في واحدة من أفظع قضايا الفساد التي تنخر في جسد مؤسسات الدولة، أرسل فني الصيانة رضا عبدالرازق حسن استغاثة إلي موقع “اخبار الغد” تكشف عن تفاصيل كارثية لأحد أبشع أنواع الفساد داخل شركة جاسكو للغاز بمنطقة الدلتا شمال مصر.
رضا عبدالرازق حسن يعمل كفني صيانة في هذه الشركة منذ سنوات، ليكشف عن مخالفات ضخمة داخل قطاع المشروعات، حيث استمرت عمليات فساد مالي وإهدار للمال العام لسنوات طويلة في صمت.
الموظف الذي كان يُعتبر دائمًا رمزًا للنزاهة، فاجأ الجميع بعد أن اكتشف العديد من المخالفات المالية المرتبطة بعمليات تحصيل الأموال من المنشآت الصناعية والمواطنين في مقابل الحصول على منظومات الغاز الطبيعي.
وبدلاً من أن يكون هناك أي تحرك من قبل المسؤولين للحد من هذه التجاوزات، وجدت نفسه هو من يدفع الثمن غاليًا بعد أن كشف المستور.
فوفقًا لما ذكره في استغاثته، تم تحصيل أموال ضخمة من كبار المشتركين والمنشآت الصناعية دون أن يتم تحويل هذه الأموال إلى حسابات شركة جاسكو كما تقتضي القوانين.
استمر هذا الوضع لفترة طويلة، ليؤكد رضا عبدالرازق أن هذه المخالفات كانت تتم على مرأى ومسمع من كبار المسؤولين في الشركة، الذين لم يتخذوا أي خطوة جدية لمحاسبة المتورطين.
ما أثار الصدمة هو رد الفعل الذي لقيه عندما قرر التوجه إلى رئيسه المباشر، المهندس محمد الصعيدي، الذي يعمل مديرًا في قطاع المشروعات في منطقة الدلتا، ليقدم له مذكرة تتضمن تفاصيل هذه المخالفات.
كان رضا يظن أن حديثه مع رئيسه سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات لتصحيح الأوضاع ومحاربة الفساد. لكن الرد الذي تلقاه كان صادمًا، حيث تم التعامل معه بازدراء واستفزاز، ليصبح أكثر وضوحًا أن الفساد كان مستشرٍ في الإدارة العليا.
رد المسؤولين كان “من قال هذا؟ دعنا نذهب ونُسكته”، وبالفعل، بدأت سلسلة من المحاولات لتمرير هذه التجاوزات دون رادع.
المؤلم في الأمر أن رضا عبدالرازق قرر أن يُظهر المستندات التي تثبت وجود تلك المخالفات، وهو ما جعل الأمور تخرج عن السيطرة تمامًا.
بعد أن أرسل صورًا للمستندات التي تدين كبار المسؤولين في قطاع المشروعات، تم فصله تعسفيًا من عمله دون أن يتم اتخاذ أي إجراءات قانونية، بل على العكس، تم تزوير قرار الفصل لصالح كبار المسؤولين، في خطوة واضحة لإخفاء الفساد وتغطية الجرائم المالية التي ارتكبها المتورطون.
منذ فصله، يعيش رضا في جحيم مستمر من الأزمات المالية والمعنوية، حيث تأثرت حياته الشخصية بشكل كبير، وأصبح هو وعائلته في مأزق بسبب محاولات فاشلة للعودة إلى عمله، رغم امتلاكه أوراقًا ومستندات تكشف تورط العديد من القيادات في اختلاسات مالية مهولة.
ولكنه لم يجد من يقف بجانبه أو ينصفه، بل على العكس، قوبل محاربته للفساد بالمزيد من التعنت والرفض، لأن كشف هذه المخالفات سيؤدي إلى انهيار النظام الفاسد الذي يسيطر على قطاع الغاز في منطقة الدلتا.
ومع هذا الوضع المزري، أرسل رضا استغاثة إلى وزير البترول المهندس كريم بدوي، يطالب فيها بإنصافه والوقوف بجانب الحق.
وقال: “لقد كنت دائمًا مخلصًا في عملي، وتحمست لما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن الفساد يجب أن يُستأصل من مصر. كنت أعتقد أن الدولة ستتخذ خطوات جادة للقضاء على الفساد، ففوجئت أنني كنت أضحي بنزاهتي وأمنح شهادات فساد للحصول على نتيجة معاكسة تمامًا لما توقعت. النتيجة كانت أنني فقدت عملي وتشردت أنا وعائلتي بسبب فساد الإدارة.”
وأضاف في رسالته: “أنا لم أطلب سوى التحقيق في تلك المخالفات وإرجاع حقي، ولكن المصلحة العليا لشركة جاسكو في منطقة الدلتا جعلت المسؤولين يتآمرون ضدي لحماية أنفسهم، رغم أنهم يعلمون جيدًا أنني كنت أعمل بكل إخلاص للحفاظ على المال العام”.
وتابع رضا في رسالته المؤثرة: “لقد عملت في هذه الشركة سنوات طويلة، ولم يُخصم لي أي حوافز رغم تفانيي في العمل، وكنت دائمًا مصدر ثقة ونزاهة في عيون زملائي. ولكن فجأة، دون سابق إنذار، فوجئت بقرار فصلي التعسفي بعد تقديمي المستندات التي تثبت الفساد، وهو ما يعكس فسادًا مستشريًا داخل شركة جاسكو”،
مؤكداً أنه منذ فصله لم يتمكن من الحصول على عمل آخر، مما جعل وضعه المالي والاجتماعي يتدهور بشكل كبير.
وأعرب في ختام رسالته عن أمله في أن تتحرك وزارة البترول بسرعة لتحقيق العدالة، ومحاسبة المتورطين في الفساد الذي يعصف بشركة جاسكو، مؤكدًا أن هناك العديد من المستندات التي تكشف تورط كبار المسؤولين في اختلاسات مالية تهدد أموال الدولة.
ومن خلال هذه القضية، تتضح حجم الفساد المستشري في شركات الغاز المصرية، وخاصة في شركة جاسكو، التي تبدو وكأنها مصنع للفساد على مر السنوات.
في الوقت الذي تكررت فيه مخالفات مالية داخل هذه الشركات، لم يُحاسب أي من المتورطين، بل تم التضحية بالأبرياء الذين حاولوا كشف هذه الحقائق. ويؤكد رضا عبدالرازق حسن أنه يملك المزيد من المستندات التي تثبت تورط كبار المسؤولين في اختلاسات مالية ضخمة، الأمر الذي يتطلب تدخلًا عاجلًا من وزارة البترول للتحقيق في هذه الوقائع، وإعادة الحق لأصحابه.
إن هذه القضية تكشف عن أن الفساد في قطاع الغاز المصري ليس مجرد خلل إداري، بل هو جريمة منظمة تهدف إلى سرقة المال العام على مرأى من الجميع.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ضرورة محاربة الفساد، لا يزال هناك من يحمون الفاسدين داخل مؤسسات الدولة. هذا الوضع لا يمكن السكوت عليه، ويجب أن تكون هناك إجراءات فورية وحاسمة لإنقاذ المال العام من السرقة العلنية التي تتم في وضح النهار.
حيث ما يجري في شركة جاسكو للغاز بمنطقة الدلتا ليس مجرد تجاوزات إدارية، بل هو فساد مستشرٍ يهدد المال العام، ويعرقل تقدم البلاد في هذا القطاع الحيوي.
وفيما لا يزال رضا عبدالرازق يطالب بالعدالة، يبقى الفساد في شركات الطاقة في مصر هو العائق الأكبر أمام تطور هذا القطاع، وينبغي أن تكون هناك محاسبة جادة من الجهات العليا لوضع حد لهذه الفوضى التي تعيق مصالح الوطن.
فإن معالجة هذه القضية تحتاج إلى وقفة حازمة من وزير البترول المهندس كريم بدوي، وكافة الجهات المعنية، لاستعادة الحق المغتصب ووقف النزيف المستمر الذي يعصف بمستقبل قطاع الغاز في مصر.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط