أصدر وزير البترول والثروة المعدنية، المهندس كريم بدوي، قرارات جريئة قلبت موازين قطاع البترول بشكل غير مسبوق. فبعد سنوات من الفوارق المالية الواضحة في الشركات الكبرى، قرر الوزير أن يحطم الاحتكار المالي الذي كان سائداً في شركات “ولاد الأكابر”، ويبدأ في إجراء إصلاحات جذرية تهدف لتحقيق المساواة بين الشركات التابعة للقطاع، وخاصة بين شركات مثل جاسكو، ميدور، ميدتاب، تنمية للبترول، ثروة للبترول، فجر للغاز، وايثيدكو.
أطلق الوزير هذه القرارات بعد أن باتت الفجوة المالية بين الشركات المختلفة في القطاع تمثل مشكلة ضخمة. دفع ذلك الوزير إلى اتخاذ إجراءات تستهدف تصحيح التفاوت في الرواتب، الحوافز، الأرباح، ومكافآت نهاية الخدمة التي كانت تتراوح في بعض الأحيان بين مئات الآلاف من الجنيهات شهريًا.
كانت تلك الشركات، والتي تضم عادة عددًا صغيرًا من الموظفين، تتمتع بامتيازات مالية ضخمة، حيث كانت توزيعات الأرباح تصل أحيانًا إلى 10% من صافي أرباح الشركات، ما يسمح بتوزيع مبالغ ضخمة على الموظفين.
أثارت هذه الفوارق احتجاجات واسعة بين العاملين في القطاع. على سبيل المثال، كانت شركة ميدتاب التي تضم 90 موظفًا فقط، تقدم حوافز وأرباحًا ضخمة تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات سنويًا، بينما كانت شركات أخرى مثل ميدور، التي يبلغ عدد موظفيها حوالي 2000 موظف، تعاني من تفاوت كبير في الحوافز والأرباح بسبب كثافة العمالة. دفع ذلك وزير البترول إلى اتخاذ قرار حاسم لإلغاء هذه الفوارق، ووضع حد أعلى وأدنى للأرباح والمكافآت.
فرض الوزير لائحة مالية جديدة تضمنت تعديل آلية توزيع الأرباح والمكافآت في الشركات الاستثمارية، حيث تم تحديد حدود دنيا وعليا للأرباح السنوية. على سبيل المثال، خفض الوزير الأرباح السنوية التي كانت تصل إلى 400 ألف جنيه لتصبح في حدود 140 ألف جنيه كحد أقصى في بعض الشركات. كما تم تعديل آلية حساب مكافآت نهاية الخدمة، بحيث تم حسابها بناءً على الأجر الأساسي فقط مع وضع حد أقصى لهذا الأجر عند بلوغ الموظف سن المعاش، وذلك من أجل ترشيد الإنفاق المالي في الشركات.
أصدر الوزير أيضًا تعليمات بتحديد إطار موحد للحوافز والبدلات بين جميع شركات القطاع، بحيث يحصل جميع الموظفين على نسبة ثابتة من الأجر الأساسي تصل إلى 150% كحوافز، وفقًا لنظام محاسبي دقيق وشفاف. تم تطبيق هذا النظام منذ عام 2018 بهدف تقليل الفجوة المالية بين العاملين في شركات القطاع العام والخاص والمشترك، بما يعكس مبدأ العدالة والمساواة.
أوقف الوزير أيضًا التعيينات الجديدة في شركات “ولاد الأكابر”، وأصدر قرارًا بعدم نقل أي موظف من شركات القطاع إلى هذه الشركات بعد مرور عامين من تعيينه. كما تم فرض عقد تدريب لمدة أربع سنوات مع إمكانية تجديده بناءً على الأداء، مع منح مكافآت محدودة وفقًا للائحة المالية الجديدة.
شدد الوزير على ضرورة توحيد السياسات المالية بين الشركات المختلفة، وخاصة في شركات القطاع المشترك والعام، التي كانت تتمنى الحصول على نفس الحوافز والمزايا المالية التي يحصل عليها العاملون في شركات “ولاد الأكابر”. تم استحداث آلية موحدة لصرف الحوافز والبدلات، مثل بدلات التمثيل، الشهر المثالي، وبدلات الانتقال، بحيث تكون الحوافز متناسبة مع معدل الإنتاج في الشركات.
حقق الوزير خطوة كبيرة في تقليص التفاوت بين الشركات المختلفة من حيث المكافآت والبدلات. حيث كانت الأرباح والحوافز في بعض الشركات تصل إلى 500 ألف جنيه سنويًا، بينما لا تتجاوز 50 ألف جنيه في شركات أخرى. وضع الوزير حدًا لهذا التفاوت، ليضمن توزيع المزايا المالية بشكل عادل على جميع الموظفين، وبذلك تم تصحيح الأوضاع المالية بشكل جذري.
أوضح الوزير أن هذه الإجراءات التصحيحية تمثل بداية مرحلة جديدة في قطاع البترول، تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين العاملين في القطاع. رغم ذلك، لا تزال هناك فجوة في توزيع الأرباح والبدلات في بعض الشركات، وهو ما يشير إلى أن الوزير قد يتخذ مزيدًا من القرارات في الفترة القادمة لضمان تحقيق مبدأ العدالة بين جميع العاملين.
تنتظر الأوساط البترولية المزيد من القرارات التي تعزز المساواة بين الشركات المختلفة وتقلل من الفجوة المالية بين العاملين في مختلف القطاعات. يتطلع الجميع إلى أن تكون هذه التغييرات بداية لمرحلة جديدة من الإصلاحات التي تستهدف تحسين أوضاع العاملين وتوفير بيئة عمل أكثر عدلاً واستدامة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط