تشهد شركات قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر حالة من الركود الذي يؤثر سلبًا على أدائها رغم الحديث المتكرر عن تغييرات هيكلية منتظرة.
لم يُسجل حتى اللحظة أي تغييرات جوهرية في قيادة الشركة القابضة لكهرباء مصر أو في الشركات التابعة لها. تزداد التحديات مع استمرار قلة الكفاءات، إذ تتكدس المناصب العليا في العديد من الشركات بقيادات تجاوزت السبعين عامًا، مما يعكس حالة من العجز الإداري في استقطاب الدماء الجديدة التي يمكن أن تساهم في تطوير القطاع.
يُعتبر المهندس جابر دسوقي، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، مثالًا بارزًا على هذا التراخي الإداري. فهو في سن الـ 66 عامًا، ما يجعله قريبًا من شريحة القيادات المسنّة التي تعيش على مجد الماضي في اتخاذ القرارات.
وعلى الرغم من كونه يشغل هذا المنصب لفترة طويلة، إلا أن وتيرة العمل داخل القطاع لا تعكس تطورًا ملحوظًا، بل تظل أسيرة الروتين التقليدي الذي يغلب عليه الجمود وعدم الابتكار. فالتأخير في اتخاذ القرارات الحاسمة واستمرار سياسة “المستشارين” الذين بلغوا سن التقاعد مثل دسوقي والدستاوي وقطري، يعكس تراجعًا في حيوية القيادة.
ومن خلال تقارير متابعة الأداء التي تُعدها الجهات السيادية خارج الوزارة، يتضح أن هناك توجيهات من وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، بضرورة عدم التسامح مع أي شكل من أشكال التراخي أو التواطؤ داخل شركات الإنتاج والنقل والتوزيع.
ويُشدد على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة لضمان وجود بيئة عمل صحية تشجع على الابتكار وتحفيز الكوادر البشرية. لكن، من الواضح أن هذه التوجيهات لم تترجم إلى تغيير حقيقي حتى الآن.
على الرغم من وجود تلك التوجيهات، يظل القطاع أسيرًا للقرارات التقليدية التي تمنع التغيير الجذري، ولا يزال هناك نقص ملحوظ في الكفاءات على جميع الأصعدة.
من هنا، تُطرح الأسئلة المشروعة: لماذا لا يتم تدوير القيادات بين المهندسين والمحاسبين داخل شركات الإنتاج والنقل والتوزيع؟ ولماذا لا يتم الاستفادة من الخبرات المختلفة في تحديث وتطوير السلبيات داخل الشركات الشقيقة الأخرى؟ إن هذا التدوير كان يمكن أن يُعزز المنافسة بين القيادات، ويسهم في اكتشاف مواطن القوة والضعف في كل شركة، مما يؤدي في النهاية إلى تحسين الأداء العام للقطاع.
وتسائل العديد من العاملين في القطاع، هل تقييم المحاسبين والعاملين في الشئون التجارية ينحصر فقط في قدرة الشركات على سداد مستحقاتها الشهرية للقابضة، أم أن هناك اهتمامًا أيضًا بجهودهم في خفض معدلات الفقد التجاري؟
ويجب أن تشمل التقييمات المستمرة أيضًا مهندسي الشبكات والتحكمات، خاصة فيما يتعلق بتقليل الفقد الفني، فالمساواة في التقييم بين مختلف التخصصات هو أمر بالغ الأهمية.
وبينما ينتظر الجميع تحركات جادة من قبل القيادة السياسية للقطاع، يتصاعد القلق بشأن القيادات الحالية التي تفتقر للقدرة على تجديد الدماء، مما يحول دون تحقيق تطلعات العاملين في القطاع.
يبقى الأمل في أن تُضخ دماء جديدة من القيادات الشبابية التي تمتلك القدرة على مواجهة التحديات وتنفيذ التغييرات اللازمة. فلا بد من محاسبة كل من تسبب في الأزمات الحالية من فساد أو خسائر مالية.
الإستثمار الرياضي: غياب الدعم والاهتمام
ومن جانب آخر، لا يمكن إغفال موضوع “الإستثمار الرياضي” داخل قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة. ورغم أن بعض لاعبي القطاع يمثلون مصر في البطولات الدولية ويحصدون ميداليات ذهبية، إلا أن القطاع يعاني من غياب الدعم الكافي للرياضة.
ولا يقتصر الأمر على دعم الأندية الرياضية داخل القطاع، بل يتعدى ذلك إلى غياب استراتيجية واضحة لدعم الأنشطة الرياضية بشكل عام.
الكابتن علاء الدين حسن كامل، مدير المنتخبات القومية لرفع الأثقال، يعد من أبرز الأمثلة على النجاح الرياضي داخل القطاع. إذ نجح في تحقيق إنجازات عديدة عبر مسيرته، ويعتبر رمزًا مشرفًا للقطاع.
ولكن رغم هذه الإنجازات، تظل الوزارة وقيادات القطاع غافلة عن أهمية الاستفادة من هذه النجاحات لتشجيع العاملين في القطاع وتوسيع دائرة الاستفادة.
ففي ظل التوجه العالمي نحو الإستثمار الرياضي كصناعة ذات عوائد كبيرة، يجب على وزير الكهرباء وقيادات القطاع إدراك الأهمية القصوى لهذا المجال في دعم الاقتصاد الوطني.
لكن في الواقع، لا تزال هناك فجوة كبيرة في دعم الأندية الرياضية التي تمثل القطاع. فالأندية مثل نادي كهرباء الإسماعيلية ونادي كهرباء طلخا ونادي كهرباء دمياط، تجد نفسها في عزلة، حيث لا تحظى بأي دعم معنوي أو مادي من قبل الجهات المعنية.
على الرغم من أن هذه الأندية تمكنت من تحقيق نجاحات ملموسة في البطولات الدولية، فإن قيادات القطاع لا تلتفت إلى هذه الإنجازات ولا تقدم التكريم اللازم للاعبين.
بل إن هذه الأندية، على عكس أندية أخرى مثل الداخلية وبتروجيت، تفتقر إلى الدعم الكافي لتطوير قدراتها الرياضية. لا بد من تعزيز هذه الأندية مادياً ومعنوياً، وتوفير بيئة تحفيزية تشجع على المنافسة وتساهم في تطوير المواهب.
إذًا، لا يمكن فصل التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة عن غياب التغيير الفعلي في هيكل القيادة، وكذلك عن افتقار القطاع لدعم الإستثمار الرياضي الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الحديث.
إن التحديات التي تواجه القطاع بحاجة إلى حلول مبتكرة وشجاعة، والقطاع بحاجة ماسة إلى قيادات قادرة على تجاوز الجمود الحالي وفتح الأفق لتطوير كل جوانب القطاع، بما في ذلك دعم الرياضة التي هي أحد الأوجه الهامة التي يمكن أن تعكس صورة القطاع وتحقق له النجاح والتميز.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط