اخبار الاقتصاد اليوم ما الذي يحدث لنظام عمليات الدفع الدولية؟ (2-2)

د. محمد الصياد*

اليوم، لإجراء عملية دفع ناجحة من روسيا إلى الصين، يجب أولاً - من وجهة نظر البروتوكولات الصينية للعمليات المالية مع الشركاء الأجانب (شركات ومستثمري روسيا الاتحادية في هذه الحالة) – التعرف على المكونات الثلاثة التالية: البضاعة/البضائع المراد دفع ثمنها، بنك المستفيد “Recipient›s bank”، وبنك المرسل “Sender›s bank”. وأسهل طريقة لمعالجة المدفوعات إلى الصين حين تكون مقابل السلع غير الخاضعة للعقوبات، والتي لا تندرج ضمن المجموعات 84 و85 و90 من رمز النظام التجاري الدولي المنسق للسلع والأنشطة الاقتصادية الأجنبية “HS Code” (رمز تجاري دولي يتكون عادة من ستة أرقام ويستخدم لوصف المنتج، وتسجيله على المنتج لتجنب عقوبات عدم الامتثال، أو التأخير على الحدود، أو مصادرة المنتج، أو رفض عملية استيراده)، ولا تتعلق بالمعدات والأدوات والإلكترونيات وقطع الغيار (Equipment، Tools/Devices، Electronics، Spare parts).
إذا كانت السلعة خاضعة للعقوبات، فالمتبع من جانب قطاع الأعمال الروسي (مع السوق الصينية على الأقل)، هو الدفع عبر وكلاء يتولون ترتيب المدفوعات عبر بلدان ثالثة. كذلك الحال بالنسبة لمجموعة السلع المدرجة في النظام المنسق 84,85,90. فالمُتّبع هنا أيضاً اللجوء لوكلاء الدفع. في بعض الحالات يتم الدفع مباشرة.
إذا كان لدى المورد في الصين حساب بالروبل، فإنه لا يحتاج للإشارة إلى رمز النظام المنسق، والمرجح دائماً، إتمام عملية الدفع بنجاح. صعوبة أخرى تتمثل في أنه عندما تصل الأموال إلى الصين، لا يتم تمريرها إلى المستلم إلا بعد تقديم بيان التصدير الخاص بالبضائع، أي بعد أن يتم شحن البضائع. فضلاً عن تحقق العديد من البنوك الصينية من رمز النظام المنسق المحدد في الدفع وفي بيان تصدير البضائع. فإذا لم يكن متطابقاً، يتم فوراً إرجاع الدفعة إلى روسيا، وقد يتم إدراج الدافع في القائمة السوداء. واعتباراً من 22 إبريل 2024، دخل البنك المركزي الصيني أو بنك الصين (Bank of China) مع فروعه على خط سداد المدفوعات الروسية. والنتيجة أن المدفوعات بدأت تسير بشكل أسرع من ذي قبل (تستغرق من أسبوع إلى شهرين). مع أنه في كثير من الأحيان يتلقى الدافع طلبات من بنك المستلم لتقديم توضيحات بشأن: نوع المنتج، استخداماته، معلومات حول المستلم النهائي، تقديم ضمانات بأن المنتج لا يستخدم للأغراض العسكرية.
علماً بأن روسيا بعد فرض العقوبات الغربية عليها في عام 2014، بدأت بتطوير بديل لنظام SWIFT يسمى نظام نقل الرسائل المالية (System for Transfer of Financial Messages - SPFS). فكان أن قلل استخدامه من تأثير العقوبات الغربية المفروضة على روسيا في عام 2022. على سبيل المثال، بالرغم من خروج VISA وMastercard، من روسيا، لا يزال بوسع الروس إجراء مدفوعاتهم باستخدام بطاقاتهم داخل روسيا. كما صار بالإمكان استخدام نظام SPFS لإجراء مدفوعات عبر الحدود. حيث انضم حتى أواخر عام 2023,557 بنكاً وشركة إلى النظام، بما في ذلك 159 بنكاً غير مقيم من عشرين دولة، هي في الأساس دول تربطها علاقات وثيقة بموسكو، مثل كازاخستان وبيلاروسيا وكوبا. وهناك مفاوضات للسماح للبنوك الصينية بالانضمام. وبالتوازي مع إعلان روسيا في عام 2023، لائحة تحظر استخدام SWIFT، بدأت البنوك الروسية بالتسجيل في نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك في الصين. ويشمل هذا النظام مقرضين صغاراً وكباراً، تعرض عديد منهم بسبب ذلك لعقوبات من جانب أمريكا والاتحاد الأوروبي، وتم منعهم من استخدام نظام سويفت. وفي عام 2023، انضم ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين بنكاً روسيّاً لنظام الدفع عبر الحدود بين البنوك، ما أدى إلى ارتفاع متوسط ​​عدد المعاملات اليومية عبر نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك بنسبة 50% في عام 2022، و25% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023.
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية