بعد سنوات من الصمت والخوف يخرج النظام السوري ليكشف عن إحدى أبشع جرائمه التي قام بها ضد المدنيين والمعتقلين في سجونه المظلمة حيث عثرت قوات المعارضة السورية على جثة الناشط مازن حمادة الذي لقي حتفه في سجن صيدنايا العسكري بعد أن تعرض لتعذيب وحشي أسفر عن وفاته.
مازن الذي كان قد اختطف عنوة في عام 2020 في هولندا بعد أن تعرض لضغوط من النظام السوري، دفعته في النهاية إلى العودة إلى سوريا حيث كان يواجه مصيراً مرعباً هو وأسرته.
لم يكن يعلم مازن أن تلك العودة ستكون هي نهاية رحلته، فالقصة التي بدأها كان هدفها إبراز معاناة المعتقلين في سجون النظام السوري، ليكتشف في النهاية أنه سيكون ضحية لهذا النظام. لقد تم الضغط عليه بالتهديدات التي طالت عائلته لكي يعود، ليواجه واقعاً مريراً داخل زنازين لا تعرف الإنسانية.
فبعد عودته إلى سوريا، بدأ فصلاً جديداً من المعاناة في سجن صيدنايا، ذلك السجن الذي أصبح رمزاً للقتل البطيء والتعذيب الممنهج. كانت ضغوط النظام تتصاعد بشكل مستمر لإسكاته عن قضايا المعتقلين، ليكتشف لاحقاً أنه وقع في فخ الموت البطيء.
وفي تفاصيل القصة المؤلمة، أفادت المصادر داخل المعارضة السورية أن مازن حمادة كان قد اختفى بشكل مفاجئ بعد عودته إلى سوريا، ولم يكن يعلم أحد مصيره، حتى جاء اليوم الذي تم فيه العثور على جثته داخل أحد زنازين سجن صيدنايا، وقد تعرضت جثته للتشويه بشكل غير إنساني.
كما ورد أن الجثة كانت تظهر علامات واضحة على التعذيب الوحشي الذي تعرض له. فقد تعرض مازن لضغوط مستمرة وتهديدات من قبل النظام السوري نتيجة لمواقفه الثابتة في فضح عمليات التعذيب في سجون النظام، خصوصاً في قضية المعتقلين.
في نفس السياق، وفي وقت لاحق، تم اكتشاف حالة أخرى مأساوية عندما تمكنت فرق الإنقاذ التابعة لقوات المعارضة من تحرير معتقل أردني كان قد بقي في سجن صيدنايا لأكثر من 38 عامًا.
هذا المعتقل الذي كان قد فقد الذاكرة بشكل كامل نتيجة لسنوات طويلة من التعذيب والإهمال، أصبح هو الآخر شاهداً على الوحشية التي ينتهجها النظام السوري ضد كل من يعارضه.
كانت حالته الصحية في غاية الخطورة، إذ تبين أن عملية الإنقاذ التي تمت له جاءت بعد أن عانى الرجل من آلام جسدية وعقلية شديدة بسبب الظروف القاسية التي كان يعيشها داخل السجن.
لكن قصة مازن حمادة ليست الوحيدة التي تكشف عن الكارثة الإنسانية في سجون النظام السوري. فخلال السنوات الماضية، أصبح سجن صيدنايا مركزًا للاعتقال والتعذيب للمئات من المعارضين والناشطين.
وقد أظهرت التقارير أن العديد من المعتقلين يلقون حتفهم داخل جدران هذا السجن بسبب التعذيب المستمر والظروف الصحية المزرية، بينما يظل آخرون مجهولي المصير.
فما يواجهه المعتقلون في سجن صيدنايا ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هو استهداف مباشر لكل من يعبر عن رأيه ضد النظام القمعي.
ولا تزال المعارضة السورية تؤكد على أن النظام السوري مسؤول عن ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية من خلال هذه الانتهاكات المستمرة.
فقد أشار نشطاء حقوق الإنسان إلى أن الآلاف من المعتقلين السوريين يواجهون نفس المصير الذي لقيه مازن حمادة، حيث يتم تعذيبهم بشكل ممنهج ويجري استهدافهم من قبل النظام لمجرد أنهم اعترضوا على حكم بشار الأسد.
وكان مازن حمادة قد حظي بشعبية كبيرة في أوساط الناشطين والصحفيين في سوريا وفي الخارج، حيث كان يرفع شعار الحرية للمعتقلين في كل مرة يظهر فيها في وسائل الإعلام.
تتواصل المطالبات الدولية بضرورة محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم الفظيعة، إلا أن النظام السوري ما زال يواصل سياسة القمع والإخفاء القسري للمعتقلين في سجونه.
وعلى الرغم من التقارير الكثيرة التي توثق هذه الانتهاكات، لم تحرك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ساكنًا للضغط على النظام السوري من أجل إنهاء هذه الممارسات الوحشية.
وقد أثارت قضية مازن حمادة موجة من الغضب بين النشطاء السوريين والدوليين الذين وصفوا النظام السوري بأنه أسوأ نظام قمعي شهدته المنطقة في العصر الحديث.
قصة مازن حمادة، وقضية المعتقل الأردني الذي عانى لعقود طويلة، ليست سوى جزء صغير من الحقيقة التي يكشفها الضحايا في صمت.
فالمعارضة السورية تقول إن ما حدث في صيدنايا هو مثال حي على الوحشية التي تتجسد يومًا بعد يوم في ممارسات النظام السوري.
وإن كان هناك أي أمل في المستقبل، فهو في مواصلة فضح هذه الجرائم والتأكيد على أن هناك يومًا آتٍ لن يعجز فيه المجتمع الدولي عن محاسبة مرتكبي هذه الجرائم البشعة.
وبينما يواصل النظام السوري خنق صوته في كل زاوية من الأراضي السورية، تظل الحقيقة تتسرب يوماً بعد يوم لتكشف عن واقع أكثر كارثية مما تصورته العقول.
مازن حمادة كان أحد أصوات الأمل التي حاربوا من أجل العدالة، ولكن شاءت الظروف أن يكون هو الضحية. لكن عذابه وآلامه سيظل شهوداً على إجرام النظام السوري الذي لا يزال يقبع خلف جدران الخراب والدمار.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط