تشهد مصر واحدة من أغرب القضايا التي تكشف بوضوح عن الفساد والتقصير المستمرين في الحكومة المصرية ووزارة الكهرباء والشركة القابضة للكهرباء.
حيث قام المهندس محمد أحمد السيد حسن، رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء توزيع القناة، برفع دعوى قضائية رقم 1917 لسنة 2018 أمام محكمة الإسماعيلية، مطالباً بحقوقه المالية غير المنفذة في قضية تعكس التلاعب بالقوانين وتحايلًا قانونيًا مريبًا يخدم مصالح كبار المسؤولين.
استند المهندس محمد السيد في دعواه على حقه في صرف البدل النقدي لرصيد إجازاته التي لم يستفد منها قبل إحالته للتقاعد.
وادعى أن الشركة امتنعت عن صرف باقي المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية، حيث قدر رصيد إجازاته المتبقية بـ583 يومًا. حكمت المحكمة الابتدائية لصالحه بإلزام شركة كهرباء توزيع القناة بدفع مبلغ 296 ألف جنيه للمهندس محمد السيد.
بعد صدور الحكم برئاسة المستشار محمد علي توفيق، لم يتوقف المهندس محمد السيد عند هذا الحد، بل استغل منصبه كرئيس للشركة في ذلك الوقت للضغط على الشؤون القانونية لرفع استئناف ضد الحكم رقم 2557 لسنة 42 ق عمال.
وطلب من المحكمة قبول الاستئناف ورفض الحكم الصادر لصالحه!!، في حالة واضحة من التلاعب القانوني واستغلال النفوذ.
قضت المحكمة في نهاية المطاف بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعًا، مما يعني تأييد الحكم الأول الذي قضى بحقه في صرف مبلغ 296 ألف جنيه.
تعكس هذه القضية واقع الفساد والتقاعس الذي يسود في الشركة القابضة لكهرباء مصر، حيث يتجاهل المسؤولون الكبار مصالح المواطنين والعاملين.
تقاعست الشركة القابضة لكهرباء مصر بشكل واضح عن اتخاذ الإجراءات القانونية الحازمة لمنع هذا التحايل، وفضلت التستر على هذه الوقائع بدلًا من التحقيق فيها.
في السياق ذاته، تُظهر هذه القضية بشكل جلي مدى تقاعس وزارة الكهرباء في متابعة مثل هذه القضايا وحماية حقوق العاملين في القطاع.
فبدلًا من الوقوف إلى جانب العمال والمستهلكين، تحولت الوزارة إلى كيان غير مبالٍ يتواطأ مع الفساد المنتشر في الشركة القابضة للكهرباء.
يفرض هذا الفساد المستشري ضغوطًا على قطاع الكهرباء الذي يعاني بالفعل من العديد من الأزمات. وبالرغم من هذا الفساد، لم تتحرك الحكومة المصرية لمعالجة هذا الوضع أو اتخاذ أي خطوات واضحة لمحاسبة المسؤولين المتورطين.
بل ظلت الحكومة متقاعسة في أداء دورها الرقابي على المؤسسات والشركات التابعة لها، مما أدى إلى استمرار الفساد في مؤسسات مثل الشركة القابضة لكهرباء مصر.
ليس غريبًا أن نرى هذا النوع من التحايل والفساد يحدث في ظل غياب الرقابة والمحاسبة. ما حدث في قضية المهندس محمد السيد يعكس بوضوح كيف يتم استغلال القانون والنفوذ لتحقيق مكاسب شخصية على حساب مصالح العامة.
يستمر هذا الوضع في التفاقم مع غياب الرؤية الواضحة من الحكومة المصرية، حيث تتركز اهتمامات الحكومة على أمور ثانوية دون التعامل بجدية مع القضايا الكبرى التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
إن سياسة إهمال العاملين في قطاع الكهرباء وعدم توفير البيئة المناسبة لتطوير مهاراتهم، تخلق جوًا من الإحباط المستمر داخل المؤسسات.
منع تسوية المؤهلات ومنع الإجازات بدون مرتب أو الفرص للعمل في الخارج، كلها إجراءات تتخذها الشركة القابضة للكهرباء ووزارة الكهرباء بطريقة ممنهجة لحرمان الموظفين من فرص تحسين أوضاعهم المهنية والشخصية.
هذا الحرمان ينعكس سلبًا على الإنتاجية والكفاءة في العمل، حيث تتحول بيئة العمل إلى سجن من القيود والعقبات، مما يؤدي في النهاية إلى هروب العقول والكفاءات من القطاع.
تعمد الحكومة المصرية ووزارة الكهرباء إلى فرض سياسات عشوائية تقيد فرص التطوير داخل المؤسسات بدلًا من دعم العاملين وتمكينهم.
هذا التقاعس الحكومي أدى إلى انسداد جميع الأبواب أمام العاملين الطموحين الذين يسعون إلى تحسين حياتهم وتحقيق التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية.
بدلًا من تقديم حوافز تشجع الموظفين على الابتكار والإبداع، تحولت المؤسسات إلى أماكن خانقة تقمع الطموح وتقتل الإبداع.
ليس هذا فحسب، بل إن الفساد الذي يعصف بمؤسسات الدولة، وخاصة في قطاع الكهرباء، يهدد مستقبل البلاد بأكملها. فالشركة القابضة لكهرباء مصر ووزارة الكهرباء والحكومة المصرية تتجاهل بشكل مستمر تحذيرات الخبراء والمواطنين حول خطورة استمرار هذه السياسات الفاسدة.
يستمر القادة في اتخاذ قرارات قصيرة الأمد تهدف فقط إلى تغطية الفشل المتراكم، دون أن يدركوا أن هذه القرارات قد تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش قطاع الكهرباء.
تكمن خطورة الوضع في أن فساد هذه المؤسسات لا يؤثر فقط على العاملين في القطاع، بل يمتد ليشمل المواطنين الذين يعانون يوميًا من ضعف خدمات الكهرباء وانقطاعها المتكرر.
في ظل هذا الفساد، تتفاقم المشاكل اليومية، ويزداد العبء على المواطن البسيط الذي يتحمل أخطاء وتقصير المسؤولين.
لم يعد أمام المصريين إلا المطالبة بإصلاح جذري في قطاع الكهرباء. يتطلب الوضع تحركًا عاجلًا من الجهات الرقابية والقانونية لمحاسبة المسؤولين عن الفساد والتقصير في وزارة الكهرباء والشركة القابضة لكهرباء مصر.
يجب على الحكومة المصرية أن تتحمل مسؤوليتها وأن تتدخل فورًا لوقف هذا النزيف المستمر في قطاع حيوي يمس حياة كل مواطن.
ما يحدث اليوم في قطاع الكهرباء هو جريمة في حق الشعب المصري الذي يتطلع إلى خدمات أساسية تليق بمكانة بلاده. يجب محاسبة جميع المتورطين في الفساد من كبار المسؤولين في الشركة القابضة للكهرباء ووزارة الكهرباء، ويجب أن يتم اتخاذ إجراءات صارمة لوضع حد لهذه السياسات التي تهدد مستقبل البلاد.
ويجب على القيادة السياسية والحكومة المصرية أن تدركا أن استمرار هذا الفساد والتقصير لن يمر بدون عواقب. المستقبل لن يرحم من اختاروا تجاهل مطالب الشعب واحتياجاته، وما لم تتخذ الحكومة خطوات جادة لإصلاح هذا الوضع المتردي، فإن الانهيار قد يكون أقرب مما نتوقع.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط