يونس حاجي الخوري
في عالم يشهد تطورات متسارعة في التكنولوجيا والاقتصاد، بات الابتكار حجر الأساس لتحقيق الاستدامة المالية وضمان قدرة المؤسسات على التكيف مع التحولات المستقبلية. فالابتكار لم يعد رفاهية مؤسسية، بل أصبح ضرورة استراتيجية تعزز كفاءة الأداء، وتدعم استمرارية الأعمال، وتسهم في تطوير حلول قادرة على مواجهة التحديات المتغيرة. ومن هذا المنطلق، تتبنى الحكومات الرائدة منهجيات متطورة لترسيخ ثقافة الابتكار داخل مؤسساتها، ما ينعكس إيجاباً على جاهزيتها للمستقبل وقدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.
تُدرك وزارة المالية في دولة الإمارات أهمية الابتكار كعنصر محوري في تطوير قطاع المالية العامة، وتحرص على دمجه في استراتيجياتها المؤسسية لضمان تحقيق الريادة والاستدامة. وفي هذا السياق، جاءت فعالية «المالية تبتكر» خلال شهر الابتكار لتكون نموذجاً عملياً يجسد التزام الوزارة بتعزيز بيئة الابتكار، عبر توفير منصة تفاعلية تجمع الموظفين والشركاء الاستراتيجيين لمناقشة الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى حلول قابلة للتطبيق.
لقد أسهمت الفعالية في تعزيز التفكير الإبداعي وتشجيع التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، حيث شارك الحضور في تجربة «رحلة الابتكار»، التي استعرضت المراحل المختلفة للعملية الابتكارية، بدءاً من الاستكشاف وتوليد الأفكار، وصولاً إلى النماذج الأولية والتقييم النهائي. لم يكن الهدف مجرد طرح أفكار جديدة، بل تمكين المشاركين من اختبارها وتحليل مدى قابليتها للتنفيذ، في خطوة تعكس توجه الوزارة نحو الابتكار التطبيقي الذي يرتكز على النتائج الملموسة.
الابتكار ليس مجرد فكرة أو مشروع، بل هو نهج متكامل يستلزم بيئة عمل تشجع على التفكير غير التقليدي وتعزز روح المبادرة. ومن هنا، أطلقت وزارة المالية فعالية «رحلة تجربة الابتكار»، وهي نموذج مبتكر يعكس أساليب التفكير التفاعلي عبر خمسة مراكز تحاكي بيئة ريادة الأعمال. ومن خلال هذه التجربة العملية، تمكن المشاركون من اختبار قدراتهم في استشراف المستقبل، وتعزيز التفكير من منظور المستخدم، والعمل على تطوير أفكار إبداعية تتحول إلى نماذج واقعية قابلة للتنفيذ.
هذا النهج لا يسهم فقط في تطوير الحلول، بل يعزز أيضاً المهارات القيادية والقدرة على اتخاذ القرارات ضمن بيئة ديناميكية، حيث تُعتبر الابتكارات الناجحة اليوم نتيجة لتفاعل فرق العمل، وليس مجرد إبداع فردي.
إن تعزيز الابتكار المؤسسي لا يقتصرعلى إطلاق المبادرات، بل يتطلب رؤية استراتيجية واضحة تدمج الابتكار ضمن خطط العمل، بحيث يصبح جزءاً أساسياً من عمليات التطوير المؤسسي. وهذا ما تعمل عليه وزارة المالية، حيث تضع الابتكار في صميم سياساتها المستقبلية، مستفيدة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تطوير الحلول المالية، وتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والاستدامة.
ومع اختتام فعاليات شهر الابتكار، يظل الابتكار في وزارة المالية نهجاً مستداماً يتجاوز الفعاليات المؤقتة، ليصبح ركيزة أساسية في تحقيق التحول الرقمي، وتعزيز دور الوزارة كمؤسسة مالية رائدة على المستويين الإقليمي والدولي. إن الاستثمار في الابتكار ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لضمان ريادة المؤسسات في عالم متغير، وهو ما تواصل وزارة المالية العمل عليه، لترسيخ موقعها كمركز للتميز المالي القائم على الإبداع والتطوير المستدام.
وكيل وزارة المالية
