أخبار عاجلة
رياضة : جوجل متهمة بممارسات مكافحة الاحتكار -
رياضة : إسرائيل تعترض مسيرة أطلقت من اليمن -
رياضة : جيش العدو يختطف راعي غنم جنوب لبنان -

وليد عبد الحي يكتب : سوريا ما بعد الأسد

بعد 53 عاما من حكم عائلة الاسد تحت ستار حزب البعث العربي، من الضرورة التساؤل وماذا بعد؟ فالفرح الطفولي الذي يغمر الكثيرين يواري خلفه اسئلة في غاية التعقيد وهواجس سياسية واقتصادية واجتماعية مشروعة :


أولا: ما موقف النظام السياسي الذي سيتشكل من التنظيمات الفلسطينية المسلحة المتواجدة بعشرات المكاتب وآلاف المقاتلين في سوريا؟ فالجبهة الشعبية القيادة العامة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفتح الانتفاضة …الخ، وقبل هؤلاء جميعا حركة الجهاد الاسلامي تنتشر مكاتبها وقواعدها في سوريا ،

  • فهل سيقوم النظام الجديد بتصفيتها ام سيطلب منها الاستمرار في مقاومتها ؟ فقبل الفرح علينا ان نعرف الاجابة على هذا السؤال.
  • ويترتب على ما سبق اسئلة لا بد أن نسمع اجابات عليها بدلا من ضجيج الفرح الطفولي مثل:
  • أ‌- هل سيُسمح لحركة حماس بالعودة الفاعله للساحة السورية ؟
  • ب‌- هل سيقف النظام الجديد مع التطبيع مع اسرائيل ام سيعلن الوقوف ضده؟
  • ت‌- هل سيحدد النظام الجديد موقفه من ضم الجولان الى اسرائيل ويبني على هذا الموقف توجهاته، ام سيقبل مقايضة الجولان بالتخلي عن فلسطين كما فعلت مصر السادات باسترجاع سيناء وترك القضية الفلسطينية ؟

ولماذا غابت الجولان من كلمة ” الجولاني” في المسجد الأموي وما دلالة ذلك, بل لماذا عاد لاسم احمد الشرع وما دلالة ذلك، ولماذا يتصدر المشهد على حساب القوى الاخرى في المعارضة التي أصبحت حاكمة؟ وما دلالة مسارعة اسرائيل لتحسين مواقعها العسكرية والتمدد في الجولان وبشكل فوري؟
ث‌- هل لنا ان نسمع موقف القوى الجديدة في سوريا من ما يجري في غزة؟ هل ستلحق بمكاتب الموساد في الدوحة والقاهرة للضغط على المقاومة باتجاه تسوية بالشروط الاسرائيلية ام ستقف الى جانب المقاومة ودعمها لتحقيق افضل الشروط، ام ستتوالى الاخبار عن اغلاق واعتقال وتذرع بالفترة الانتقالية في سوريا ؟ هل غياب الموضوع الفلسطيني من ادبيات المعارضة السورية التي اصبحت هي الحاكمة هو غياب تكتيكي ام خيار استراتيجي؟ انه سؤال مفتوح ومعه هواجس مشروعة.


ثانيا: هل سيتطور الكيان الكردي في شمال سوريا الى نوع من اقليم “كردستان سوريا” ويكتفي بذلك؟ ام ان الامر سيذهب في اتجاه صراع دموي مع تركيا التي تنظر بقلق شديد نحو قوات سوريا الديمقراطية(قسد) لأنها ترى فيها قاعدة إسناد خلفية لحزب العمال الكردستاني التركي(PKK) الذي يمزج بين النزعة اليسارية والقومية ويصارع في الدولة التركية منذ تاسيسه عام 1978، كما ان لهذا الحزب صلاته مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق بل وفي ايران.


وهنا نتساءل: كيف سينظر النظام الجديد الى النزعة الاستقلالية الكردية في شمال سوريا، ام سيقف الى جانب تركيا في العمل على شل او تصفية النزعة الكردستانية للاستقلال؟ وهل الجناج الديني في القوى السياسية السورية سيقف الى جوار التيار الاسلامي الحاكم في تركيا ويعمل على مساندة تركيا والدخول في صراع مع الاكراد المسلحين؟ مع الاخذ في العتبار ان العلاقة بين جبهة تحرير الشام وقسد ليست علاقة واعدة،فكثيرا ما اشتبكوا معا في معارك ضارية.


ثالثا: هل سيكون النظام السياسي اسلاميا ام علمانيا ام ديمقراطيا يقبل التنوع داخله ، وهنا هل ستتوافق تنظيمات المعارضة على شكل النظام السياسي بخاصة ان التباين بينهاا شديد للغاية والى حد التناقض ، فهي تضم في قواها الاساسية الجيش الحر (اقرب للعلمانية) وجبهة تحرير الشام( اسلامية تمتد جذورها الى داعش والقاعدة) وقسد ذات النزعة الانفصالية الكردية، والخطورة ان هذه التنظيمات هي تنظيمات عسكرية مما يفتح المجال الى تطور الخلاف السياسي بينها الى نزاع سياسي ثم الى صراع عسكري.


رابعا: ما هي انعكاسات تغير النظام السياسي السوري على علاقات سوريا الاقليمية والدولية؟ فهل سيتم فك العلاقة مع حزب الله في لبنان والعمل على تصفيته باعتباره حليفا للنظام زمن الاسد،او على الاقل تحويله طوعا او قسرا الى حزب سياسي او جمعية خيرية،وهو امر قد يدفع للتلاقي مع اسرائيل في هذا الجانب، وهل احتمال تغلب الجناح الداعشي في جبهة تحرير الشام سيثير الخوف في لبنان والعراق والاردن ،وقد يصل الامر –لاحقا- الى مواجهات واعادة ترتيب العلاقات الاقليمية الفرعية؟

ثم ماهي حدود “الشام” التي سيتم تحريرها؟ فهذا التعبير تقليديا يتمركز في سوريا ولبنان والاردن وفلسطين، والبعض يوروده مستندا لبعض المراجع الى شموله اجزاء من شمال العراق وبعض مناطق جنوب تركيا، وهناك من يوصل المعنى الى بعض اجزاء من شمال الممكلة العربية السعودية, وهناك الفهم الشعبي الذي يقتصرها في ” دمشق” فقط؟ فهل هناك من يحدد لنا المدلول الجيوسياسي لتعبير ” الشام” الوارد في اسم اهم فصائل المعارضة؟ فالاسماء لا تطلق عشوائيا..فهل تحرير الشام يعني تحرير فلسطين كمكون تاريخي لبلاد الشام؟


أما دوليا، فهل سيتم استبدال الوجود الروسي والايراني العسكري بقوات غربية والانضمام الى تنسيق صامت مع الناتو بخاصة بعد نقل اسرائيل الى القيادة المركزية للقوات الامريكية في المنطقة؟ وهل سينعكس ذلك على مصادر تسليح الجيش السوري الذي يقتصر تسلحه على المصدر الروسي؟ ام سيتم ايجاد علاقة هادئة مع الروس الذين يعتبرون جبهة تحرير الشام (ومعها اغلب دول العالم) تنظيما ارهابيا مستندين لقرارات الامم المتحدة، وهنا كيف ستخلص النظام الجديد من هذه المسالة؟ فهل ستتم مقايضة رفع الاسم من قوائم الارهاب مقابل تنازلات تضيق وتتسع طبقا للامكانيات المتاحة للنظام الجديد؟


خامسا: انخفض اجمالي الناتج المحلي السوري خلال الفترة من 2011 الى الآن حوالي 82%، فكيف سيتسعيد هذا الاقتصاد عافيته؟ هل سيعتمد على عون خليجي غربي مقابل مواقف سياسية يتصدرها الموقف من التطبيع ؟ ام سيتجه الى البريكس على غرار النموذج الايراني؟ وهل ستتوافق القوى المركزية في القوى السياسية السورية الجديدة على هذا التوجه، لقد وعد السادات المصريين بان السلام سيجعل من مصر “النرويج” (قالها حرفيا)، وها هي مصر تقف في المرتبة 132 عالميا الى جانب سيرالنكا في معدل الدخل الفردي هذا العام.


سادسا: ماذا ستكون التوجهات الاعلامية والتربوية للنظام الجديد؟ هل هي دينية داعشية؟ ام ليبرالية منفتحة؟ ام مزيج من هذا وذاك، وما انعكاس ذلك على المجتمع وثقافاته الفرعية العديدة؟
وللاجابة على كل ذلك ثمة ثلاثة مناهج :


1- منهج السوابق التاريخية:
دون الغوص بعيدا في التاريخ العربي الاسلامي ونموذج الامة “الوحشية” التي تحل مشاكلها البينية “بالغلبة” كما رأى ابن خلدون، فان النموذج المعاصر بعد التجربة الليبية والمصرية والعراقية واليمنية لا يبعث على التفاؤل ، وان كان النموذج التونسي هو الاقل تشوها، فهل ستسود سوريا دبلوماسية “معاوية” والخلفية الفنيقية التجارية القائمة على المساومة وتقترب من النموذج التونسي لتكون الاقل تشوها ، ام سيسود نموذج الحجاج بن يوسف وصولا الى صدام حسين؟ ام سيكون نموذجا وسيطا بين معاوية والحجاج؟
لقد دفع السوريون حتى الآن ما بين 600 ألف الى 900 الف ضحية، بينما تغيرت النظم السياسية في دول حلف وارسو الثماني ولم يقتل ما يساوي قتلى يوم واحد في الاضطرابات العربية منذ 2011.
2- منهج الوضع الراهن:


ويتمثل هذا الوضع في اعتبار القوى الخشنة هي اداة ادارة العمل السياسي: من المؤكد ان كافة علميات التغيير “تقريبا” في العالم العربي تمت بشكل أو آخر استنادا الى دور محوري للمؤسسات الخشنة(الجيش والشرطة والمخابرات او التنظيمات السياسية المسلحة)، فهل سيتحدد المسار السوري من خلال نفس هذه الأدوات ؟ ام سيتمكن المجتمع وقواه المستنيرة من لجم هذا النمط ؟ هنا لا بد من مراقبة المعطيات الميدانية لعام او عامين قادمين، فالمؤسسة العسكرية العربية تشكل القوة المحورية لبقاء او تغير النظم او إدارة الفوضى، فهل ننجو من نموذج ابن خلدون سالف الذكر.


3- سيناريو التدخل الخارجي : يشير رصد تغير النظم السياسية العربية خلال القرن الحالي الى ثلاثة اشكال من التدخل الخارجي:
أ‌- التدخل العلني الصريح والمباشر: وهو ما رايناه في العراق وليبيا، وفي هذا النموذج كانت الدول الكبرى هي مركز هذا التدخل بدعم اقليمي.


ب‌- التدخل شبه العلني وغير المباشر: كما جرى في سوريا واليمن والسودان، وهنا كانت القوى الاقليمية العربية( قطر والسعودية والامارات ) وايران واسرائيل محور هذا النمط.
ت‌- ضعف التدخل الخارجي وغلبة القوى المحلية(الاحزاب المحلية الدينية المسلحة والمؤسسة العسكرية) وهو النموذج الذي ساد في تونس ومصر وقبلهما الجزائر.
الخلاصة: هل تتمكن سوريا من الجمع بين الديمقراطية “الحقيقية” من ناحية ، واستمرار العداء للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني الذي يشمل اراض سورية تزيد مساحتها عن 1800 كيلومتر مربع(خمسة اضعاف قطاع غزة) ويعيش فيها حوالي 18 الف مستوطن يهودي اضافة الى 20 الف سوري تحت الاحتلال من ناحية ثانية ، أم سيتغلب احد البعدين على الآخر؟ ذلك هو التحدي الذي يحدد الموقف من التغير في سوريا ما بعد الاسد وبعيدا عن الفرح الطفولي..

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق المصرف المركزي السوري يؤكد: ودائع المواطنين آمنة واستئناف العمل المصرفي غدًا
التالى قطر ترحب بالخطوات الإيجابية للمعارضة السورية وتؤكد دعمها للمشروع الوطني