تكشف التحقيقات الأخيرة عن فضيحة فساد مالي كبرى تهدد بإفلاس شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية، التي تعتبر واحدة من أبرز الشركات في مجالي الكهرباء والسكك الحديدية، إذ تبين أن الشركة تخفي خسائر ضخمة تصل إلى 38.1 مليار دولار، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى انهيارها المالي التام.
كما أظهرت التحقيقات أن هناك تلاعبًا في الحسابات وتضليلًا من قبل الشركة في تقاريرها المالية، مما يثير تساؤلات خطيرة حول مصداقية إدارتها وحقيقة وضعها المالي.
تبدأ القصة من تقرير أعده المحقق المالي الشهير هاري ماركو الذي قضى أكثر من سبعة أشهر في مراجعة الحسابات المالية لشركة “جنرال إلكتريك”.
كشف ماركو في تقريره الذي يبلغ 175 صفحة عن تفاصيل كارثية تهدد مستقبل الشركة. أكد ماركو أن الشركة قد أخفت عن المستثمرين والجمهور خسائر هائلة وصلت إلى 38.1 مليار دولار، وهي أرقام لم يتم الإفصاح عنها في التقارير المالية السابقة.
التقرير يكشف حقيقة تدهور الوضع المالي لشركة “جنرال إلكتريك” بوضوح. حيث أشار المحقق إلى أن الشركة تعاني من أزمة سيولة حادة، تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار، وهو ما يهدد قدرتها على الاستمرار في عملياتها الأساسية.
وبسبب هذه الأزمة، تراجعت أسهم الشركة بنسبة 15% في وقت قياسي، مما أدى إلى خسارة أكثر من 10 مليارات دولار من قيمتها السوقية في ساعات قليلة فقط. هذا التدهور السريع في قيمة الأسهم يعكس حجم الكارثة المالية التي تمر بها الشركة.
تزامن هذا الانكشاف مع تحذيرات متزايدة من المحللين الماليين في وول ستريت، الذين نبهوا في السابق إلى أن شركة “جنرال إلكتريك” تواجه مشاكل مالية غير مرئية، وأن التقارير المالية للشركة غالبًا ما تحتوي على علامات استفهام، خاصة فيما يتعلق بتدفقاتها النقدية وعمليات المحاسبة الغامضة التي تقوم بها. الشكوك كانت تتزايد حول التلاعب في الحسابات، وهو ما أكده تقرير ماركو بشكل قاطع.
لكن ما يزيد من تعقيد الأمور هو تأثير هذه الفضيحة على استثمارات الشركة في مصر، والتي تُعد من أهم الأسواق بالنسبة لـ “جنرال إلكتريك”. فقد قامت الشركة الأمريكية باستثمار مليارات الدولارات في مشروعات الكهرباء في مصر، وهو ما يهدد بكارثة اقتصادية إذا ما استمرت الشركة في التراجع المالي.
هذه الاستثمارات كانت مدعومة بتعاقدات ضخمة مع الحكومة المصرية، إضافة إلى أن الشركة حصلت على فرص عمل مربحة من خلال مشاريع السكك الحديدية. لكن اليوم، يبدو أن هذه الاستثمارات مهددة بالتأثير السلبي من هذا الفساد المالي المتجذر.
تاريخيًا، كانت “جنرال إلكتريك” قد دخلت السوق المصرية من خلال استحواذها على معظم أعمال “ألستوم” الفرنسية في مجال الطاقة والكهرباء، في صفقة بلغت قيمتها أكثر من 15 مليار دولار.
لكن صفقة الاستحواذ هذه شابها العديد من التساؤلات، خاصة بعد الفضيحة الشهيرة لشركة “ألستوم” التي تم اتهامها بتقديم رشاوى لمسؤولين حكوميين في مصر وبعض الدول الأخرى من أجل الحصول على عقود ضخمة. هذه الفضيحة تعود للواجهة مرة أخرى مع تزايد الحديث عن الفساد المالي في “جنرال إلكتريك”.
تساؤلات كبيرة تثار الآن حول مصير الاستثمارات المصرية التي تقف على حافة الانهيار بسبب هذه الفضيحة. فالمخاوف تتزايد من أن يؤدي الفساد المالي المستشري داخل “جنرال إلكتريك” إلى فقدان الثقة في الشركة، وبالتالي فقدان الدعم المالي والتجاري اللازم لاستمرار المشاريع في مصر.
هذا الوضع يعيد إلى الأذهان فضائح أخرى مشابهة لشركات متعددة الجنسيات التي حاولت التغطية على خسائرها المالية بتقارير مزورة، وهو ما يهدد بعواقب وخيمة على الاقتصاد المحلي.
في الوقت الذي تنفي فيه “جنرال إلكتريك” هذه الادعاءات، مشيرة إلى أن تقرير ماركو لا أساس له من الصحة، إلا أن الوضع بات أكثر تعقيدًا.
حيث تزداد التساؤلات حول مدى مصداقية الشركة في مواجهة هذه الأزمة المالية الضخمة. وفيما تحاول الشركة الدفاع عن نفسها، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن من النجاة من هذه الفضيحة المالية، أم أنها على وشك الانهيار الكامل؟
من الواضح أن الوضع قد يتفاقم بسرعة، فخسائر “جنرال إلكتريك” ليست مجرد أرقام ضخمة، بل هي مؤشر على أزمة أعمق تتعلق بإدارة الشركة وشفافيتها.
فهذه الفضيحة قد تكون بداية النهاية لشركة كانت يومًا ما من أكبر وأهم الشركات في العالم. كما أن تأثيراتها قد تمتد لتشمل جميع أسواقها العالمية، خصوصًا في الدول التي تعتبرها حليفًا استثماريًا هامًا، مثل مصر، التي تعد من أكبر الأسواق المستقبلة لاستثمارات الشركة في المنطقة.
تطرح هذه الفضيحة العديد من التساؤلات حول دور الحكومات في محاسبة الشركات العالمية الكبرى على ممارساتها المالية، وما إذا كانت هناك ضرورة لتشديد الرقابة على الشركات متعددة الجنسيات لتفادي حدوث مثل هذه الفضائح في المستقبل.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط