أخبار عاجلة

فضيحة الكهرباء: 52 محطة كهرباء مدمرة وعجز 8 آلاف ميجاوات يهدد مصر

تتوالى التحذيرات في الآونة الأخيرة بشأن قرب انهيار شبكة الكهرباء في مصر، فقد تكشفت العديد من الأزمات الكبرى التي تهدد استقرار الشبكة القومية للكهرباء في مصر، حيث أصبحت الشبكة على شفا الانهيار نتيجة للعجز الكبير في الطاقة والتهالك المتسارع لمحطات الإنتاج.

وفقًا للتقرير الشهري لمرصد الكهرباء التابع لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، فإن 52 محطة إنتاج كهرباء في مصر لم تتمكن من تحقيق نقطة التعادل طوال شهر يونيو الماضي، مما يعني أن الشبكة فشلت بنسبة 96.6% في توفير احتياجات المواطنين.

فيما يقترب العجز من 8200 ميجاوات، فقد فشلت محطات الإنتاج بنسبة 44.2% في تلبية احتياجات المواطنين، مما يهدد بشكل كبير استقرار الشبكة القومية للكهرباء. وإذا استمر العجز ليصل إلى 10 آلاف ميجاوات، فإن ذلك يشير إلى بدء انهيار الشبكة بالكامل.

وإن كانت محطات سيمنز الجديدة التي تم إنشاؤها مؤخراً تحت إشراف الشركة القابضة لكهرباء مصر لم تساهم بالقدر المطلوب في زيادة الإنتاج، فإن ذلك يسلط الضوء على الفساد المستشري داخل الحكومة ووزارة الكهرباء، اللذين بدلاً من العمل على إصلاح البنية التحتية المتهالكة، يستمران في محاولة رفع الدعم عن الطاقة ورفع الأسعار على المواطنين في وقت تشهد فيه الشبكة القومية أزمات حادة.

فضائح فساد واضحة في القطاع الحكومي

إن الفساد في قطاع الكهرباء يظهر بشكل واضح في عدد من الشركات التابعة للشركة القابضة، ومنها شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، حيث يتم إهدار ملايين الجنيهات في عمليات صيانة غير دقيقة لوحدات توليد الكهرباء. وفي محطة كهرباء عتاقة، تم إهدار مليارات الجنيهات في صيانة الوحدات، مع اختلاسات تتعلق بشراء قطع غيار غير مطابقة للمواصفات، بل أكثر من ذلك، تم استبدال قطع غيار بأخرى ذات تكلفة عالية دون مبرر، مما أضاف خسائر مالية كبيرة على خزينة الشركة.

وفي محطة شرم الشيخ الغازية، تم تمرير طلبات فساد في بند تركيب كاميرات المراقبة، حيث تم التلاعب في التكاليف بشكل صارخ، إذ تم دفع أكثر من مليون جنيه لصالح شركة غير مؤهلة، وهي قيمة تضاعف القيمة الحقيقية للمشروع. ولعل هذا المثال ليس إلا جزءاً من مجموعة من الفساد المستشري داخل القطاع الذي يمس كل جوانب العمل داخل الوزارة والشركة القابضة.

أزمة في محطات الإنتاج الرئيسية:

تتوزع محطات الكهرباء في مصر عبر ست شركات لإنتاج الكهرباء، تمتلك 52 محطة إنتاج. وتظهر الأزمة بشكل واضح في المحطات التابعة لشركة القاهرة لإنتاج الكهرباء، والتي تمتلك 6 محطات تنتج 5950 ميجاوات، وهي: (محطة شبرا الخيمة، شمال القاهرة، غرب القاهرة، وادي حوف، جنوب القاهرة، التبين). تليها شركة وسط الدلتا التي تمتلك 4 محطات بإنتاج 4777 ميجاوات، وهي: (محطات طلخا، النوبارية، المحمودية، والعطف). أما شركة شرق الدلتا التي تنتج 3922 ميجاوات من 10 محطات، تشمل: (الغردقة، عتاقة، أبو سلطان، عيون موسى، العريش، الشباب، بورسعيد، شرق بورسعيد، دمياط، شرم الشيخ).

وتأتي شركة غرب الدلتا التي تنتج 3701 ميجاوات من 7 محطات هي: (مرسى مطروح، سيدي كرير، كرموز، أبوقير، دمنهور، السيوف، وكفر الدوار). كما تمتلك شركة الوجه القبلي 5 محطات إنتاج للطاقة التي تنتج 3468 ميجاوات من محطات: (الكريمات، أسنا، نجع حمادي، المولدية، أسيوط).

ضعف المحطات الجديدة:

يتمثل التحدي الأكبر في المحطات الجديدة التي تم إنشاؤها مثل محطات سيمنس التي لا تعمل بكامل قدرتها حتى اليوم. رغم أنها تمتلك القدرة على إنتاج طاقة كبيرة، فإن هذه المحطات لم تصل إلى الأداء المطلوب بسبب العديد من المشاكل التقنية.

وتمثل محطات الطاقة المائية في السد العالي وسد أسوان 1 و2 إنتاج 2799 ميجاوات، بينما تسهم محطات القطاع الخاص مثل غرب خليج السويس والسويس وسيدي كرير في إنتاج 2047 ميجاوات. محطات الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل الزعفرانة والكريمات، تنتج 687 ميجاوات.

العجز الحقيقي في الشبكة:

وفقًا للتقارير، يبلغ إجمالي الطاقة الاسمية في مصر 31365 ميجاوات، بينما لا تتجاوز الطاقة الفعلية المنتجة 26305 ميجاوات نتيجة الأعطال المستمرة في الوحدات أو سوء الصيانة أو تقادم المعدات. وبذلك، هناك حوالي 4060 ميجاوات مفقودة. ونتيجة لهذه الأعطال المستمرة، خرجت عدة محطات من الخدمة بما يعادل فقدان 777 ميجاوات من محطة القاهرة الكبرى، و785 ميجاوات من محطة وسط الدلتا، و120 ميجاوات من الطاقة الشمسية، و23 ميجاوات من غرب الدلتا.

خطر انقطاع الكهرباء المتكرر:

في ظل استهلاك المواطنين الذي بلغ 32 ألف ميجاوات، فإن العجز في الشبكة الكهربائية قد تجاوز 8 آلاف ميجاوات، وهو ما يعكس حالة من الضغط الشديد على الشبكة في ظل ارتفاع استهلاك الكهرباء في أوقات الذروة، خصوصًا في فصل الصيف.

نقص الصيانة وغياب الخطط الاستراتيجية

ما يزيد من تفاقم الأزمة هو أن العديد من المحطات لا تقوم بالصيانة الدورية أو العمرات اللازمة، الأمر الذي أدى إلى تزايد الأعطال فيها. في شركة القاهرة لإنتاج الكهرباء، على سبيل المثال، لم تجرِ صيانة شاملة لأغلب محطاتها منذ سنوات، مما أدى إلى تدهور مستويات الأداء بشكل خطير.

المشاكل الفنية في محطات التوليد:

أظهرت التقارير أيضًا أن العديد من المحطات تعاني من مشكلات فنية تتعلق بتدهور المعدات، الأمر الذي يهدد استمرارية عملها. على سبيل المثال، محطة شبرا الخيمة التي تعد من أهم محطات الكهرباء في القاهرة الكبرى، تعاني من تأكل المواسير والغلايات بشكل خطير، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة المحطة على الإنتاج وتلفها بسبب عدم معالجة المازوت بالطريقة الصحيحة،

بينما محطة غرب القاهرة “ب” تواجه مشاكل في الكراسي ومانع التسرب مما يؤدي إلى تعطل الوحدة وكما تعاني من زيادة الاهتزازات والحرارة المرتفعة، مما يعرض المحطة للخروج عن الخدمة في أي لحظة، في حين أن محطة التبين تعاني من مشاكل هندسية خطيرة بسبب تصميم غير ملائم للمولدات التي تم تركيبها وفقاً لمواصفات غير دقيقة

وفي مناطق أخرى، مثل محطة طلخا في وسط الدلتا، تتراكم المشكلات التي تهدد بشكل مباشر قدرتها على العمل بكامل طاقتها، حيث انفجرت بعض الوحدات بسبب عدم إجراء الاختبارات المناسبة أثناء تشغيلها. بينما تضررت محطة العطف نتيجة لمشكلات في الغلايات وغياب الصيانة الجادة، مما أثر بشكل كبير على قدرتها على توفير الطاقة اللازمة.

عجز في التوربينات والخلل في العقود الخاصة بالصيانة

تستمر العقود المبرمة مع شركات الصيانة في كشف الفساد المستشري، حيث أن بعض العقود لا تحترم حقوق الشركات المصرية أو تلتزم بالمواصفات الفنية المطلوبة، مما يؤدي إلى شراء قطع غيار غير مطابقة للمعايير. وفي حالة محطات سيمنز، تواصل الشركة القابضة لكهرباء مصر دفع مبالغ ضخمة لقاء صيانة غير مجدية للمحطات الجديدة، في حين أن هذه المحطات لا تعمل بكامل طاقتها بسبب الأعطال المستمرة.

إن العقود التي تبرمها الشركة القابضة مع الشركات الأجنبية، لا تحتوي على ضمانات لما بعد الصيانة، مما يترك الدولة عرضة للتكاليف الباهظة من جراء التأخير في العمرات أو الأعطال المفاجئة. كما أن هناك تقارير تشير إلى عدم توفر قطع الغيار اللازمة لبعض المحطات أو أن تلك القطع كانت غير ملائمة لما تم طلبه من قبل، ما يفاقم الأزمة ويزيد من العجز في الطاقة.

محطة الوليدية:

تعتبر محطة الوليدية في أسيوط مثالًا آخر على الفشل في الحفاظ على كفاءة المحطات، حيث كانت تعتبر واحدة من أفضل المحطات في الشرق الأوسط. ومع ذلك، بدأت الكفاءات تتدهور بعد توقف مراوح الغازات وتعرض الوحدة الأولى والثانية للتلف، مما أدى إلى هبوط إنتاج المحطة من 630 ميجاوات إلى 200 ميجاوات فقط.

أزمات في محطات شرق الدلتا:

تعد محطات شرق الدلتا من أبرز المحطات التي دخلت دائرة الخطر، حيث تعرضت محطات مثل عتاقة لانفجار إحدى المولدات نتيجة إهمال صيانتها، مما أدى إلى توقف المولد رغم معرفة القيادات في المحطة بالخطورة المحيطة بها.

فضائح في إدارة قطاع الكهرباء:

في إطار الأزمات التي يعاني منها قطاع الكهرباء، أثيرت العديد من القضايا المتعلقة بإهدار المال العام، حيث تم تسليط الضوء على قضية فساد في شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، التي تمثلت في الاستيلاء على ملايين الجنيهات وتسهيل عملية الفساد المالي. كما تم الحديث عن فساد قيادات محطات توليد الكهرباء، مثل محطة عتاقة التي كبدت الشركة نحو 2 مليار جنيه بسبب الإهمال في صيانة الوحدات.

مخالفات أخرى في محطة شرم الشيخ:

كشفت تقارير أخرى عن فضيحة أخرى تتعلق بمحطة كهرباء شرم الشيخ الغازية، حيث تم إصدار أمر مباشر رقم (81) لصالح شركة “عرب سكيرتي” بالقاهرة، بمبلغ 1.197 مليون جنيه لتنفيذ نظام مراقبة تلفزيونية، رغم أن القيمة المقررة في السوق لا تتجاوز نصف هذا المبلغ. ووفقًا للأمر المباشر، تم تكليف المحطة بتركيب قواعد وعمدان لتركيب الكاميرات على نفقة شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، رغم أن هذا يعد من اختصاص الشركة الموردة.

استمرار الإهمال في تحديث البنية التحتية

الخطير في كل هذا هو غياب الخطط الاستراتيجية لتطوير قطاع الكهرباء في مصر. على الرغم من التصريحات الحكومية المتتالية بخصوص تحديث وتطوير المحطات، لا نرى أي تقدم حقيقي في هذا الشأن. بدلًا من تحديث البنية التحتية، تستمر الحكومة في سياسة رفع الأسعار ورفع الدعم عن الكهرباء، وهو ما يزيد الأعباء على المواطن المصري دون أن يتم توفير بدائل أو تحسين في مستوى الخدمة.

ورغم أن شبكة الكهرباء في مصر تضم نحو 52 محطة إنتاج، من بينها محطات جديدة تم إنشاؤها مؤخرًا، إلا أن معظم هذه المحطات تعاني من أعطال متكررة أو لا تعمل بكامل طاقتها. فعلى سبيل المثال، محطة الكريمات الجديدة في الوجه القبلي التي كان من المفترض أن تعمل بقدرة عالية، لكنها تعاني من أعطال في التوربينات التي جعلت القدرة الإنتاجية لها منخفضة، بينما كان من المفترض أن تسهم بشكل كبير في سد العجز في الطاقة.

أين المسؤولية؟

ما نشهده اليوم هو نتيجة تقاعس مستمر من الحكومة ووزارة الكهرباء والشركة القابضة لكهرباء مصر في التعامل مع الأزمة الطاحنة التي تعيشها الشبكة الكهربائية في البلاد. الفساد المالي والإداري الذي يعصف بالقطاع، والاختلاسات التي تتم في ظل غياب الرقابة، أصبحت تشكل خطرًا داهمًا على مستقبل الطاقة في مصر. إن ما تحتاجه البلاد ليس المزيد من التصريحات الفارغة، بل يجب أن تتحمل الحكومة والمسؤولون عن قطاع الكهرباء مسؤوليتهم بشكل جاد، وتعمل على إصلاح هذا القطاع الحيوي بما يتناسب مع احتياجات المواطنين والمصلحة العامة.

تفاقم الأزمات في قطاع الكهرباء:

ما يعانيه قطاع الكهرباء في مصر من أزمات عديدة يتطلب وقفة جادة من الحكومة والجهات المعنية. تكمن المشكلة الأساسية في غياب الصيانة الدورية للمحطات والتفشي المستمر للفساد في الإدارة، بالإضافة إلى استغلال النفوذ لإهدار المال العام، مما يهدد بحدوث كارثة حقيقية في قطاع حيوي يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق نجيب ساويرس يدعو للإفراج عن المظلومين وإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط
التالى فضيحة فساد بناء مخالف في أسيوط: سرقة 11 شقة بـ 1.8 مليون جنيه علنًا