أخبار عاجلة

اخبار الاقتصاد اليوم حرب ترامب التجارية بدأت.. إلى أين تتجه؟

اخبار الاقتصاد اليوم حرب ترامب التجارية بدأت.. إلى أين تتجه؟
اخبار الاقتصاد اليوم حرب ترامب التجارية بدأت.. إلى أين تتجه؟

د. عبدالعظيم حنفي*

بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض أوسع تعريفات جمركية شهدتها الولايات المتحدة منذ ما يقارب قرناً من الزمان، بعد فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على معظم الواردات من كندا والمكسيك، وضريبة إضافية بنسبة 10% على الواردات من الصين. واستهدفت واردات الطاقة الكندية، بمعدل أقل بلغ 10%. اعتباراً من الأول من فبراير 2025. والتبرير الأمريكي «من أجل اتخاذ إجراءات قوية لوقف تدفق الفنتانيل والمواد الكيماوية الأولية إلى الولايات المتحدة من الصين عبر المكسيك وكندا، وكذلك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود الأمريكية»، ليشعل بذلك حرباً تجارية عالمية جديدة. ما يجسد كيفية تحرك ترمب لتفعيل بند رئيسي في أجندته التجارية: إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي، من خلال فرض الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من الواردات وعلى حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء. حيث يعد ترامب بأنه «على المدى الطويل، تعرضت الولايات المتحدة للخداع من قبل كل دول العالم تقريباً، ولواشنطن عجز مع كل دولة تقريباً»، وزعم أنه «لهذا السبب الدين العام الأمريكي يبلغ 36 تريليون دولار». وبذلك يريد ترامب استخدام التعريفات الجمركية المرتفعة لإعادة التوازن إلى التجارة العالمية لمصلحة التصنيع المحلي، وجمع إيرادات حكومية إضافية يمكن أن تساعد على خفض ضرائب الدخل أو تمويل برامج أخرى.
وقد صدّرت الشركات الأمريكية بضائع تبلغ قيمتها 763 مليار دولار إلى الدول الثلاث المستهدفة في أول 11 شهراً من عام 2024، وكانت حصة كندا 17% من إجمالي الصادرات، و16% ذهبت إلى المكسيك، و7% إلى الصين. ورجحت تقارير أن الصناعات الأكثر تضرراً من جراء تلك الرسوم، هي صناعة السيارات، ومنتجو الأغذية وقطاع البناء، وتعتمد جميعها بشكل كبير على التجارة عبر الحدود من بين الصناعات التي ربما تتأثر بشكل أسوأ. كما أن شركات صناعة السيارات الأمريكية، وخاصة «الثلاثة الكبار» التقليديين فورد، وجنرال موتورز، وستيلانتس، لديها مصانع في جميع البلدان الثلاثة. كما يصنع موردو السيارات الأمريكيون البضائع في المكسيك، ونحو 16% من قيمة السيارة المصنوعة في الولايات المتحدة مستمدة من العمل الذي يجري في المكسيك أو كندا. وشركات صناعة السيارات التي تعمل في المكسيك وكندا ستواجه خيارين، وهما إما تحمل الكلفة أو رفع الأسعار للمستهلكين. علماً بأنه في عام 2023، استوردت الولايات المتحدة منتجات زراعية من المكسيك تتجاوز قيمتها 45 مليار دولار، وفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية، وتشمل الفراولة والتوت والطماطم ولحم البقر.
كما استوردت منتجات أخرى بقيمة 40 مليار دولار من كندا، منها اللحوم، والحبوب، والبطاطس والزيوت.
وستواجه مواد البناء أيضاً ضغوطاً، في ظل استيراد نحو ثلث الأخشاب اللينة المستخدمة في الولايات المتحدة من كندا. كما تصدر كندا والمكسيك مجتمعتين أكثر من خُمس واردات الأسمنت الأمريكية. فيما نجت صناعة النفط الكندية من أسوأ رسوم ترامب الجمركية، مع فرض ضريبة بنسبة 10%، إذ سعى البيت الأبيض إلى الحد من التأثير التضخمي على سائقي السيارات الأمريكيين. حيث تعتمد الولايات المتحدة إلى حد كبير على واردات النفط الخام لتغذية مصافيها، إذ يأتي نحو 40% من النفط الخام المكرر في البلاد من الخارج. وتمثل حصة كندا 60%، والمكسيك 11%، وبالتالي الارتفاع الكبير في كلفة واردات النفط سيشعر به المستهلكون في محطات الوقود.
وقد أقر الرئيس ترامب، بأن الأمريكيين قد يشعرون «ببعض الألم» من الحرب التجارية الناشئة التي أشعلتها الرسوم الجمركية التي فرضها على كندا والمكسيك والصين، فمثلاً، أعلن رئيس الوزراء الكندي، رسوماً جمركية مضادة بنسبة 25% على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار كندي (107 مليارات دولار أمريكي).
وحتى يتسنى وضع قرار ترامب بفرض أوسع تعريفات جمركية في نصابه، يتعين علينا أن نُذكّر بأن الولايات المتحدة لم تُقدم على رفع التعريفة الجمركية على وارداتها في تاريخها، الذي يمتد إلى مئتين وخمسين عاماً، سوى ثلاث مرات. كانت أولى هذه المرات إبان الكساد العالمي، حين قام الرئيس هوفر بزيادة التعريفة الجمركية على أكثر من عشرين ألف سلعة وهو ما وصفه هنري فورد آنذاك مؤسس شركة فورد للسيارات بالغباء الاقتصادي.
وغني عن البيان ما أداه هذا الإجراء من حرب تجارية شعواء بين الدول التجارية والمعروفة بسياسات إفقار الجار التي لم ينجُ منها أحد، وأدت إلى تفاقم الكساد العالمي، وإطالة فترته لأكثر من عشر سنوات.
أمّا المرة الثانية، فكانت خلال فترة نيكسون عام 1971 وما آل إليه الاقتصاد الأمريكي من ضعف نتيجة لزيادة الإنفاق على حرب فيتنام، فما كان لنيكسون سوى وقف تحويل الدولار إلى ذهب، ورفع التعرفة الجمركية بنسبة عشرة في المئة على بعض السلع المحدودة بشكل منفرد دون سابق تشاور مع الدول الحليفة في إطار الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة والمعروفة باسم الجات، وهو ما كان محل انتقادات مشددة، باعتبار أن الولايات المتحدة تنتهك النظام والقواعد الدولية التي قامت بإرسائها. وقام الرئيس نيكسون بسحب هذا الإجراء بعد أربعة أشهر من إقراره.
وفي فترته الأولى، قرر ترامب رفع التعريفة الجمركية على الصلب والألومنيوم في خضم المنافسة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي في مواجهة اقتصادات الصين وأوروبا والدول الصاعدة. غير أن ما أثار دهشة الاقتصاديين أن ترامب لم يستند إلى حجة اقتصادية لاتخاذ مثل هذا القرار، خاصة أن الاقتصاد الأمريكي كان يسترد عافيته ويشهد تراجعاً في نسب البطالة. هذا ما دفع العديد من الشركاء التجاريين للتشكيك في استخدام حجة الأمن القومي للتدابير التجارية الأحادية.
ترى تحليلات أنه في حال سعي ترامب إلى رفع التعريفات الجمركية على جميع البضائع التي تستوردها الولايات المتحدة سنوياً، والتي تبلغ قيمتها 3 تريليونات دولار، فإن هذا المسعى سيواجه تحديات قانونية من الشركات المتضررة أو المستهلكين أو حتى أعضاء الكونغرس باعتبار تعدى ترامب لحدود الصلاحيات التجارية المفوضة من الكونغرس، الذي لم يمنح الرئيس سلطة واسعة لفرض التعريفات الجمركية تحت أي ظرف ولأي سبب يرغب فيه. وبدلاً من ذلك، يمكن لترامب الاعتماد على بند في قانون التجارة لعام 1974 يسمح للرئيس بفرض تعريفة جمركية عالمية تصل إلى 15 في المئة لمدة 150 يوماً رداً على عجز «كبير وخطر» في ميزان المدفوعات، مع الإشارة إلى أن هذا البند لم يستخدم من قبل.
واقع الأمر، لطالما كان لدى ترامب شيء ما يقوله عن التجارة، لأنه يراها بالطريقة ذاتها التي يرى بها كل شيء: لكونه اختباراً للسلطة والقوة. فالأمر كله يتعلق في ذهنه بمن يبيع أكثر: فإذا نجحنا في تحقيق فائض تجاري فسنفوز، أما إذا تعرضنا لعجز تجاري فسنخسر». وهو يرى: «عندما تخسر دولة عدة مليارات من الدولارات في التجارة مع كل دولة تقريباً تتعامل معها، تكون الحروب التجارية في هذه الحالة (جيدة) ويسهل كسبها».
والحقيقة أن التجارة ليست لعبة صفرية بحال، وإنما هي الشيء الذي يرفع الإنتاجية، أي ثروة الاقتصاد العالمي كله. فإذا ما أخذنا مثالاً متعلقاً بإنتاج الألمنيوم، فسنجد أنه من المنطقي أن يُنتج الألمنيوم، وباستخدام كميات هائلة من الكهرباء، في بلدان مثل كندا، لديها طاقة مائية وفيرة، وأن الشيء الطبيعي هو أن الولايات المتحدة، ستربح عندما تستورد الألمنيوم من كندا، سواء أكانت تعاني عجزاً تجارياً معها أو لا.
* أكاديمي مصري

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اخبار الاقتصاد اليوم التيسير المبكر ومخاوف التضخم
التالى اخبار الاقتصاد اليوم الشراء يتصاعد على الأسهم بدعم كبرى شركات العقار