسة حكومية فاشلة تجني من ورائها الشعب المصري في كل يوم مزيدًا من المعاناة.
ولكن ماذا ينتظر المواطن من حكومة لم تقدم له أي حل جذري لهذه الأزمة سوى الوعود الفارغة التي لم نر منها أي فعل ملموس حتى الآن؟
الحديث عن تقلبات في أسعار الدولار كما ورد في تصريحات بعض المسؤولين لا يمكن أن يكون سوى ضوء أخضر لاستمرار تفاقم الأزمة بدلاً من إيجاد حلول حقيقية.
وإذا كانت الحكومة جادة في معالجة الأزمة، فإن أول خطوة يجب أن تكون وضع حد لسياسات الرفع العشوائي للأسعار ووقف استنزاف العملة المحلية بما يخدم مصالح الفاسدين على حساب المواطنين.
ولكن في ظل هذا الوضع، يبدو أن الفساد هو العنصر الوحيد الذي يحقق تقدما بينما تتراجع العملة المحلية باستمرار أمام الدولار.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط