أطلق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالتعاون مع مصلحة الجمارك التابعة لوزارة المالية تطبيقًا إلكترونيًا يحمل اسم “تليفوني”، بهدف السيطرة على الهواتف المحمولة الواردة من الخارج، وهو التطبيق الذي سيخضع الهواتف لضريبة جديدة قد تصل إلى 37.5% وفقًا لنوع الهاتف وسعره في السوق المحلي، وذلك اعتبارًا من الأول من يناير 2025.
هذه الخطوة تنذر بتداعيات كارثية على المواطنين في وقت يواجه فيه المصريون أزمة اقتصادية طاحنة، حيث تزايدت الأسعار بشكل غير مسبوق.
أعلنت شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، أن الهواتف التي يتم جلبها من الخارج ستخضع لعملية التسجيل في مكاتب الجمارك، وذلك كشرط لإخضاعها للضريبة الجديدة.
وللتأكيد على تعقيد الوضع، حددت الشعبة فترة سماح قدرها 90 يومًا فقط لتشغيل الهاتف داخل البلاد، بعد أن يتم تسجيله، وفي حال تجاوزت هذه الفترة، سيتم فصل الهاتف عن الخدمة بشكل نهائي من قبل شركات المحمول. كما تم تحديد حق كل مواطن في دخول البلاد بهاتف واحد فقط كل ثلاث سنوات دون أي رسوم إضافية.
من جهتها، أكدت شعبة المحمول أن هذه المنظومة الجديدة لن تُطبق بأثر رجعي، وهي خطوة تهدف إلى تشجيع المواطنين على شراء الهواتف من السوق المحلي، مما يساهم في دعم استثمارات الشركات الأجنبية والوكلاء المعتمدين، كما تحاول الدولة – حسب تصريحاتها – السيطرة على انتشار ظاهرة الهواتف المهربة.
في إطار ما تُسمى “جهود ضبط سوق الاتصالات”، تسعى الحكومة إلى فرض المزيد من القيود التي تحوّل المواطنين إلى رهائن لسياسات لا تراعي القدرة الشرائية لأبسط شرائح المجتمع.
هذه الخطوة لم تكن الوحيدة في مسلسل المعاناة الذي يعيشه المواطن المصري. ففي ذات الوقت، وافق جهاز تنظيم الاتصالات على زيادة أسعار خدمات المحمول والإنترنت التي تقدمها الشركات الأربع الكبرى العاملة في السوق المحلي، وهي فودافون، أورانج، اتصالات، ووي، بنسبة قد تصل إلى 31% تحت ذريعة ارتفاع تكاليف التشغيل.
هذه الزيادة ستؤدي إلى رفع تكلفة الحياة اليومية للمواطنين، الذين يكابدون من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
إذا كانت هذه الزيادة في الأسعار بمثابة ضربة أخرى للمواطنين، فإن التدهور في سعر الجنيه المصري يزيد من الطين بلة. فقد تجاوز سعر صرف الدولار 51 جنيهًا في التعاملات الرسمية، في وقت كان فيه الدولار لا يتجاوز 31 جنيهًا في مارس الماضي.
ومع تلميحات الحكومة بارتفاع الأسعار في الفترة المقبلة، يصبح الوضع أكثر صعوبة على المواطنين، الذين يواجهون تحديات كبيرة في ظل تدهور القدرة الشرائية بشكل متسارع. هذه السياسات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة، بموجب التزاماتها مع صندوق النقد الدولي، تزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين بشكل غير مسبوق.
النظام الجديد الخاص بتسجيل الهواتف المحمولة الواردة من الخارج، والذي يهدف إلى تحصيل الضرائب على هذه الهواتف، يبدو وكأنه حلقة أخرى في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تتخذها الدولة لتوسيع قاعدة الضرائب على المواطنين، في وقتٍ يعاني فيه المواطنون من ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة المحلية.
هذه الإجراءات لا تعكس إلا استمرارًا في تحميل المواطنين مزيدًا من الأعباء المالية، بينما الحكومة تبحث عن مصادر تمويل جديدة لمشروعاتها الاقتصادية التي لا تنعكس إيجابيًا على حياة المواطنين.
الضريبة التي ستفرض على الهواتف الواردة من الخارج، والتي قد تصل إلى 37.5% حسب نوع الهاتف وسعره، تمثل عبئًا إضافيًا على من يسعى للحصول على جهاز محمول من الخارج بأسعار أقل من تلك التي تعرضها الأسواق المحلية.
هذه الضريبة ستجعل الهواتف التي يتم جلبها من الخارج غير قابلة للتحقيق للكثير من المواطنين، الذين سيضطرون إلى شراء هواتف باهظة الثمن من السوق المحلي، مما يفتح الباب أمام استغلال الوكلاء المحليين في فرض أسعار مرتفعة.
ومع تصاعد هذه الأعباء، يظل المواطن المصري في حالة من التخبط والقلق بشأن مستقبله الاقتصادي. هذه السياسات الحكومية التي تتوالى بشكل غير مدروس تأتي في وقتٍ حساس للغاية، حيث يعيش المواطنون أزمات اقتصادية خانقة وتضخمًا غير مسبوق في الأسعار. وكل هذه الإجراءات تشير إلى أن هناك تجاهلًا تامًا لمعاناة المواطنين في ظل ظروف حياتية صعبة.
إنه من الواضح أن هذه القرارات الحكومية لا تنحصر فقط في فرض مزيد من القيود على المواطنين، بل في محاولة مستمرة لتفريغ جيوبهم عبر مختلف أنواع الضرائب والرسوم. تتسارع الأحداث الاقتصادية بشكل خطير ويجد المواطن نفسه في قلب عاصفة من الأزمات المالية التي تبدو بلا نهاية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط